كل ما يواجهنا في الحياة، يرسمه القدر الذي يخطّ مسار حياتنا بقلمه، وكم هو عميق وذكي في خِياراته والاّ لما كان جمع بين هذا الثنائي الجميل قلبا وقالبا كما فعل مع كل من السيدة مارينا واكيم والنائب غسان مخيبر، وذلك لما يملكانه من قلب كبير وعاطفة وإنسانية وتواضع.

هو رجل الظل في حياتها وخصوصا في ما يخص مبادرتها الانسانية للعناية بالمسنين المتروكين، واذا كانت له مساهمة فيها مهما كان نوعها، فهو يرفض التطرق للامر او ان تُسلّط الاضواء عليه في هذا الموضوع. اما مارينا، فهي الرقيقة المملوءة عاطفة، والتي تسبقها الدموع كلّما تحدثت عن رسالتها التي تسعى الى تحقيقها والتي تتمحور حول المسنين وعدم تركهم لمصيرهم، لدرجة انني سألتها ما اذا كانت متأكدة من انها تستطيع التماسك لتؤدي التراتيل من دون ان تنهار بكاء؟ فأجابت بأنها غير واثقة من ذلك!!
عن لفتتها لدعم المسنين وخطواتها في هذا الاطار، كان لنا مع السيدة مخيبر الحديث التالي:

بداية اخبرينا عن هذه الامسية واهدافها؟
يمكننا اعتبارها سهرة صلاة، اقدم فيها تراتيل للملحن والمؤلف جان كلود جيانادا، الذي حضر خصيصا من فرنسا لنقيم معا هذا الاحتفال الديني بهدف مساعدة المسنين المنسيين والمتروكين لتأمين وجبات الطعام مجانا لهم في كنيسة ودير مار انطونيوس البادواني- حرش تابت.

لـ جان كلود، اكثر من الف ترتيلة اخترت منها 10، وقمنا بترجمتها حرفيا لتحافظ على معناها الاساسي، وقد ساعدني كثيرا في ترجمتها الى العربية الاب يوحنا خوند، وهي تراتيل معروفة ومألوفة لدى الجميع، الا انها اصبحت اليوم على CD وبالعربية، وقد أقمنا اول احتفال للترويج للـ CD الذي تعود ايراداته لمساعدة المسنين، في الكنيسة التي تُعنى بتأمين الطعام لهم، اي كنيسة مار انطونيوس البادواني، وكانت مناسبة ناجحة ومؤثرة جدا، واليوم نقيم هذه السهرة الدينية في كنيسة القديسة ريتا في سن الفيل، للغرض نفسه.

كيف أتت مشاركة جيانادا شخصيا في هذه الامسية؟
لقد فرح كثيرا لاختيارنا اعماله وترجمتها، كما أُعجب بالطريقة التي نفذنا فيها السي دي ومستوى العمل، ورغب في ان يشاركنا شخصيا النشاطات التي يعود ريعها لقضية انسانية معينة وهو الامر الذي درج عليه في بلده حيث يبيع اعماله ويقدم ريعها في اعمال خيرية، وبالطبع مشاركته معنا مجانية ونحن نقدر كثيرا لفتته هذه.

كيف وقع الاختيار على أعمال جيانادا؟
بدأت الفكرة انطلاقا من انتاج تراتيل يعود ريعها لمساعدة المسنين، ووقع الاختيار على جان كلود لان تراتيله معروفة كثيرا في لبنان وكلنا نرددها في الكنيسة. وكان للحبيس يوحنا خوند اياد بيضاء في الترجمة، اما التوزيع الموسيقي فكان لـ جان بول جلوان.

ولماذا المسنين تحديدا؟؟
وضع المسنين وللاسف بات محزنا للغاية، ففيما كنا بالسابق نجد من يعتني بهم في بيوتهم وضمن العائلة، نجد الكثيرين اليوم يلجأون الى الدور الخاصة بالمسنين لتولّي امرهم ما افقدهم دفء المنزل والعائلة، وانطلاقا من ذلك، نحن نتطلع الى الالتفات اليهم للتخفيف قدر الامكان من اوضاعهم وتأمين الطعام والمال لهم ليعيشوا بقدر مقبول من الاهتمام والرعاية، حتى الآن في كنيسة مار انطونيوس يومي الاثنين والاربعاء ويوم الثلاثاء من كل اسبوع في كنيسة القديسة ريتا في سن الفيل.

