سطع اسمه في مجالي التمثيل والإخراج، فقدم الكثير من الأعمال ممثلاً ومخرجاً في سورية والخليج العربي.

ولد عارف الطويل عام 1963 في مدينة دمشق، وانتسب لنقابة الفنانين عام 1986، وشغل منصب رئيس مكتب الدراما فيها بين عامي 1998 و2002، وكان له الفضل في إنشاء موقع "الفنانين السوريين". شارك في أكثر من ستين مسلسلاً كممثل من أبرزها: "مرايا"، و"أحقاد خفية"، و"آخر أيام التوت"، و"إخوة التراب"، و"الجوارح"، و"يوميات مدير عام"، و"نهاية رجل شجاع"، و"حمام القيشاني"، و"هجرة القلوب إلى القلوب"، و"ذي قار". كما أخرج ما يقارب عشرين مسلسلاً خليجياً من أبرزها: "زمان الوصل"، و"أبلة نوارة"، و"همس الحراير"، و"طماشة"، و"بين الماضي والحب"، و"يا مالكاً قلبي". بعيداً عن الدراما، انتخب قبل عامين عضواً بمجلس الشعب السوري في الدور التشريعي الثاني (2016 – 2020).

موقع "الفن" التقى الفنان السوري عارف الطويل وكان هذا الحوار:

بعد غياب لسنوات طويلة، تعود اليوم لتقف أمام الكاميرا مجدداً عبر مسلسل "قناديل العشاق"، أخبرنا عن التفاصيل؟

أحل على العمل ضيف شرف بشخصية "عز الدين"، وهو باشا الانكشارية في الشام بزمن سليمان باشا العضم وأسعد باشا العضم، يتعرض للكثير من الأحداث، لكن لا أفضّل الكشف عنها.

تغيبت حوالى 10 سنوات عن التمثيل، ما سبب كل هذا الابتعاد؟

السبب الوحيد هو سفري الدائم وإقامتي في الخليج حوالى 12 عاماً وعملي كمخرج هناك، وأؤكد أن تغربي عن بلدي لم يكن بقرار مني وإنما الظروف والقدر لعبا دورهما بذلك، لكن عندما بدأت الحرب، عاد العديد من المغتربين السوريين لبلدهم وأنا واحد منهم، وعدت أيضاً للعمل بمهنتي في بلدي.

رغم العروض الكثيرة التي سبق وقدمت لك إلا أن اختيارك وقع على "قناديل العشاق"، ما الذي جذبك بالعمل؟

رأيت أن دوري كضيف شرف مناسب لي إلى حد ما رغم أنه لا يرضي طموحي الكبير، لكنني بالتأكيد أتطلع إلى أدوار تتضمن مساحة أكبر لا سيما إن كانت في مسلسل معاصر، وهناك مشاريع جديدة قيد التحضير حالياً على المستويين التمثيلي والإخراجي. بالعموم أحببت النص كثيراً، لأنه يمثل صفحة من صفحات النضال والتاريخ الدمشقي والسوري، وتاريخ هذا الشعب العريق.

عموماً ما رأيك المبدئي بالعمل وتوقعاتك له؟

أتوقع أنه سيكون من المسلسلات المتميزة على المائدة الرمضانية للموسم الحالي، ليس على الصعيد السوري فقط، وإنما العربي ككل، والنص مشغول بحرفية عالية، ويتناول فترة تاريخية مهمة لدمشق. أتمنى أن يحقق العمل نسبة مشاهدة عالية داخل سورية وخارجها، كي يحمل هوية المسلسلات السورية التي عهدناها، وهو خير سفير لسورية.

الفترة التي يتناولها العمل لم يسبق أن تم التطرق إليها، كيف يتم التعامل معها والاندماج فيها؟

تاريخ سورية ثري وحافل، وكل يوم من تاريخها القديم أو الحديث يتضمن أحداثاً حافلة تتناسب أن تكون مادة فنية غنية، سواء سينمائية أو درامية.

