صلاح تيزاني (أبو سليم الطبل) زارع الفرح ومؤسس المدرسة الكوميدية التلقائية في الفن الكوميدي، يعتكف في هذا الزمن وحيداً بعيداً عن الأضواء، وقد طوى في رصيده العديد من الساعات التلفزيونية والبرامج الإذاعية والأفلام السينمائية.

عملاق من عمالقة الفن، يعيش صمت الذكريات وما زال الفن في عروقه، فيا ترى ماذا يقول لموقعنا عن المرحة الحالية التي يعيشها.

صور من الماضي

بعد رحلة اربعين عاماً من الكتابة والتمثيل ما هو السؤال الذي كنت تتمنى أن تسأل عنه؟
وينك اليوم يا أبو سليم

الزمن غدار؟
الزمن هو الزمن، والناس هم الناس، لكن مشاغل الحياة تنسينا في هذا الزمن الأحباء.

صلاح تيزاني اليوم راضٍ عن الفن؟
"بصراحة راضي ومش راضي"، راضٍ عن المحاولات التي عايشها بعضهم لاجل الحفاظ على المستوى واخص بالذكر جورج خباز، ولست راضياً عن الابتذال والاستهزاء والكلام المعيب الذي نراه ونسمعه على شاشاتنا.

برأيك فن التمثيل يدرس؟
برأيي الموهبة هي الأساس، اما ما يأخذه الطلاب في المعاهد، فهو شيء من التقنيات العالية والحرفية.

كانت نجومية الناشطين في فن زمان اقوى من نجومية اليوم؟
كانت الظروف الفنية ثابتة ومتينة، وكنا في لبنان مصنعاً للأعمال الفنية التي تصدر إلى كافة الوطن العربي كما أن نجوم الامس محصنين بالأعمال الجادة والمواهب الكبيرة.

لماذا غابت الكوميديا عن الشاشة اليوم؟
عندما تؤسس إمبراطورية سواء على الصعيد الفكري أو الوطني أو الفني، تشعر بالإكتفاء، فالفن عندما يصل إلى هذه المرحلة يكون قد ختم خاتمته.

لكن العصور الفنية مهددة بالإنحطاط والإزدهار؟
صحيح والدليل الفن ايام زمان قام على عبد الوهاب، أم كلثوم، فايزة أحمد، لكن اليوم للأسف الشديد هو زمن عمرو دياب.

من هو الممثل المحترف المتمكن من موهبته؟
هو الذي لا يمثل، بل يؤدي دوره بكل عفوية بعيداً عن التصنع التمثيل "شغلة اللي ما عندو شغل"، يكفي أن يكون حساساً بأدائه ويحرك شيئاً في صدرك.

حضور وتطور

أخبرنا كيف حافظت على شخصية أبو سليم كل هذه السنوات وأبعدتها عن التكرار والملل؟
أنا لعبت عدة أعمال وشخصيات، إنما شخصية "أبو سليم الطبل" تناقلت للجيل الخامس. حافظتُ على رونق هذه الشخصية بفضل العمل الجماعي فكل فرد في فرقتي هو بطل وكاركتيره مطبوع في ذاكرة المشاهد بدءاً من فهمان إلى أسعد إلى مشكاح، شكري شكر الله، فأنا عملت مع مجموعة ولم أعمل على نفسي.

خطك الكوميدي له ميزة خاصة؟
للمرة الأولى في حياتي اعترف، بأني استمديت خطي من خيمة "كاركوز" وهي شخصية كوميدية كانت تحول الأحياء الطرابلسية لتقدم عروضاً بدائية فكاهية.

لاي مدى ساعدك المونولوج للوصول للناس؟
ساعدني كثيراً، فهو شبيه بمسرح الشانسونيه.

راضٍ عن الأعمال المسرحية المعروفة بالشانسونيه؟
لا، لأنها ليست أعمال شانسونيه حقيقية، رحمة الله على وسيم طبارة وايفيت سرسق، وحدهما كانا يقدمان الشانسونيه على أصولها.
اليوم عندنا الكثير من الفِرَق، ولكن للأسف لا يعرفون إلا الكلام البذيء والسطحي والخفيف.

من هو المسؤول عن تدهور الفن برأيك؟
الأمن العام، لأن مسؤوليته مراقبة النصوص مراقبة شديدة وحذف الألفاظ النابية، أنا مع الحرية بالتعبير، بشرط أن تكون حرية منضبطة وثابتة.

هل ينقصنا النص الكوميدي القوي والنظيف؟
بتاريخ الفن لم يولد كاتب أو ممثل وفي فمه ملعقة من ذهب، دوماً كان الكاتب أو الفنان يتلقى الدعم، الملكة اليزابيت دعمت شكسبير والملك لويس الخامس عشر دعم موليير، وأنا برأيي مساعدات الفنان حق مشروع.

زمنك الفني له قيمته الثابتة أكثر من هذا الزمن؟
يوم قدمت أول حلقة تلفزيونية لي على الشاشة بعنوان "المسافر"، استهجن الناس وكانوا مثل الطوابير امام مبنى التلفزيون مستغربين اللهجة الشمالية وتحديداً الطرابلسية التي كنا نتحدث بها. الفن يا صاحبي إبن بيئته ولكل زمن رجالاته، فالأعمال الجيدة، مهما كان الزمن رديئاً تفرض نفسها بنفسها.

ما هو رصيدك الفني؟
رصيدي التلفزيوني ألفان ومئتان وخمسون حلقة تلفزيونية، إنما إذاعياً فأنا أملك تسعماية ساعة إذاعية وسبعة عشر مسرحية وأربعة أفلام سينمائية.

ما هو أول أجر قبضته عن الفرقة كاملة؟
أول اجر 250 ليرة وزعتها على الفرقة وبالكاد أمنت مصروف عودتنا إلى طرابلس بالباص. أنا تركت أشغالي وعملت فناً فلم اهتم أبداً بالمادة.

الرحابنة..نجاحات فيروزية

بالرغم من نجوميتك ايامها، عملت مع الرحابنة؟

كان الرحابنة يطمحون دوماً للإستعانة بالنجوم في أي عمل لفيروز، فإتصلوا بنا وعملنا معهم أنا وفهمان وأسعد. عملت في فيلم "سفر برلك" ومسرحية أيام فخر الدين وناس من ورق.
كذلك عملت مع المخرج محمد سلمان واسماعيل ياسين.

ما هي خصوصيتك الفنية التي ميزتك عن الآخرين؟
أنا عملت ضمن مجموعة من أبطال في فرقتي وكانت كل حلقة مخصصة لشخصية ما من الفرقة، هذا الانجراف بعكس التيار الذي كان سائداً آنذاك زادني خصوصية وبالتالي حماني من الإنكسار.

فرقتك هي الفرقة الوحيدة التي لم يتغير أفرادها؟
"ما كلنا أهل وأقارب" محمود مبسوط (فهمان) عديلي عبدالله حمصي (اسعد) زوج شقيقتي وباقي الأفراد احبابي وعمال عندي، ذات يوم زارني أحدهم في المنشرة خاصتي، فوجدنا نمثل، أخذني جانباً وسألني ، هذه منشرة للعمل أو معهد تمثيل.

هل يحق للممثل الخروج عن النص؟
يحق لممثل الكوميديا وحده، شرط أن يكون خروجه ضمن اجواء النص وبعيداً عن التكلف.

لماذا لم يدخل احد أولادك مجال التمثيل؟
لأنهم أدركوا نهاية المطاف وحالة التعتير التي يصلها الفنان الأصيل.