ممثل سوري شاب تخرج عام 2007 من معهد أورنينا للفنون المسرحية قسم التمثيل في دمشق.

رغم موهبته اللافتة وقدراته التي اصقلها اكاديمياً لم يحظ الممثل سامر كحلاوي بالنجاح والانتشار إلا بعد تأدية شخصية "الدب" في مسلسل "الهيبة" الذي عرض خلال شهر رمضان.

سامر، رغم مساحة دوره في العمل، استطاع أن يترك انطباعاً عند الجمهور وأصبح "الدّب" لا يجيب كلما ذكرنا "جبل" أو "شاهين" أو "صخر". فماذا يقول سامر كحلاوي عن دوره في الهيبة وعن المخرج سامر البرقاوي وعن العشائر والسلاح .. كل هذه التفاصيل وغيرها في هذا اللقاء:

سامر بعد اعوام عديدة في مجال التمثيل، تعتبر ان النجاح في هذا المجال هو ضربة حظ ام نتيجة مجهود ؟

أنا لست من الأشخاص الذين يؤمنون بالحظ بل أؤمن بشيء مختلف تماما. الانسان يجب ان يعرف ماذا يريد وأن يؤمن بحلمه وهدفه. كثر يحبون التمثيل ولكن هذا لا يعني أنّهم اصبحوا ممثلين ! اذا اردت ان أصبح نجما في التمثيل فهذا يعني أن أدرس التمثيل واصقل موهبتي واتمرن باستمرار.. عليك القيام بكل هذا المجهود الكبير لكي تحقق ما ترغبه. جهدك لن يذهب سدى بل سيأتي اليوم الذي ترى فيه ثمرة تعبك وجهدك وصبرك وقهرك والظروف السيئة التي كنت تحاربها لكي لا تبتعد عن هذه المهنة.

رغم مشاركتك في اعمال كثيرة لكن النجاح الكبير والانتشار حققته من خلال الهيبة. هل يزعجك كممثل ان ينحصر نجاحك بعمل واحد ؟

أنا متصالح مع هذا الموضوع ولدي قناعة بان النجاح مرتبط بأمور عديدة يجب ان تجتمع ليتحقق. وهذا ما جعلني لا انزعج من القول أن نجاحي انحصر بمسلسل "الهيبة"، لأن هذا العمل متكامل على صعيد الانتاج والاخراج والممثلين والنص وفن الاداء وطريقة عرض المسلسل والقنوات التي عرضته.. كل هذه العوامل اجتمعت لكي يحقق العمل هذا النجاح. ربما اعمالي الأخرى لم تجتمع فيها كل هذه العوامل ولهذا اشعر بانزعاج بسيط ولكنني أعود واتقبل الواقع وأتصالح مع آلية العمل في هذه المهنة واتفهم أنه يجب أن تجتمع كل الظروف لكي تحقق النجاح الذي يكون في مكانه وتوقيته الصحيحين. وبإذن الله، سيكون نجاحي في الهيبة بداية لنجاحات كثيرة آتية. لا اندم على كل ما مضى لأنه يزيدني خبرة ويصقل موهبتي وهذا سيظهر بوضوح في المستقبل وبكل عمل أقوم به.

تؤدي في الهيبة دور الدب. هل لديك فكرة لماذا اختير هذا الاسم خصوصا ان شكلك الخارجي لا يشبه كثيرا الدب ؟

أجد أن اللقب لا يجب أن يشبه بالضرورة الشكل الخارجي للشخصية بل يجب أن يعكس سلوكياتها. وعن سبب اطلاق لقب "الدب" على شخصية "إياد" فهذا يعود إلى وجهة نظر الكاتب. هذا اللقب يجعلني أبحث أكثر في ماضي هذه الشخصة وكيف كانت تتصرف حتى اطلق عليها هذا اللقب. فهذا الشخص قاس وصديق حقيقي وكما نقول في سوريا "قلبو ميت".. هذه المفاتيح استطعت أن أحلّها لأرسم ملامح "إياد" وسلوكياته من خلال لقب الدب.