كيف أتممت تحضيراتك لشخصية "عز الدين"؟

عدت لتلك الحقبة التي يتناولها العمل، وقرأت عنها وعن تفاصيلها، ومنها نسجت تفاصيل الشخصية كي أعكسها بشكلها الصحيح البعيد كلياً عن التزييف، وقد حان الوقت كي نقول التاريخ كما هو وكما كان، وأن نكون صريحين مع أنفسنا بتاريخ سورية الحديث.

هل سيقدم العمل عِبراً للجمهور؟

طبعاً ومن دون أدنى شك، عندما نتوحد جميعنا اليوم كسوريين ضد عدو خارجي أتى كي يفتت بلدنا، فالصورة نفسها تنعكس على تلك الفترة، والسوريون توحدوا حينها بوجه المستعمر (كائناً من يكون) في سبيل وحدة سورية وشعبها.

أثيرت ضجة حول مجيء سيرين عبد النور لتصور في دمشق، هل كنت من المشجعين على قدومها؟

نعم كنت مع مجيئها للتصوير في دمشق، وأرى أن اللغط الذي حصل ليس بمكانه. وأنا مع حضور أي فنان إلى هنا، لأن هذه البلاد فتحت ذراعيها على مدار الزمن لأي فنان قادم من دول أخرى، فأهلاً وسهلاً بسيرين وبكل نجم عربي أتى وسيأتي إلى سورية لتقديم عمل فني، لأن سورية كانت مهد الفنون وستبقى هكذا.

سمعنا أنك قيد التحضير لإخراج مسلسل سيكون أول أعمالك الاخراجية في سورية بعد انقطاع..

نعم أحضّر لإخراج مسلسل جديد عنوانه "روزنا" تتولى إنتاجه المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني. وهو مسلسل اجتماعي معاصر يتناول الأزمة بشكلها الفني الدرامي وببعديها الإنساني والاجتماعي عبر حكاية أسرة حلبية تهجرت من مدينتها إلى دمشق إبان الأحداث، ويلاحق العمل عبر أحداثه قصة كل فرد من أفرادها، كما يرصد اللحظة التاريخية والمفصلية بالحرب على سورية، وهي تحرير حلب. وسيتم تنفيذه ما بين دمشق وحلب كون أحداثه تجري في هاتين المحافظتين.

سبق وقيل إن العمل سيكون للموسم الحالي.. هل هناك نية لتصويره قريباً؟

كان من المقرر ذلك، لكن لم يتم حتى اليوم سوى كتابة 18 حلقة، لكن مع نهاية الشهر الحالي سينهي الكاتب جميع حلقاته، وسنبدأ بتصويره بعد شهر رمضان المقبل مباشرة ليكون جاهزاً للعرض في موسم رمضان 2018. وحتى اليوم لا تزال الاتفاقات شفهية مع نخبة من نجوم الدراما، لكن لم يتم التعاقد رسمياً مع أحد.

سبق وأنتجت عدة مسلسلات تناولت البيئة الحلبية وحققت جماهيرية عالية.. ما رأيك بالعودة إلى تلك الأعمال؟

هذا العمل بمثابة كلمة شكر لمدينة حلب ولصمود أهلها الذين عانوا الكثير خلال الحرب، لكنهم صبروا وتشبثوا بأرضهم ومنازلهم حتى لحظة تحريرها من براثن الإرهاب. حلب تستحق من القائمين على الوسط الفني أن يقدموا أعمالاً عنها، فهي جزء مهم جداً من تاريخ سورية القديم والحديث، وأعتقد أن الأوان قد آن لذلك، وفنياً هناك عودة لتسليط الضوء عليها من قبل كافة أنواع الفنون. أنا متحمس جداً لتنفيذ العمل وأعتقد أنه سيكون واحداً من أهم المحطات المهمة التي ترصد الأزمة في سورية، وتسلط الضوء على آثارها في المجتمع.

هل تعتبر مسلسل "مرايا" السبب بإيصالك للجمهور وتحقيقك شهرة محلية وعربية؟

أعتبر هذا العمل واحداً من أهم المحطات في حياتي الفنية ولن أنساها، وقد عملتُ كثيراً في هذه السلسلة ومشاركتي لم تقتصر على جزء أو جزأين، بل كنت بمنزلة أحد أفراد أسرة العمل الأساسيين.

