أن تبني الإنسان عمل مضنٍ وجهد مستمرّ وسهر ليالٍ طوال.

وأن تبني صرحاً تربويًا تعليميًا يعني أن تساهم في هذا البناء الإنساني الحضاري للبشرية. وقد أكّدت جامعة سيدة اللويزة التي تأسست عام 1987 أنها أكاديمية للتعليم العالي يتسحقّ أن يكون على خارطة الجامعات اللبنانية والعربية والعالمية. فالجامعة التي أسسها الاب بشارة الراعي حينها والبطريرك الحالي بالتعاون مع عدد من العلمانيين أصبحت اليوم منارة في عالم العلم والمعرفة والثقافة.

وقد أضاءت جامعة سيدة اللويزة شمعة جديدة في الأصرح الأكاديمية، في إحتفال ذكرى تأسيسها الثلاثين في قاعة عصام فارس.

حضر اللقاء الدكتور إيلي عساف، ممثلا فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون، سيادة المطران ميشال عون، والأب المدبّر جوزف زغيب ممثلا قدس الأب العام بطرس طربيه، إضافة إلى شخصيات دينية، سياسية، عسكرية، دبلوماسية، رابطة الخريجين، وأعضاء مجلس الأمناء.

إستهلّ اللقاء بكلمة ترحيبية مع مديرة العلاقات العامة الدكتورة ندى سعد صابر، ثم تحدث رئيس الجامعة الأب وليد موسى، الذي أعطى لمحة تاريخية عن ولادة الجامعة، التي كانت تنمّ عن الروح اللبنانية الأصيلة، وعن الإرادة الوطنيّة الفاعلة: "حروب ودمار، من جهة، ورهبانية تتحدّى الانتحار والانهيار، من جهة أخرى، وتؤسّس جامعة، بالتعاون والتضامن مع مجموعة من العلمانيين الأوفياء".

حتى أصبحت بحسب موسى جامعة الألف الثالث، إيماناً بعوامل ثلاثة: "إنّ هذه الجامعة ليست وليدة العقل فحسب، بل هي وليدة حبّ، وفي الحبّ، قدرة مذهلة على تحقيق الأصعب والمستحيل؛ إنّ هذه الجامعة ليست وليدة العلم فحسب، بل هي وليدة الإيمان. وفي الإيمان قدرة على نقل الجبال؛ إنّ هذه الجامعة ليست وليدة الرهبانية فحسب، بل هي وليدة شعب ووطن، وفي الولادة التي يمتزج فيها التراب بالروح، تكون القيامة المستمرّة".

كما سلّط موسى الضوء على الإنجازات خلال السنوات الـ12 الأخيرة من خلال "استكمال بناء الجامعة، حجراً وبشراً وكليّات، وفي الفروع الثلاثة؛ وضع الجامعة على خريطة الانتشار الجامعي اللبناني، وفي طليعة من يقصدها الطلاّب، وقد جاوزعددهم الـ 7000 طالب وطالبة (...) ووضع الجامعة على خريطة الانتشارالجامعي العربي، الدولي، والعالمي".

أضاف الأب الرئيس:" قررنا إختياريا الحصول على الاعتماد Accreditation، وذلك، تأكيداً منّا على مستوى هذه الجامعة، ومحاولة التميّز عن جامعات أخرى، ولا سيّما بعد أن كثرت مؤسّسات التعليم العالي (...) ولهذا،شهدت الجامعة خلال السنوات الماضية، مداً إصلاحيا ًشاملاً تمثل بانخراطها في عملية الاعتماد المؤسسي (Institutional Accreditation) كشكل من أشكال ضمان الجودة في التعليم يشيع في الولايات المتحدة الأميركية، بهدف ضمان نوعيّة البرامج والتدريس. فكان لا بدّ من السعي لنيل الاعتماد الجامعي المؤسسي من إحدى أهم وأعرق مؤسسات الاعتماد في الولايات المتحدة الأميركية،The New England Association for Schools and Colleges (NEASC). (...) إنّنا على مسافة أشهر من نيل هذا الاعتماد، بالإضافة الى الاعتماد الذي حصلناعليه بالنسبة لكليّة الهندسة ABET Accreditation، والذي نعمل للحصول عليه في كليّة إدارة الأعمال والعلوم الاقتصادية AACSB Accreditation.