هل كانت اجواء التصوير سهلة خصوصا المشاهد التي صورت في مناطق وعرة او تلك التي كان فيها معارك وتهديد ؟

أجواء التصوير لم تكن سهلة أبدا وكانت صعبة ليس فقط على الممثلين بل على الطاقم الاخراجي وعلى فريق الانتاج المشكور على جهوده. لقد كان تصوير هذه المشاهد صعباً ولكن ما يجعلك تتحمل هذه الصعوبات هو استمتاعك بالعمل. أنا من الاشخاص الذين يستمتعون بمهنتهم وهناك حالة عشق بيني وبين التمثيل وهذه الحالة لا تجعلني أتحمل هذه الظروف فقط بل الاستمتاع بها إلى أقصى حدود. بالفعل هناك تعب وارهاق ولكنه جميل وانا أحبه.

جبل وصخر وشاهين والدب شكلتم حالة خاصة معا. كيف لكل شخصية ان تأخذ حقها بهذا الشكل رغم اختلاف حجم الادوار ؟

بالفعل لقد شكلنا حالة خاصة مع ان حجم الادوار مختلف. واللافت في هذه الشخصيات الأربعة ان كل شخص استطاع ان يلعب الشخصية بطريقة مختلفة عن الأخرى وبقي هناك هذا الخط الذي يجمعها مع بعضها. "الدب" معظم الدراما متواجدة عن الشخصيات الأخرى وليس عنده. وهذا خلق لدي تحد كبير بأن افرض نفسي بهذه الشخصية المتواجدة في الحالة الدرامية الخاصة بالشخصية الأخرى. معظم مشاهد الدب يكون فيها متواجداً ولكن الدراما تحصل مع شخصية اخرى. هذا خلق لدي تحد كبير وجعلني اعود إلى كلام استاذتي في المعهد التي كانت تقول لي "في حال كنت تؤدي شخصية لا يوجد فيها دراما يجب أن تركز على التفاصيل والحضور" وهذا ما استندت اليه في العمل فركزت على عيون الدب وعلى حركة جسده واهتمامه الكبير بسلامة "جبل". وهذا اعطى ملامح للشخصية مختلفة عن باقي الشخصيات. الاستاذ أويس مخللاتي قدم شخصية "صخر" بمنطق مختلف واحببته كثيرا، الاستاذ تيم حسن هو استاذ وأنا اعشقه وأحب عمله كثيراً والاستاذ عبدو شاهين الذي قدم شخصية مختلفة أيضاً.. ورغم الاختلاف تلاحظ خلال المسلسل ان هذه الشخصيات مع بعضها وتكمل بعضها أيضاً. انا لم أشعر للحظة انه كان بالإمكان الاستغناء عن واحد من هذه الشخصات فالنقص الموجود عن واحد منها يمكلها الآخر.

على الرغم من جو السلاح والتهديد الذي يسيطر على العمل نلاحظ وجود خط كوميدي رفيع. الخلط بين النمطين اربكك كممثل ؟

لا لم يربكني بل على العكس كنت أتمنى أن يوضّح أكثر هذا الشق الفكاهي المتعلق بشخصية "الدب" وأن اعززه أكثر وأكثر. عندما أدرس الشخصية التي سأجسدها في العمل تصبح ملامحها وسلوكياتها واضحة بالنسبة لي. وطبعاً هذه الشخصية لا تعيش حالة واحدة كل فترة العمل بل هناك تحولات وتقلبات. شخصية "الدب" مثلاُ موجودة في الحياة يضحك ويبكي ويحزن وجدي عند اللزوم. بمجرد ان يرسم الممثل الدور بشكل صحيح في رأسه تصبح تصرفات الشخصية واضحة وبالتالي يجيد تقديمها بوجهها الكوميدي أو الدرامي .

