الكلمة هي الأساس فإما تبني وإما تُدمّر، لكن كلمته عمّرت بأبيات عريقة وأصيلة ينابيع المحبة والوطنية والسلام حيث كانت كل كتاباته تحمل رسائل هادفة للوصول إلى إنسان معزّز مكرّم وإلى مجتمع قوي لا يتزعزع.

إنه الدكتور ميشال كعدي الذي يحمل الكلمة سلاحاً في وجه الجهل والطائفية هو الذي كتب أطروحة الدكتورة عن الإمام علي بن أبي طالب وأبحر في محيطات الإمام اللغوية والأدبية والفكرية والدينية فكان علامة فارقة في مجال الأدب والأبحاث.

الدكتور كعدي من مواليد بلدة قوسايا (زحلة – لبنان) من أسرة بسكنتاوية عام 1944. أحرز شهادة الدّكتوراه في فقه اللّغة العربيّة من الجامعة اللّبنانيّة عام 1973، وفي العام التّالي إجازة في الصّحافة من جامعة القاهرة. إنصرف إلى الكتابة والتّعليم في الجامعات والمعاهد والمدارس الكبرى. يتميَّز نثره بأسلوب جماليٍّ خاصّ؛ من ألقابه فارس المنابر وسيف الكلمة؛ له عشرات المؤلَّفات أهمها "العصفورة الساحرة، مي مر".

على هامش تكريم الفنانة هيام يونس كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور الأديب والباحث ميشال كعدي:

أين هو الإبداع اليوم والعطاء الثقافي والشعري والأدبي؟
لبنان كله إبداع والعطاءات الفكرية كلها من نوع الإبداع لأن الفكر والحرف والكلمة هم بحد ذاتهم نوع من أنواع الإبداع ولم يمتَز فيهم إلا لبنان ، أنا سافرت كثيراً وعدت ووجدت أن لبنان لا زال النقطة الوحيدة التي تفكّر باللغة العربية وهذا الشيء بحد ذاته يشكّل نقطة إبداع كبيرة للبنان، والجمعيات الفكرية التي عملنا فيها والجمعيات التي شاركنا بتأسيسها وكل هذه الأمور نركّز عليها لأننا نعرف أننا نريد أن نبقى محافظين على هذا الأمر لأنه ليس لدينا شيء من مقوّمات الحياة سوى هذا الفكر وهذه الكلمة بلبنان ، لذلك نحن مضطرون إلى أن نعمل بطريقة إبداعية.


تتكلّم وكأنّ الإبداع بألف خير
إبداعنا نحن بألف خير ولكننا نريد أن تهتم الدولة أيضاً مثلما يهتم هؤلاء الأفراد بهذا الموضوع .

لماذا الدولة مقصّرة بحق الإبداع الشعري والثقافي ؟
بسبب الوضع الذي نمرّ فيه ، هناك بلدان تعطي مخصصات للثقافة والإبداع ، لن ألوم أحداً ولن أقول شيئاً لأحد ، وإن شاء الله "إنو نُخلَص" ويصبح هناك نوع من الدعم والعطاء على الأقل معنوياً، يعني مثل هذا الحفل لا مانع إذا وصل درع من قيادة الجيش أو من رئاسة الجمهورية "ما بيمنَع إنو يكون في عنا شغلة تانية هيك تبَيّننا نِتفة صغيرة" لا أكثر ولا أقلّ.


هل أنت راضٍ عن كل ما نسمعه من أدب وشعر ؟
كل مؤلّف له ميزة ، والشعر له ميزته، فعندما تتكلّم عن جورج شكّور "شاعر الجماليا" فهو من الناس الذين لديهم هذه النزعة العظيمة جداً بالشعر ، وهناك شعر مقبول ، وآخر عظيم ، وشعر لا يزال "بدأتجيي" مثلما يقول الناس ولكن كلّه يصب في خانة الإبداع.

لماذا كتبت أطروحتك عن الإمام علي وبعدها كتبت عن الإمام الحسين وفاطمة الزهراء؟

الحسين قديس وهو قدوة ورسالة، ولولا الحسين لما كان يوجد اسلام على الاطلاق فهو اكمل رسالة رسول الله واتمها، وعندما قارنت الحسين بالمسيح لم اجد فرقا على الاطلاق فما تعذبه السيد المسيح عشر ما تعذبه الامام الحسين كما قال احد الكاردلة ، واهل البيت هم قديسون، ولقد اصدرت 5 كتب عن اهل البيت فوجدتهم عاشوا الفقر والزهد، ولقد بكيت عشرين مرة وأنا اكتب عن الامام زين العابدين ولم استطع أن أفي حقوق اهل البيت، ولقد فتشت على مدى 3 شهر في مكتبة الفاتيكان عن اهل البيت فجمعت 350 مرجعا مما يكشف مدى التواصل بين العالم الاسلامي والعالم المسيحي.

وقال كعدي إن "والدي كان السبب الرئيسي والمباشر في توجيهي لكتابة أطروحة دكتوراه عن الإمام علي"، موضحا إن "والده أكد عليه بان يكتب أطروحة الدكتوراه بعد إكمال دراسة الماجستير عن الإمام أمير المؤمنين كونه كان مولعا في قراءة نهج البلاغة"، مبينا إن "هذا الأمر يعد من أصعب الأمور في حياته العلمية كون الإمام علي شخصية كبيرة وبحر عميق يصعب الدخول إليه بحسب وصفه".

وأضاف "إنني قمت بمفاتحة الفاتيكان لاستحصال موافقته لغرض إكمال الدكتوراه عن شخصية الإمام الذي جاء رده بالموافقة بعد ٤٨ ساعة في الوقت الذي يكون اقرب رد للفاتيكان عن أي مخاطبة رسمية من هذا القبيل تستغرق وقتا مقداره ٦اشهر".
وتابع كعدي في حديثه إن "أي أطروحة تستغرق كتابتها ٣ أعوام بينما أنجزت أطروحتي بخمسة أعوام كوني كنت أكتب عن إنسان عظيم في العالم"، واصفا إياه إن "الإمام علي كان وما زال نعمة على وجه الأرض ".

كيف حصلت على مصادر خاصة عن الامام علي ؟

للأسف الشديد انني بحثت كثيرا في لبنان وتوجهت الى النجف وكذلك قمت بزيارة لعدد من الدول العربية للحصول على مصادر ذات قيمة عالية وكذلك مصادر تحوي على الشرح الكامل لنهج البلاغة لم اجدها، مما اضطرني الامر للتوجه الى ايطاليا وهناك حصلت على جميع ما كنت ابحث عنه من مصادر ومخطوطات وعناوين لم اسمع عنها اضافة الى وجود اكثر (11000) حكمة عن الإمام علي في مكتبة الفاتيكان.