هو ليس بالمغني العادي، ممن يتأبطون المايكروفون تحت إبطهم ليصفقوا لأنفسهم على المسرح، هو ليس كالصورة النمطيّة لفناني هذه الأيام ممن يحيّون الجيوب الممتلئة عبر مكبّر الصوت، يبيّضون من خلال تحياتهم طناجر زبائنيّة الملهى، هو ليس من ذوي عادات "شدّ" الأوتار الصوتيّة و إبراز عضلات الصوت للتعويض عن إحساسٍ مفقودٍ في الغناء. فهو جورج نعمة، بسيطٌ بالكلام و اللحن و التعاطي مع الجمهور، يعطي الأغنية حقّها أكثر مما يُعطي نفسه أو الضوء المسلّط عليه، وهنا مكمن القوّة و مركز التمييّز. أطلق جورج نعمة مؤخراً أغنيته الجديدة "يا غيم"، وهي من كلمات المبدع جورج خبّاز و من الحان جورج و ايلي نعمة. كلماتها تُشبه كاتبها، رقيَّ ظاهرَ بالتعابير الكلاميّة، عمقٌ إشتقنا له في الأغاني، و صورٌ خياليّة مرسومة في المضمون. جورج "دندن" في الاغنيّة و هي مسجّلة طبعاً و ليست مباشرةً من أيّ حفلٍ أو مهرجان، لمسة جميلة تعكس "طرب" جورج وهو يؤدي الأغنية، كما تماشيه مع روحانية الكلام.

الأغاني التي يقدّمها في كل مرة ، مختلفة عن أجواء السهر و "الشخلعة" هذا صحيح، وهنا تنحصر الأغنية ضمن أجواء الهدوء و السكينة، لحظات الحنين و الكتف المتكي على طرف نافذةٍ مبللةٍ بالمطر. هذا ما يثبت أيضاً نظرية تلازم الأغنية بشخصيّة الفنان، فالإناء ينضح بما فيه و الفنان يغنّي ما يشبهه بوعيه و لا وعّيه.

في الاغنية حبيبٌ يبحث عن هذا النصف المُكمّل، يحاكي الغيم السارح في مجاهل الدنيا و مغاربها، غيمٌ يرى الكل من فوق حتى المبعدين عن بعضهم يسكنون تحت سقفه الأبيض. صوته المجروح تعب من ياء النداء، فوكّل هذا الغيم إيصال صوته إلى الحبيب الموعود.

أغنية حقيقيّة غير تجاريّة، تعبّر عن رومنسيّةٍ لا يعيشها جيل العالم الإفتراضي، البعيد عن ورقٍ عاشقٍ و حبرٍ حنون. هكذا هو جورج ، وكأنه من عصرٍ قديمٍ يعايش عصرية التفكير و المظهر. خطوةٌ موفّقة من جورج، الذي أمضى صيفاً لامعاً بالنجاح ، دخل القفص الذهبي في شهر تموز و من بعدها دخل عالم المهرجانات بجماهيرها الذهبيّة، فكان الأكثر طلباً لهذا الصيف ، و حقق أرقاماً تليقُ بطموحهِ.

"يا غيم"، أغنية يطرحها جورج إلى جانب إستعداداتٍ مهمّة على صعيد التعاون مع أسماء معروفة في الفن، الأمر الذي يجعلهُ يعيش فوق الغيوم، فوق حيث سماء الشهرة بزرقة الأمل.