تابع الأب موسى:"حجزت الجامعة لها مكانا بالإطار الثقافي والبحثي في عالم الثقافة والانتاج والإبداع (...) فتحوّلت الى أبواب مفتوحة لجميع أهل الفكر والعلم والفنّ"؛ "وأحاطت نفسها بمجلس أمناء لرسم سياسة الجامعة ومواكبة مسيرتها، وبرابطة خرّيجين".

وأعطى الأب رئيس رؤيته المستقبلية بكثير من التفاؤل من حيث التغيير في المناهج والأساليب والاختصاصات مواكبة للتطور وإعداد الأجيال الجديدة؛ ودعا للإفادة من العولمة ومواكبة التكنولوجيا؛ إضافة إلى التركيز على نوعية الاختصاصات ومدى انسجامها وتوافقها مع سوق العمل اللبناني (...)من هنا تطلّعنا الى كليّة طبّ وبناء مستشفى".

كما رأى الأب الرئيس أن الجامعة يجب أن يكون لها "بُعد وطني في أن تكون جامعة للبنان، لكلّ لبنان (...) وبُعدٌ روحي والإبتعاد عن الأصولية المرضية".

كما شكر الأب موسى كلّ من ساهم في تطوّر الجامعة "لم يبنها انسان واحد، لارئيس عام، ولا رئيس، ولا عميد أو أستاذ أومدير... الجامعة هي، منذانطلاقتها، ورشةعمل، ولا تزال، الكلّ ساهم، الكلّ عمل بمحبّة، الكلّ أعطى من نفسه".

وتوجه بكلمة أخيرة، الى أبينا غبطة البطريرك بشارة الراعي قائلاً:" نعم، ياصاحب الغبطة، أنتَ كنتَ الأساس في قيام هذه الجامعة وتطوّرها، نرجوك، تابع معنا المسيرة كي تحقّق هذه الجامعة، أحلامك القديمة وآمالنا الجديدة".

وتخلّل الإحتفال وقفتان موسيقيتان مع طلاب الموسيقى في قسم التعليم المستمرّ، وفيلم وثائقي عرض مسيرة الجامعة خلال الأعوام الماضية منذ التأسيس حتى اليوم.

موقع الفن كان حاضراً في الإحتفال وعاد بهذه الكلمات المقتضبة:

الأب وليد موسى: أشكر موقع الفن لأنه حضر إلى الإحتفال بالعام الثلاثين لتأسيس جامعة سيدة اللويزة لاهتمامه بالعلم والتربية والفن. وأظن أن ال 12 عاماً التي قضيتها في منصب رئيس الجامعة كانت متعبة لكن بالتأكيد كانت مثمرة وجميلة وأعطتني سعادة لا مثيل لها. أشكر كل من ساعدني في تحقيق كل هذه الإنجازات.

الدكتور سهيل مطر: تأسيس جامعة سيدة اللويزة كان حلمًا راودني فيما بدايات العام 1980 حتى طرحت الفكرة على الأب بشارة الراعي الذي وافق ومتعاونين قمنا بتأسيس الجامعة في زوق مصبح وها هي اليوم صرح تربوي تعليمي أكاديمي يضاهي أعرق الجامعات. أشكر الأب وليد موسى لأنه وثق بي وحمّلني مسؤوليات عديدة.

المطران ميشال عون: هذا الصرح الأكاديمي نفخر به لأنه يوازي بأهميته على الصعيدين التربوي والتعليمي الصروح الأكاديمية الأقدم منه. نحيي الرؤساء الذين تعاقبوا على إدارة هذه الجامعة ونبارك خطواتهم.