هذا العمل يجمع باقة من الممثلين الذين سبقوا وقدموا ادوار الشر وتجار المخدرات ... هل تخاف من حصر الادوار المقبلة التي ستعرض عليك بهذه الشخصيات؟

أبدا لا أخاف من أن تحصر الادوار التي ستعرض علي لاحقاً بهذ ا النوع من الشخصيات وليس لدي مشكلة بهذا الموضوع. سأحاول دائماً ان أقدم كل شخصية من زاوية مختلفة. هناك شخصيات شريرة كثيرة ولكن السؤال كيف سيلعب الممثل هذه الأدوار. في المجتمع هناك شخصيات عديدة تندرج تحت خانة "الشر" ولكن كل واحدة تتصرف بطريقة مختلفة. من هنا يشكل هذا الأمر تحد بالنسبة للممثل لكي يقدم اكثر من دور ولكن من زاوية مختلفة تماماً عن الشخصية الأخرى. ومع ذلك انا متأكد وواثق انه لدينا مخرجين ينظرون بشكل صحيح إلى الممثل وهم لن ينظروا لي بهذا النوع من الادوار فقط بل هم قادرون أن يسندوا لي أدوارا مختلفة عن التي قدمتها. أجد أنني ممثل متنوع جداً وبقدر ما اعطيك الشر المطلق وتصدقه أعطيك أيضاً الخير المطلق وتصدقه، وهذا كلام استاذتي في المعهد أمل عمران التي هي استاذة بكل معنى الكلمة.

هل كان لديك فكرة عن اجواء العشائر وهذه المناطق الحدودية قبل المشاركة في المسلسل ؟

معلوماتي عن هذا الموضوع كانت محصورة بالأحاديث التي اسمعها من الناس ولم أكن اخوض في التفاصيل لأنه لم يكن من اهتماماتي. ولكن عندما عرض علي هذا الدور بدأت البحث عن المعلومات وخصوصاً عن اللهجة. صحيح والدتي لبنانية ولكنني لم أتحدث يوماً باللهجة البقاعية والجردية . هذا الأمر خلق تحد عندي أيضاً فصرت أجلس كثيراً بين هؤلاء الناس واسمعهم كيف يتحدثون وبدوري أرد عليهم بلهتجهم.. "خبصت كتير" في البداية ولكن بفضل مساعدة بعض الأصدقاء والتسجيلات الصوتية التي كنت أسجلها من اجل التمكن من اللكنة طورت نفسي. سعيت لكي أجيد الشخصية بأدق تفاصيلها لكي يشعر المشاهد أن "الدب" هو فعلاً ابن هذه المنطقة والبيئة. حتى موضوع "الكحل" الذي كان يضعها الدب أجريت عليه بحثاً لكي اتأكد ان هناك عائلات في البقاع لديها هذا التقليد بوضع الكحل على العين. لقد دققت كثيراً بالتفاصيل لأنني كنت حريصاً جداً على تقديم "الدب" بطريقة صحيحة جداً.

هل تؤمن بمنطق الدولة او السلاح والعشائر ؟

العشائر موجودة منذ القديم سواء في الخليج او الأردن أو لبنان أو سوريا والعراق ولا يمكننا أن نتجاهل هذا الأمر أو ننكره. ولكن بالنسبة لي أنا أؤمن بمنطق الدولة قولاً واحداً. انا أؤيد منطق النظام والقانون فوق الجميع. أؤمن بالمساواة بين الجميع وان القانون يسود على الجميع من دون استثناء او تمييز.. "يلي بيغلط لازم يتحاسب". بالنسبة لي الدولة هي أم الجميع وعليها أن تقدر ظروف أبنائها وان تكون رحومة معهم ولكن لست مع كل شخص يخرج عن الدولة لأي سبب كان فهي المرجع الاساسي لكل شيء يريد أن يقوم به الانسان.

