إسم من أسماء المبدعين وفكر سبق الزمن برؤيته المستقبلية ونظرته الصائبة إلى واقع الأمور وتطورها.


ينبذ الظلم ويتمرد مفجراً مكنوناته على الورق وعلى خشبة المسرح وفي تربية الأجيال التي تُحسد على هذا المعلم الفذّ الجريء.
رفعت طربيه كان له هذا اللقاء الشامل والصريح لموقعنا:

ماذا تقول للناس الذين يسألون عنك، اين انت اليوم؟
انا في لبنان بالطبع، انا في مرقد العنزة، ولديّ الكثير لاقوم به وخصوصا مع انطلاق العام الجامعي الجديد كما انني ملتزم بالعمل الاخير لفرقة كركلا التي تُعدّ للقيام بجولة عالمية، اضافة الى مشاركتي في فيلم "القضية رقم 23" الذي بدأ عرضه في الصالات.

جمعتك صداقة قوية وعميقة جدا بالراحل المسرحي الكبير ريمون جبارة، حتى انك بعد رحيله دأبت على فتح خط هاتفي معه باسم"الو ريمون"، على غرار المكالمة التي كان يجريها مع جدته "الو ستي"، ليشكي لها هموم الحياة والاوضاع في لبنان. لو اجريت معه هذه المكالمة اليوم، ماذا كنت لتقول له؟
كنت أسأله ما اذا كانت الاوضاع عنده افضل ام اكثر سوءا مما هي عليه عندنا!! مع تأكدي من انه ما من وضع أسوا من الذي نعيشه. في لبنان ممنوعة الانتصارات ممنوع اي شيء، ممنوع التفكير وكل شيء غير مسموح، الممنوعات ازدادت كثيرا "وعم نرجع لورا" والاوضاع برأيي في السابق كانت افضل.

لطالما عُرفت بالمسرحي المتمرد، الى اين اوصلك تمردك؟ هل استطعت تغيير شيء من خلاله؟
برأيي انها ليست وظيفة المسرح ان يغيّر السياسة ممكن ان يغير الناس ولكن ليس السياسة. ممكن ان يأتي المسرح بالانسان اليه ليتثقّف، ليشاهد مسرحية ما او ليقرأ عن موضوع ما او ليشاهد لوحة ما او اعمالا فنية، او يحضر فيلما سينمائيا. هو يُرغّب الانسان بالاعمال الفنية والفكرية والابداعية. التقي بالكثيرين ممن يقولون إن على المسرح ان يساهم بحصول التغيير السياسي الا انه لم يلعب هذا الدور تاريخيا ولم يستطع يوما ان يحقق اي تغيير على هذا الصعيد.

في العام 2014 ترشحت لرئاسة الجمهورية، هل تنوي ان تترشح مجددا لهذا المنصب يوما يوما؟؟
بالطبع، انا ماروني ومن حقي ان اترشح لرئاسة الجمهورية.

وهل سيكون بمقدورك التغيير في حال حققت ذلك؟
لن استطيع ان اغير شيئا الا انني على الاقل سأتمكن من ان اقول رأيي ببعض الناس علنا وبصراحة!

وماذا لو تمكنت من اتخاذ اجراءات تجاه هؤلاء، ماذا تفعل بحقهم؟
أُقدِمُ على شنقهم....لو عُلّقت المشانق منذ زمن لما كان الحال مثلما هو عليه اليوم.

ما هي الاعمال التي قدمتها ولها مساحة خاصة في قلبك؟
انا احب كل الاعمال التي قدمتها ولكل منها مكانتها لديّ، مثل: شكسبير ان حكى، نساء الساكسوفون، هاملت، حرب في الطابق الثالث، شربل، جبران، صخرة طانيوس وغيرها. كلّها مسرحيات مهمة ومحطات رَسمت الصورة الموجودة في ذهن الناس عني، وأحب ان احافظ على هذه الصورة.

وماذا عن التعامل مع كركلا؟
التعامل معهم ممتع جدا وفي مسرحهم نواجه اكبرعدد ممكن من الجمهور في حفلة واحدة، في المسرح الاختباري يحضر 300 او 400 شخص على ابعد تقدير بينما في مسرح كركلا نقدم العرض امام حوالي 15 الف شخص. انه حقا شيء جميل وشعور رائع وتجربة جميلة جدا. كما ان في مسرح كركلا هناك دور تمثيلي اساسي، ولكن ما يجب ان يعرفه كل من يشارك في عمل لكركلا، ان الجميع في هذا العمل هم في خدمة الرقص والراقصين وليسوا في خدمة التمثيل والاداء المسرحي وكذلك الغناء، هما جزءان يكمّلانه الا انهما ليسا اساسيين فيه. وفي الترتيب من حيث الاهمية في مسرح كركلا يأتي الرقص ثم الغناء فالتمثيل.

ما هو العمل الذي لم تقدمه بعد وتعتبره هدفا تصبو اليه؟
اعمال شكسبير، كل اعمال شكسبير هي هدفي وأحبها واذا كان لا بد من الاختيار فانا اختار اوتيللو وهو من الاعمال التي ارصدها دوما وخصوصا دور ياكو فهو الشخصية الاساسية في هذا العمل الا انه لم يُطلق اسمُه على العمل لانه شخصية سلبية.