رغم ذلك تغيبت عن "مرايا" في الأجزاء الأخيرة، فما السبب؟

الأستاذ ياسر العظمة كان يتواصل معي بشكل دائم أثناء بدء التحضيرات لانطلاقة كل جزء، وكنا نتوافق أحياناً وأخرى لا بحكم عملي في الخليج وهذا سبب التغيب، لكن إن شاء الله عائدون، والمسلسلات الجميلة ستعود وكذلك لمة الأسرة السورية.

رغم أن بداياتك كانت من مسلسل "حمام القيشاني" لكن مشاركاتك قليلة في أعمال البيئة الشامية رغم أنك من عائلة دمشقية؟

شاركت في بدايتي بالأجزاء الثلاثة لـ"حمام القيشاني"، وسبب قلة مشاركاتي في الأعمال الشامية يعود إلى تقصيري وابتعادي بسبب غربتي وعدم تواجدي، ربما لو أني موجود في سورية لشاركت فيها، فهي بيئتي وأنا ولدت في حي العمارة، وعشت طوال عمري بين أحياء الشام، لكني اليوم عدت وسأعوض عن غيابي.

ما رأيك بالدراما السورية بشكل عام؟

أرى أنها عاشت مرحلة ذهبية، لكن دعنا نعترف بأنها تراجعت قليلاً بالمحتوى، وبسوية بعض الأعمال التي لا ترقى لمستوى الأعمال السابقة التي قدمت، لكن نأمل بوجود بوادر لعودة الدراما السورية إلى ألقها وقوتها، وأتمنى أن تكون بمثابة رسالة سورية حضارية لكافة الأقطار العربية الأخرى.

ما الصعوبات التي تواجها الدراما السورية حالياً؟

هناك صعوبات من كل النواحي، أولها تسويقية، فالمنتج ينفذ عملاً من دون أن يضمن شراءه من قبل المحطات، ما يعني أن العمل سيعرض فقط على المحطات السورية وبعض المحطات اللبنانية، وبالنتيجة العمل خاسر، وهذا يمنع رأس المال من المغامرة من جديد لإنتاج عمل آخر، وبالنهاية الإنتاج عملية تجارية ومن حق التاجر أن يحقق ربحاً كي يستمر بالإنتاج. ثانياً هناك مشكلة حقيقية بالنصوص، فمن الممكن أن نستخلص 4 نصوص جيدة من أصل 30 مثلاً، والباقية ليست على سوية جيدة، فعلينا أن نهتم بالمحتوى والنص وأن نشجع الكتّاب الموهوبين على التطور، وهناك مسلسلات عديدة لا ترقى لمستوى عمل فني على صعيد التصوير والإضاءة والمونتاج، ورغم ذلك تعرض على الشاشة، لذا علينا أن نعمل على إعداد كوادر لمدري التصوير والإضاءة والمونتاج ومهندسي الصوت كي نرفع من السوية الفنية ويصل العمل لمستوى المعايير والتلفزيونات الدولية. أعتقد أننا إذا أعرنا اهتماماً لرأس المال والإنتاج والنصوص والشكل الفني للعمل سيعود الألق الى الدراما السورية، بخاصة أن لدينا ممثلين من أهم الممثلين بالوطن العربي، حتى الخريجين موهوبين جداً، وهم ثروة حقيقية، وأيضاً نمتلك ثروة بأماكن التصوير وبالذاكرة الشعبية، فأين وكيفما ذهبنا لدينا قصة جميلة علينا أن نعرف كيف نقوم بنبشها واستغلالها والخروج منها بعمل جميل.

أرشيفك غني سينمائياً، أين أنتَ من السينما اليوم؟

قدمت مؤخراً نص فيلم للمؤسسة العامة للسينما عنوانه "مرتان"، وأنتظر الملاحظات عليه، وأتمنى أن ينال رضا اللجان القارئة ويبصر النور. فكرة النص مني وأخذت حيز من تفكيري لفترة طويلة والآن قررت فعلياً تنفيذها، بينما كتب السيناريو سامر إسماعيل. ويرصد الفيلم مرحلة مهمة من تاريخ سورية ويقدم مقولات متميزة جداً، ويتحدث عن فترتين زمنيتين، الأولى بداية الثمانينيات والثانية وقتنا الحالي، عبر حكاية فتاة خرساء تتعرض للتعذيب والاغتصاب لتلاحق عندما تكبر ذكرياتها وماضيها.