وهل تفكرين بمشاريع اخرى في اطار الاعمال الخيرية؟؟
نعم بالطبع، ما نقدمه اليوم كان فكرة واستطعنا ان نترجمه على ارض الواقع ونتمنى ان نتمكن من تحقيق المزيد.

الى اين تتمنين الوصول؟
صراحة طوال عمري وخصوصا اليوم بوجود زوجي الى جانبي، اجد الدعم الكامل في القضايا الانسانية والمساعدات التي احاول ان ابادر فيها في كل الحالات الملحة والتي تحتاج الى دعم. ما من امور او افكار محددة، ومثل ما الله بريد.

الاب جان بول ابو غزالة، كاهن الرعية والاب المسؤول عن هذه المبادرة في كنيسة القديسة ريتا – سن الفيال، قال عن اهداف الامسية الدينية انها تقام لتوجيه الناس اكثر نحو الصلاة في امسية تحمل عنوان "امسية ترتيل وصلاة"، ولتعريف الناس على صاحب الحان وتراتيل يعرفونها جيدا ويرددونها في الكنائس في الطقس اللاتيني، من دون ان يعرفوا من هو مؤلفها، ونحن نريد ان نُعرّفهم عليه، اضافة الى سبب مهم آخر وهو مساعدة المسنين من المحتاجين الذين لا معيل لهم حتى اننا نستقبل الكثيرين ممن هم من اديان اخرى، المساعدة لدينا متاحة للجميع. كما اننا نسعى روحيا واجتماعيا لالتماس روح الله لدى الكثيرين من الميسورين ليتطلعوا الى القضية التي نعمل من اجلها ويساهموا في المساعدة في خدمة الانسانية.

اما عن مشاركة جيانادا شخصيا في هذا الحدث ، فيعتبر الاب ابو غزالة ان هذا الامر هو على جانب كبير من الاهمية لانه يزور لبنان للمرة الاولى ومعنى هذه الزيارة كبير جدا ممن عُرف بالشاعر الجوال شاعر التراتيل التي يرددها الجميع والتي تتاح اليوم للبنانيين فرصة التعرف على من يرددون اعماله باستمرار من دون ان يعرفوا من هو. كما ان اعماله تُرجمت الى لغات عديدة اخرى ونحن نترجمها اليوم الى العربية بمساعدة الحبيس يوحنا خوند.

اماالنائب غسان مخيبرزوج مارينا، فقال عن شعوره في هذه المناسبة ودعمه لزوجته: "انا فخور جدا، حبي لمارينا غير متناهي واعجابي بها غير متناهي وطاقتها على الحب والمساعدة وحبها للموسيقى والجمال كلها تدعو الى التقدير والاعجاب. ان لقاءها اليوم بـ جان كلود جيانادا مؤثر جدا، فهو الذي عملت على ترجمة اعمال مختارة له وادتها بصوتها، وصوتي التفضيلي بأكمله هو اليوم لزوجتي وايضا ادعمها لان القضية الاجتماعية التي تعمل من اجلها هي قضية محقة. صحيح اننا نعمل في لبنان على الاهتمام بكل المحتاجين الا ان المسنين هم الاقل حظوة في هذا المجال ولهذا السبب انا اشجع كثيرا المبادرات التي بدأت للاهتمام بهم مع الاب هدايا والاب جليل والاب ابو غزالة وآخرين ممن يكرسون لهم الكثير من وقتهم ومحبتهم واهتمامهم.

ويتابع: اني اوجه دعوة للسياسيين ليس فقط ليهتموا بجميع الناس بل ايضا بالمسنين لانهم متروكين ومهملين، هم ينشغلون بالامور والقضايا الكبيرة وينسون الاصغر منها، ان الالتصاق بهذه القضايا هو شيء جميل ومفيد ويُدخل الفرح الى القلوب، انا اشكر مارينا كثيرا على هذا الشيء.