هل تفكر يوما ما في العيش خارج لبنان؟
حاولت ولم أنجح في ذلك! هناك شيء ما في هذا البلد رغم كل كوارثه يشدك اليه وهذه بحد ذاتها كارثة! تشدنا اليه الصخرة والعشبة والشجرة ورائحة الارض والتراب. اهم مكان بالنسبة الي والذي احبه كثيرا هو ضيعتي اللقلوق حيث تربيت وعشت طفولتي وحبي لها وتعلقي بها يشدانني اليها من حيث أكون في العالم، وهي تشدّني الى العودة للبلد، حب لبنان يسكنني.

اذا اردت العيش في الخارج اي بلد تختار؟
بالطبع اختار ايطاليا.

ولماذا تختار ايطاليا؟
اولا لانه شعب "أزعر" مثلنا، وثانيا لان حتى شوفور التاكسي هناك فنان.....بلد الفنون ايطاليا.

هل جيل المسرح اليوم هو على قدر طموحك؟
للحقيقة، هناك عدد كبير من الشباب المهمين في الحركة المسرحية ولكن ليس هناك من مسرح! هناك غياب كلي للمسرح لانه لا يمكن ان يستمر من دون دعم مادي، ومن دون حريات. المسرح لا ينطلق ما لم يكن هناك دعم ومناخ حريات وبحبوحة. مثلا لن ترسلي ابنتك لتعلميها الباليه او التمثيل فيما الثلاجة في منزلك فارغة ولا ماء فيها، يجب ان تملأيها وعندها تكون لديك المقدرة على ارسالها، وملء البراد اليوم بات امرا صعبا، الفقر تسلل الى مجتمعنا وأثر فيه.
لقد أُلغيت في لبنان الطبقة الوسطى التي كانت موجودة وبقوة وانتهى في لبنان المجتمع ذو العلاقة بالمسرح، هذا كان موجود قبل العام 1975، كان الشعب مرتاحا وقادرا على السفر والتنقل وشراء منزل في الجبل واقتناء سيارة فخمة، كانت للّيرة اللبنانية قيمتها وحين كنا نسافر الى فرنسا وفي جيبنا الف ليرة، كان الامر يشكل قمة الرفاهية. كانت الليرة قوية جدا وكان الفرنك الفرنسي يعادل نصف ليرة لبنانية. الطبقة التي يهمها المسرح لم تعد قادرة على مجاراته واصحاب المال تشغلهم قيمة اموالهم وليس المسرح، علما ان الغنى ليس امرا سيئا فمن منا لا يفرح لاقتناء طائرة خاصة وسيارة فخمة وقصرا؟ الا ان هذا يشغل الناس عن المسرح والتثقيف. وقلة هم من يستطيعون التوفيق بين الاثنين، الطبقة الغنية لا تقيم في البلد بشكل دائم ولا يهمها امره كونها تملك اكثر من باسبور وتستطيع السفر والعيش في اي بلد في العالم، ولا تهمها او تعنيها كثيرا الساقية والقناية!!

وفي ظل كل ما تناولناه في حديثنا، اتعتبر ان زمن العمالقة ذهب من دون رجعة وخصوصا في المسرح؟
العمالقة في لبنان يحارَبون بشكل مبرمج وهم يُتهمون فورا بانهم عملاء، انظري ماذا حصل لزياد دويري، ابراهيم معلوف ايضا. ممنوع ان يكون هناك اي انتصار لبناني فيما نجد ان اللبنانيين في العالم يتبوأون اهم المراكز وأرفع المناصب، اما في بلدهم، فما ان يلمعوا ويذيع صيتهم حتى تكون تهمة العمالة مُعدّة للاطاحة بهم!! المبادرة الفردية اللبنانية مهمة جدا وهي التي أنقذت لبنان حتى اليوم وليس حكام لبنان ولا الدولة اللبنانية ولكنها هي التي تُحارَب اليوم.
كل شيء في لبنان يتم توجيهه باتجاه السياسة وهذا الامر يتسبب بالحاق الاذى في أعداد هائلة من اللبنانيين في الخارج. ان السياسيين يوجهون الاهتمامات تبعا لمصالحهم ومن يتعارضون معها تكون التهمة بانتظارهم، تخيلي مثلا انك تقولين اليوم لمسؤول انت حرامي وبدل ان ينكر ويهتم بإبعاد التهمة عنه يقول "بس انا ما سرقت اد فلان"!!!اي انه لا ينكر انه حرامي! هذا لم يكن موجودا في الماضي، كانت الزعامات تفخر بنظافة الكف وما اكثر الاسماء من هذا النوع مثل رياض الصلح، الياس سركيس، ريمون اده، كمال جنبلاط، بيار الجميل، فؤاد شهاب، كميل شمعون، حدا في يقول عن حدا من هالزعما انو حرامي"؟

الذهاب الى درب الحرير افضل بكثير من الاضاءة على واقعنا! هل الجولة مع كركلا، باتت قريبة؟؟
لـ "درب الحرير"، جولة في المناطق وفي الخارج الى واشنطن فلندن وباريس وبكين، حيث ستكون هناك جولة كبيرة في الصين.

ماذا تضيف في الختام؟
"إنتو ناس كثير كْوَيسين، وبشكرك".