لو لم تكن الدب في العمل ما هي الشخصية التي كنت تتمنى تقديمها ؟

احتفظ بالجواب لنفسي .. ولكن ما يمكنني أن أؤكده لك أنني استمتعت كثيراً بشخصية "الدب" لأنها لذيذة وخلقت لدي تحد كبير. الدراما ضعيفة في هذه الشخصية وكان التحدي بالنسبة لي أن اظهرها وأن أجد لها مساحة بالعمل. كان بالامكان ان تقدم هذه الشخصية بطريقتين، الأولى سهلة تمر فيها الشخصية مرور الكرام على الشاشة ولا يشعر بها المشاهد والثانية تقديمها بطريقة تظهر فيها فاعلة وموجودة. والتحدي بالنسبة لي كان يكمن بأن أخلق من هذا الدور الصغير دور بطل صف أول وهذا ما كنت اسعى له من خلال "الدب".

هل هناك جانب معين لم يتطرق له الكاتب في حياة العشائر وتجار السلاح كنت ترغب في ان يتم تسليط الضوء عليه ؟

في حياة العشائر وتجار السلاح هناك جوانب عديدة يمكن تسليط الضوء عليها. من هنا، انطلاقاً من وجهة نظري المتواضعة، ارى أن هذا العمل يستوعب ان يكون لديه اجزاء أخرى من دون أن يشعر المشاهد بالمبالغة. هذه البيئة لها الكثير من الجوانب التي يمكن أن تختار واحداً منها وتتناوله بكل جزء جديد. طبعاً هناك بعض الأمور التي كنت أرغب بتسليط الضوء عليها ولكنني لم أكن بموضع يسمح لي التحدث بالامر. فقد تخرجت منذ 10 سنوات من معهد أورنينا للفنون المسرحية قسم التمثيل في دمشق، ولم أكن معروفاً وبالتالي لم أكن بموقع لأتحدث بهذا الموضوع. وبصراحة ساخبرك أنني انا من تواصلت مع المخرج سامر برقاوي قبل التصوير بأربعة أشهر وتحدثت معه وعرّفته على نفسي بكل لباقة وأخبرته عن حلمي بالتمثيل وهدفي. كنت اعرف انه يحضر لعمل في بيروت فطلبت منه ان اتعرف اليه وهو مشكور لأنه قدر كلامي وشعر بالقهر الموجود بداخلي. وعندما حضر الى لبنان التقيت به وتحدثنا مطولاً وتناقشنا بأمور كثيرة وعلى اساسها أخدت دور "الدب" الذي كان تحدياً بالنسبة لي لكي افرض نفسي. من المؤسف أن يجلس ابن هذه المهنة 10 سنوات في المنزل بينما هناك متطفلين على المجال تسند اليهم الادوار لأنهم مقربون وأصدقاء لبعض الأشخاص. نحن نتعامل بالفن وهنا كل شيء محسوب ولا يمكنك إلا أن تستعين بالأشخاص الموهوبين والاكاديميين وان تضع الشخص المناسب في المكان المناسب. الدراما تتراجع وأحد الاسباب هو الاستعانة بأشخاص لا علاقة لها بالتمثيل ويحرقون المسلسل فقط من اجل مصالح شخصية. لدينا مخرجين مهمين ولا يتعاملون بهذا المنطق والاستاذ سامر البرقاوي على راسهم فهو شخص مهني واكاديمي ويضع الانسان الصح بالمكان الصح، ويشعر بالموهبة ويعطيها حقها. وهذا الأمر يدفعني لشكره من كل قلبي والقول له :" انت اعطيتني هذه الفرصة التي كنت انتظرها".

ما هي اعمالك الجديدة ؟

حتى الآن لا يوجد هناك شيء واضح. اتمنى أن يظهرني المسلسل كممثل محترف واكاديمي وكشخص يجب ان يتواجد بقوة على الساحة الفنية. انا قمت بعملي كممثل بطريقة صحيحة، والدليل هو الاصداء التي وصلتني من الجمهور، أما الباقي فهو مرتبط بشركات الانتاج والمخرجين.