وبعد سؤالنا له عمّا يجمع بين السياسة والموسيقى، قال ان السياسة فيها حالة من الخراب الموسيقي والموسيقى تُعلّم الانتظام انتظام الانغام وتناغم المواقف حتى حين تكون مختلفة. لهذا نحن نسعى الى تعليم الموسيقى لانها تعلّم على الانتظام....على كل حال، اليوم بالنسبة لي هو يوم هدنة من السياسة لي ولكل الحاضرين، وشكرا لمارينا على هذا الامر.

اماجان كلود جيانادا، فهو شاعر وكاتب ومؤلف موسيقي فرنسي، يشتهر بما يمكن اعتباره اغنيات دينية، ومعظم اعماله حفظها الناس وترسخت الحانها في اذهانهم من دون ان يعلموا من هو مؤلف هذه الاعمال الرائعة التي اصبحت ملازمة للقداديس والمناسبات الدينية على انواعها. جان كلود عبّر عن حبه الكبير للبنان هذا البلد الذي له في قلبه مكانة خاصة، انه بلد الايمان والجمال، وهو حضر خصيصا الى لبنان لتشجيع مارينا على مبادرتها الانسانية.

بدأت الامسية بكلمة لكاهن رعية سانت ريتا الاب ابو غزالة، شدد فيها على ما تقوم به السيدة مخيبر التي ينطبق عليها وعلى زوجها المثل وراء كل رجل عظيم امرأة، وايضا وراء كل امراة عظيمة رجلا يدعمها ويعضدها في خطواتها ، متمنيا للجميع امسية ايمان وترتيل وصلاة "فكل من رتّل صلّى مرتين".

افتتح الامسية جان كلود جيانادا بـ Qu’il est formidable d’aimer، ثم Magnificat، ثمTrouver dans ma vie ta pre’sence . وبين ترتيلة واخرى تكلم عن يسوع وعلّق وأدّى بحماس وفرح وتحدث عن فحوى ومعنى هذه التراتيل.

ثم بدأت مارينا بـ "امام ايقونتك" التي شاركها فيها جان كلود ، فباتت اجواء الكنيسة وكأنها عرس لتمجيد الخالق والشدو بمحبته وعظمته. ثم وجّهت السيدة مخيبر كلمة بالفرنسية شكرت فيها جان كلود على مبادرته وحضوره شخصيا للمشاركة والتشجيع، ثم تحدثت بالعربية عن فكرة السي دي والطريقة التي تمت فيها ترجمة التراتيل ودور الاب الحبيس يوحنا الخوند في الموضوع، وانها غالبا ما كانت تشكره على مساعدته في هذا الاطار بMerci او Thank you، فطلب منها ان تشكره فقط بكلمة "ممنونة" لانها الكلمة الوحيدة التي تعبّر عن الامتنان. شارحة اسباب إقدامها على هذا العمل للدعوة الى الصلاة، الاهتمام بالعائلة ومساعدة المسنين المتروكين، شاكرة كل من دعموها لكي يبصر سي دي "ملحٌ للارض"، النور، كما خصّت بالشكر والدتها وزوجها.

بعدها قدمت" ملحٌ للارض"، ثم " ربّي اليك"، " دع مصباحي مُشعَلا". تراتيل شاركها فيها بين الحين والاخر ليقدم بعدها Je be’nirai le seigneur en tout temps, Je mets olans tes mains, Toutes ma force.

ثم قدمت " مريم انت لنا الحنان"، "ربّي لم"، "مع مريم"، "يسوع ها انا قربك"، "انت يا مريم العذراء"، ثم "شوق كبير".

الفرقة الموسيقية التي عزفت خلال الامسية تألفت من: جان بول جلوان(غيتار)، وسام عبود (غيتار)، مايا معلوف (فيولان)، وحنا سمعان (تشيللو).

وفي ختام هذه المناسبة التي حضرتها شخصيات وفعاليات وجمهور كبير من المؤمنين والمسنين، قدم النائب مخيبر باقة ورد لزوجته، كما تم تبادل الهدايا الرمزية.

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً، إضغطهنا.