ما سبب اختيار "مرتان" عنوان لفيلمك؟

لأن بطلة العمل تكون شاهدة على مرحلتين وفترتين زمنيتين تتعرض خلالهما البلاد لهزات قوية، ويسلط الضوء على الرابط بينهما، فالأحداث التي عاشتها بعمر الـ5 سنوات تتكرر ذاتها بعمر الـ 45 سنة. وأريد أن أقول من خلال هذا العمل إن أحداثاً كبيرة جداً ومصيرية تتكرر، لكنها تأتي بغير وجه.

والكلام نفسه ينطبق على المسرح...

أنا مبتعد عن المسرح مكرهاً، وعُرضت عليّ مؤخراً بطولة عرض مسرحي وأسعى جاهداً كي أجد الوقت المناسب لأشارك فيه وأقف مجدداً على خشبته بعد غياب، فأنا ابن المسرح وانطلاقتي إلى عالم الفن كانت عبره.

المسرح شهد مؤخراً نهضة لافتة.. ما رأيك؟

عندما أرى هذه النهضة أشعر بنبضات قلبي تدق فرحاً وأشعر بأن النبض يعود لقلب سورية بقوة، فنبضها ضعف مؤخراً وبلدنا جرح كثيراً والآن بدأ يتعافى بفضل صمود أولاده وجيشه وشعبه لأكثر من 6 سنوات، ودائماً لدينا أمل أن "بكرا أحلى".

هل تعتقد أن السياسة سرقتك من الدراما؟

لم يعد بإمكاننا أن نفصل السياسة عن الفن "كلو صار مخلوط ببعضه"، وأصبحت السياسة جزءاً من يومياتنا جميعاً، وأصبح كل منا كبير وصغير مهما كانت ثقافتنا وأعمارنا يتحدث بها بنسبة 70 % من حديثنا اليومي. إذاً السياسة لم تبعدني، فهي بلدي وكلما سافرت لفترة أعود وألتصق فيها أكثر وأخاف عليها أضعاف مضاعفة "فإذا هي سياسية فأنا سياسي".

ما الذي تقدمه أو يمكن أن تقدمه لزملائك الفنانين من خلال عضويتك بمجلس الشعب؟

أنا وباقي الفنانين أعضاء المجلس نسعى للدفاع عن أصدقائنا الفنانين والمخرجين المقيمين داخل سورية وندعمهم، كما نعمل على تطوير الإنتاج الدرامي السوري بشكل عام سواء كان نتاج المؤسسة كقطاع حكومي أو نتاج قطاع خاص، ونعمل على رفع أجورهم ورفع السوية الفنية للأعمال المقدمة. لأننا نعلم تماماً أن الفن السوري كان في وقت من الأوقات سفيراً حقيقياً لسورية بكل الوطن العربي، وحقق بمرحلة من المراحل ما لم تحققه المعاهدات السياسية، واخترق كل الجدران ودخل كل البيوت بالوطن العربي ليقول هذه هي سورية، وأحبها الناس من وراء هذه الأعمال "ولازم نرجع هالشي".

مجلس الشعب يتعرض لانتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فكيف ترد عليها؟

مجلس الشعب لم يتم تأسيسه بالأمس وإنما من عشرات السنين، وأصبح هناك تراكم إلى نظرة تقليدية حوله وحول عدم فعاليته وعدم اقترابه والتصاقه بالمواطنين وبهموم الشارع السوري، ونحن اليوم وبدورته الحالية ينالنا هذا الانتقاد كونه نظرة جاهزة تجاهه. ونحن نحاول أن نوصل رسالة للشعب أن أعضاء المجلس الحالي ملتصقون بمتطلبات الناس والشارع. بالمناسبة تحت قبة البرلمان السوري الآن يتم الحديث بسقف عال جداً ربما لا يتم عند أي معارضة سورية بالتسميات، وتشخيص الوجع من دون أي تدخل بوجهة نظر تطرح.