يعتبر فن الرسم من أقدم الفنون التي وجدها الإنسان، في البداية كانت الرسوم هي لغة التواصل بين الحضارات لتتطور مع الزمن وتصبح موهبة ومن ثم الى تحف فنية نادرة لا تقدر بثمن.

اسماء كثيرة لمعت عبر التاريخ، رسمت أهم اللوحات الفنية التي نجدها في متاحف العالم رسمها اشخاص رحلوا غير مدركين انه يوما ما سيدخلون التاريخ من أوسع أبوابه بعد عقود.

وبما أن لبنان لطالما كان متربعا على عرش الفنون على أنواعها، لابد له من أن يكون رحما يلد مواهب مبدعة تشق طريقها نحو القارات لترفع إسمه عاليا بكل فخر.

فمن لبنان إلى داخل أروقة قصور الملوك دخل بكل ثقة، طارحا موهبته امام الجميع ومثبتا أنه جدير برسم وجوه قادة من أهم الدول في الخليج العربي.

الأسبوع المنصرم، دُعينا الى مسرح المدينة في منطقة الحمرا لنتجول في قاعة عَرضت لوحات للرسام اللبناني الثلاثيني أحمد الحاج، والذي عرض ثمانية من أحدث لوحاته.

اللوحات الموجودة تُصوّر وجوه نساء، يركز فيها أحمد على العيون والشفاه، ألوان صارخة واخرى هادئة، كلمات ومشاعر تهيم في القاعة خارجة من تلك اللوحات التي تحكي كل واحدة منها قصة، تلاحقك نظرات هؤلاء النسوة اينما ذهبت لتعود اليها وتتمتع بموهبة خلقها الله في أنامل الحاج.

على هامش المعرض، كان لابد لنا من أن نطرح على أحمد بعض الأسئلة عن مجموعته الجديدة ومواضيع أخرى:

أحمد الحاج، كيف تشعر بعد افتتاح معرضك الأول في لبنان بعد ان كنت تعرض لسنوات في معظم دول العالم؟

في البداية كنت متوترا جدا عادة أكون مرتاحا أكثر خلال معارضي، شعور رائع أن يراك ناسك وأهل بلدك، من الجميل جدا ان أعرض لوحاتي في الخارج حيث هناك أضواء أكثر تسلط على أعمالي وإسمي، لكن في بلدي أشعر بفخر أكثر.

لماذا تأخرت كل هذه السنوات لتعرض في لبنان؟

كانت لديّ مشاركات خجولة جدا جدا، إلا أنني كنت أعيش في دول الخليج وأسفاري الى أوروبا، ولم تكن الفرصة سانحة.

في المعرض رأينا ان كل اللوحات هي Portrait، أخبرنا عنها أكثر وعن سبب رسمك وتركيزك على العيون والأفواه.

صحيح، لربما لاحظت ان الوجوه ليست واضحة المعالم ولكن العيون هي الحقيقية في كل اللوحات، هذه العيون تمثل إخوتي الذين عانوا من مرض في العيون حين بلغوا التاسعة من العمرفحدث إضطراب في نظرهم وخسروه. إخوتي أشخاص ناجحون جدا في الحياة وانا أفتخر بهم وبإنجازاتهم، وهذه المجموعة هي هدية مني لإخوتي ولإرادتهم القوية وحبهم للحياة.

الى جانب الوضوح في العيون، نجد بعض اللوحات تضج وتعج بالألوان الإعتباطية، ما هي رمزيتها؟

هذا الزحام اللوني يُمثّل الحياة، وكيف انه على الرغم من زحمة الحياة ومشاكلها، يستطيع الشخص ان يعيش اجمل حياة رغم إعاقته.

هذا ما نراه منعكسا على جمال النساء في لوحاتك؟

تماما هذا هو المقصود.

بعد مسرح المدينة، اين سيكون معرضك الآخر؟

سيكون لي معرض منفرد آخر في لبنان قريبا لكن التاريخ لم يُحدد بعد، كما سأشارك في معرض Art Dubai.

بما انك أتيت على ذكر دبي. لقد عُرف عنك انك رسام العائلات المالكة في الخليج، أخبرنا أكثر عن هذه التجربة وتفاصيلها.

إقامتي الطويلة في الخليج العربي كانت سببا لإنتشار اسمي بين الأوساط، ورسمت للعديد من الأسماء المهمة مثل الشيخ محمد بن راشد لإفتتاح Art Gallery في دبي، و الأمير سلطان بالإضافة الى الملك عبد العزيز والعديد من الأميرات والشخصيات المهمة.

كيف استطعت ان تصل الى هذه الطبقة من الأشخاص؟

من الأساس لدي عملي الخاص معهم، وكانوا يرون رسوماتي وأحبوا ان يكون لديهم لوحات من توقيعي.

من هي الشخصيات التي استمتعت برسمها؟

الأمير سلطان رحمه الله، وكذلك الشيخ محمد بن راشد الذي كنت متحمسا جدا لرسمه.

هل قابلتهما شخصيا؟

للأسف لا، لكنني قابلت أولادهما.

هل هناك مشاريع لرسم شخصيات أخرى من بينهم؟

دائما هناك مشاريع رسم، الا ان الـ Portrait تأخذ وقتا الى حد ما لأنني أتأنّى كثيرا في العمل.

هل من وجوه فنية ستقوم برسمها؟

حاليا لا، أنا أركز الآن على رسمٍ يشبهني أكثر مثل الذي رأيته اليوم في المعرض، إلا إذا كان طلبا خاصا وملحا.

ما هو الرسم الذي تترد في خوضه وتعتبره تحد لك؟

الـ Abstract، هو نوع رسم خضته مسبقا إلا أنه أتعبني بمكان ما، فابتعدت عنه.

رأينا القيل منه في لوحاتك اليوم؟

شيء بسيط لكنه واضح، لكن هذا النوع من الرسم يتعبني نفسيًا، أخاف ان أعلق لوحة منه، فيه الكثير من الوجع بالنسبة إليّ، على الرغم من اننا نستطيع ان نترجم اوجاعنا الى فرح احيانا.

هل هناك مشاركات لك في أوروبا؟

نعم، هناك حديث عن مشاركة في أوروبا سأعلن عنها لاحقا ولكن معرض بيروت بدأت العمل له بخمس لوحات فيها الكثير من السيدة أم كلثوم.

لماذا أم كلثوم؟

هي ملهمتي وحبيبتي، ولا أرسم إلا وأنا أستمع لأغنياتها، وأغنيات معينة مثل "أراك عصي الدمع"، "هذه ليلتي" وغيرها.

الا تمل منهم؟

أبدًا، أُعيدهم مرارا وتكرارا وأُبدع برسوماتي.

نتمنى لك التوفيق، هل من كلمة أخيرة؟

أشكرك أولا لانك دائما من الداعمين لي وكذلك موقعكم المميز، وأخص بالشكر "مهرجان مشكال"، على هذه الفرصة ومسرح المدينة والسيدة نضال الأشقر وعوض عوض، على جهودهم الدائمة ودعمهم للفنون على أشكالها.