في زمن حرب الأرقام بين المحطات اللبنانيّة، يبقى المشاهد بعيداً عن عملية تعداد الرايتينغ من قبل إدارات هذه المحطات، التي تتسابق على تسجيل نقاطٍ في مرمى الإحصاءات لكي تفتح شهيّة شركات الإعلانات و تأثّر على خِياراتها في الرعاية الرسميّة للمسلسل أو الرعاية الثانويّة ما يُعرف بالـ co-sponsorship .

المشاهد لا تعنيه الأرقام و لا يتأثّر بأيّ بروباغاندا تسويقيّة تحت العناوين الطنانة، "نحن الأوائل حسب الإحصاءات" ،" بعد النجاح الكبير بالأرقام"، "إحتلّ المسلسل المرتبة الأولى"، يجب على المحطات أن تتوقف عن التباهي لأن هذا الأخير لن يجدي نفعاً و لن يغيّر في معادلة الجمهور، و لن يحرّك الريموت كونترول من يدّ المشاهد. ولكن في ما يخصّ شركات الإعلانات، والتي تعرف جيداً أن LBCI تبقى الرقم واحد في الدراما، فهي تأخذ هذه النقطة بعين إعتبار تجيير إعلان المنتج الذي يستهدف فئة المستهلكين المحددة أو ما يُعرف بالـTargeted segment ، فلماذا الـ LBCI هي الأولى بالدراما ؟ سؤال لا يليقُ به إلا الجواب العلمي:

أولاً ، المحطة عملت على "رعاية" فئة "الكنبة" أو ما يُعرف باللغة التسويقيّة العلميّة بالـ couch potato ، هذه الفئة التي تصل إلى حدود ال 13% من المشاهدين، وهي تتكوّن من فئات المشاهدين الذين يلازمون منازلهم بشكلٍ دائم و مستمرّ و يعتمدون على التلفزيون كشريك لروتين حياتهم، فلا يغادرون المنزل كثيراً لأسبابٍ مختلفة و متنوّعة، هذه الفئة تعتمد على هذه المحطّة التي وسّعت بيكار الشعبيّة تحت إطار الإستهداف العام أو ما يُعرف بالـ Mass Targeting على عكس محطاتٍ أخرى تتوجّه إلى طبقة أرستقراطيّة على شفير الإنقراض أو فئة سياسيّة أو حتى للأسف طائفيّة و حزبيّة، ميزة هذه الفئة أيّ "الكنبة"، أنها تلتزم بالمحطة مهما كانت المادة المقدّمة لهم عبرها، و لهذا السبب تنجح الـ LBC بالحصول على نسبة مشاهدة عالية لمسلسلٍ يُعرض للمرّة الثانية وحتى الثالثة، كما يحصل اليوم مع مسلسل "الهيبة" التي لامست أرقامه ال 10% من الترقيم التقديريّ المتنامي Growth rating point.

ثانياً، شعبيّة المسلسل ليست منوطة بالاسماء أيّ الممثلين و الكتاب و المخرجين، وهذا ما تدركه المحطة جيداً على عكس بعض المحطات الأخرى التي تسحرها الأسماء و تغريها القشور، فالقصة الجميلة لمسلسلٍ لم يحظ بإنتاجٍ كبير، لكن بتوقيت عرض جيّد "مدروس" يحصد الأرقام المبتغاة و أكثر، كما حصل مع مسلسل "ياسمينة" كانت القصة و توقيت المسلسل من أهمّ عناصر نجاحه الباهر، LBCI تعرف كيف تختار المسلسل و الأهمّ انها تعرف متى تختاره.

ثالثاً ، الترويج للمسلسل أكثر من مهمّ، عندما تشاهد الإعلان الترويجي للحلقة المقبلة لمسلسلٍ يُعرض للمرة الثانية أو العاشرة على الـLBCI تتحمّس لدرجة تشعر فيها أن المسلسل يُعرض للمرة الأولى، إستخدامها للمشاهد المنتقاة بعناية، الموسيقى، سيناريو الكلام الترويجيّ، مع المونتاج المحترف كلها عوامل جعلت من الإعلان الترويجيّ عنصر نجاحٍ للمسلسل الدراميّ.

رابعاً، التنويع الذي يشبه تنوّع الناس، وهذا ما نجحت في تطبيقه المحطة، عبر إختيار المسلسلات التي تشبه مشاهدي المحطة، بإختلافاتهم العمريّة، الإجتماعيّة، العرقيّة ... فليست كل المسلسلات المختارة هي لجميلاتٍ و فاتنين، لحياةٍ ماسيّة لم تعد بحسبان أحلام الناس حتى، بل تشاهد باب الحارة مثلاً بعد "وين كنتي" ، لأن المحطة تتجرأ أن تقدّم المسلسل الذي ترفضه المحطات المنافسة، لحساباتٍ ديموغرافيّة تكون بمعظم الاوقات خاطئة.

هذا بالإضافة إلى دراسة المُنتَج أيّ المسلسل من ناحية سوق المشاهدين، و الموسم، والتوقيت، وبرمجة الإعادة على أساساتٍ علميّة ، و الأهم هو الإستفادة من البرامج "الناجحة" وليس كل البرامج في ترويج المسلسل، ولهذا الموضوع تتمّة.
​​​​​​​هكذا تبقى LBCI هي الرقم واحد في الدراما ، وفي أعلى القائمة على حسابات شركات الإعلانات.