فيما يلتهي بعض الفنانين اللبنانيين بحُمى التصنيف و الترتيب في ما يخصّ الصفوف من أوّل إلى ثانٍ إلى لانهائي، و فيما يلتهي البعض الآخر بتعداد المتابعين الأصليين و "الوهمييّن" على مواقع التواصل الإجتماعي، هناك من الفنانين من يتابع عمله بحرفيّةٍ ودقّة من دون التلهي بطواحين الهواء الدونكيشوتيّة . كارلوس، إسمٌ ضرب الأجهزة الصوتيّة في السيارات منذ أوائل الألفيّة الثالثة، فمن منا لم يعززّ شعور الإنتصار بعد حرب تموز (يوليو) عام 2006 بصوت كارلوس يدمّر تل ابيب بأغنيته الشهيرة، و من لم يتّبع أسلوب كارلوس بتركيب الكلام و القافية على لحن أغنيّةٍ مشهورة؟! و من لم يجعل من حياة السهر في النوادي الليلية على نفس الوتيرة و السقف الذي رفعه هو عالياً منذ تلك الأيام؟ إلى أن أصبح كارلوس كما يُقال بلغة الإقتصاد "ماركة شاملة" Generic Brand أيّ أن كل فنان يغنّي هذا الأسلوب في الغناء نربطه مباشرةً بـ كارلوس، لأنه هو كان السبّاق بخلق دمج الأغاني بحرفيّةٍ بحيث يربط ما بينها بذكاءٍ موسيقيّ، عبر الإنتقال من أغنية إلى أخرى بإبداعٍ و حنكة.

أصدر كارلوس عدّة أعمالٍ خاصة ، "ما بشبع" و "جبتي آخرتي" كما غنّى لقضاء الكورة المنطقة التي ينتمي إليها بفخر، إلا أنه يبقى الأشهر و الأكثر طلباً في الحفلات، السهرات و الأعراس لأنه يدرك جيداً من أين تؤكل كتف الحماس، و بأيّ بارودٍ غنائي "يولّع" الجوّ، وهذا ما يظهر جلياً في الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الإجتماعي ، بحيث يصعب على المشاهد أن يلاحظ أيّ شخص من الحضور وهو جالسٌ على كُرسيه لا يتفاعل مع الغناء. السهرة عند كارلوس في ملهى الـ Volume في بيروت غير إعتياديّة، هناك يجتمع الأصحاب على عيد ميلاد أحدهم، يحتفل إثنان بذكرى حبّهما و لقائهما، أو يلتقي الزملاء والرفاق بليلة من الرقص المتواصل ، ينهون بها أسبوع عمل طويل مليء بالمشاكل، زحمات السير وخنقة المشاكل على الطراز اللبناني. الخارج من الملهى مختلف عن الذي دخل إليه، لأنه يخرج بعد تمضية ساعات من الإستمتاع بالموسيقى و الأغاني بصوت كارلوس، فكل ضيف هو مميّز، له التحيّة والسلام من على المنصّة، كل ضيفٍ هو مالكٌ للجو، وجزءٌ لا يتجزأ من حماسة السهر.

قلّده الكثيرون، إتّبعوا أسلوبه وطبّقوا وصلاته الغنائية، إلا أن كارلوس يبقى ذكياً في دمج الأغاني، ويكاد يكون الأقدر على صناعة "سهرة" لا تُنسى.