في زمن الصوم المبارك وعلى مشارف الامل بقيامة البلد من اتون الجحيم إلى نعيم الحياة السعيدة، ما أحوجنا إلى جرعة اضافية من الايمان، علنا نمعن في استنشاق الامل لنتقن جيداً ثقافة المحبة والاحترام والود.

وفي زمن الانبطاح التخاذلي الذي يشهده قطاع السينما في لبنان لم يكن في وسعنا الا ان نصفق عالياً لنقولها بالفم الملآن هنيئاً لنا وللبنان وللسينما اللبنانية بفيلم "مورين" القديسة المتنكرة الذي حظي بإجماع اهل القلم والنقاد في العرض الأول له.

هذا الفيلم الذي يأتي على قدر من تطلاعتنا للنهضة بالسينما اللبنانية إلى مكانة مرموقة تتصدر واجهة الثقافة في هذا البلد الذي لطالما كان رائداً في كل شيء.

الفيلم الذي انتجته الاكاديمية اللبنانية للسينما LFA وSpirifilm يروي القصة الحقيقية عن القديسة مارينا التي تحدت المستحيل لتعيش في بيت الله، وهو اول فيلم تاريخي في السينما اللبنانية يعود بنا الى الزمن البيزنطي، مما استدعى بناء قرية في جنوب لبنان لتصوير مشاهد الفيلم، كما تم تشييد دير في قنوبين لتصوير مراحل من حياة Morine في القلمون، مسقط رأسها.

حياة مؤثرة للقديسة اخرجها بإتقان مفرط طوني فرج الله عن تلك القديسة التي تحدّت ذاتها والمجتمع، فتنكّرت وتورّطت ودفعت الثمن غالياً... وكل هذا من أجل من؟

لن نغوص في تفاصيل العمل على الاطلاق لنترك للمشاهد متعة الحضور الزهو بنفحة ايمان كفيلة بأن تخرج من العمل وانت ممتلئ من الحب والنعم والصبر والسلوان.

لكننا سنعرج وبإسهاب على الاتقان والاحتراف في التصوير والاخراج والكاستينغ والنص. فالعمل احترم وبشدة عادات الرهبان السريان انذاك والذهنية التي كانت سائدة، وقد بدا ذلك جلياً من خلال النص والعديد من المشاهد ومن خلال لفظ الكلمات السريانية بطريقة خالية من الاخطاء والشوائب.

عمل ديني تاريخي كهذا يراعي الكثير من المعايير اللاهوتية، فلم نجد اي هرتقطة على الاطلاق وهذا أمر في غاية الاهمية والحساسية في الوقت ذاته. وهنا لا بد من الثناء على المخرج الذي عمل على ادق التفاصيل في العمل التي تظهر الحقبة كما هي وذلك من خلال الاواني التي كانت تستعمل في المطبخ ونقصد "الدست" والملاعق والفخار وغيرها. ناهيك عن الصورة الرائعة التي اعادتنا حقيقة إلى تلك الحقبة التاريخية من دون اي اخطاء تذكر على الاطلاق. فضلا عن الوان الصورة المشبعة بطريقة سينمائية محترفة وبعملية مونتاج متقنة وموسيقى أظهرت العمل بحلة عالية.

العمل من بطولة كارمن بصيبص التي لعبت دور القديسة مارينا بإتقان، ومنير معاصري الذي أبدع في أداء دور جد Morine، وحسن فرحات الذي أدى ببراعة دور والد Morine، وغسان مسعود الذي وضع بصمته الخاصة في الفيلم، وتقلا شمعون فرج الله التي أتقنت، وكما عودتنا، أداء دورها بإحتراف عالٍ، حيث أنها تجسد في الفيلم دوراً من أصعب الأدوار، ومنير كسرواني الممثل صاحب الحضور المميز، وأويس مخللاتي أدى دوره على أكمل وجه حيث يلعب دور كاهن في العمل بعدما إعتدناه بأدوار المافيا والعصابات في مسلسل الهيبة، والطفلة كلويه ناجي نهرا التي أدت دور القديسة Morine في طفولتها ونجحت في إقناعنا بأدائها الجميل، والممثلون وفاء حلاوي، بول سيف، حسام الصباح، رينيه غوش، علي سموري، سمارة نهرا، جوزيف عبود، بسمة بيضون، آجيا أبو عسلي، الأطفال دانيال أبو شقرا، مارون كساب وناي بو أنطون وغيرهم الذين أبهرونا جميعهم بأدائهم.

وكان إفتتح وزير الإعلام ملحم الرياشي العرض الأول للفيلم السينمائي في "غراند سينما" abc في فردان، وسط حضور أسرة الفيلم وشركة الانتاج وعدد من الفنانين والاعلاميين والمهتمين.

وفي المناسبة، قدم الوزير الرياشي درعاً تقديرياً إلى الجامعة اللبنانية - الاميركية في بيروت، والذي يعد المخرج فرج الله أحد أساتذتها.

Morine يُعرض في جميع صالات السينما اللبنانية، فيلم يستحق فعلاً المشاهدة.

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً، إضغط هنا .