أسدلت الستارة عن النسخة التاسعة من مهرجان أيام بيروت السينمائية بعد عرض اكثر من 50 عملاً سينمائياً لمجموعة كبيرة من المخرجين.

وكان حفل الاختتام مميزاً بعرض فيلم إصطياد أشباح، للمخرج الفلسطيني رائد أنضوني، في عرضه الجماهيري العربي الاول.

لم يتبقّ للمخرج رائد أنضوني من تجربة اعتقاله في المسكوبية، مركز التحقيق التابع للمخابرات الإسرائيلية شاباك، في عمر الثامنة عشر، إلا شظايا ذكريات لا يملك تمييز الحقيقي منها عن المتخيل. وفي سعيه إلى مواجهة هذه الذكريات التي تطارده، يقرر أنضوني إعادة بناء مكان ذلك المكان الغامض. واستجابة لإعلان عن وظائف شاغرة لمعتقلين سابقين في المسكوبية من أصحاب الخبرة في مجالات متعددة، يتجمهر عدد منهم في باحة بالقرب من رام الله لينطلقوا معاً في رحلة لإعادة اكتشاف ملامح سجنهم القديم، وليحاولوا تمثيل قصة عاشوا تفاصيلها بين جدران المركز. وهذا الفيلم حاز على جائزة أحسن فيلم وثائقي في مهرجان برلين السينمائي الدولي 2017.

صفير : الرقيب مارس القتل بحق المبدعين

ولكن البداية كانت للأسف بطريقة لم يرغبها منظمو المهرجان، كما قالت المخرجة زينة صفير، حيث قامت الأخيرة بقراءة البيان الصادر عن المهرجان بعد منع الرقابة عرض عمليين سينمائيين والضغط خلال الفترة الماضية من أجل حذف العديد من المشاهد التي تتضمنها الأفلام المشاركة في هذه الدورة.

وقالت زينة:" ... هذه الرقابة تسمح لنفسها أن تقفز من الدلالة إلى المغزى بناءً على رؤية تعتبرها حقاً، تماماً كما يفعل التكفير. قطع العلاقة بين المبدع والمتلقي تساوي فعل القتل. أردنا في أيام بيروت السينمائية اليوم أن نحتفل بمجموعة من المخرجين عبر إيصال أعمالهم لجمهورهم ، عبر توكيد العلاقة المقدسة القائمة بحكم الطبيعة بين التعبير والمتلقي، ولكن الرقيب ارتأى أن يمارس فعل القتل بحق عدد من المبدعين وكذلك بحق جمهورهم، أي بحق مدينة بأكملها".

وأضافت:" في هذه الدورة التاسعة من أيام بيروت السينمائية، كان الرقيب أكثر تشددًا من أي دورة مضت، في مسارٍ يوحي بأننا نتجه من السيء إلى الأسوأ. لم يمنح الرقيب هذه السنة اذن عرض (ولا حتى تحت إطار عرض ثقافي) لفلمين: "بيت البحر" للمخرج اللبناني روي ديب وفيلم "مولانا" للمخرج المصري مجدي أحمد علي. بالإضافة إلى ذلك، طلب الرقيب من عدة أفلام أخرى حذف مشاهد أو جمل معيّنة ، وبقيت هذه الأفلام مهددّة بمنع العرض حتى اللحظة الأخيرة، قبل أن يقبل الرقيب بمنحها "اذن عرض ثقافي" لمرة واحدة". كل هذا، في زمنٍ، تخطت فيه شبكة الأنترنت كل رقابة، وفي وقت تعرض شاشات التلفزة ما طاب لها من برامج تحفل بالعنصرية والطائفية وتشي بانهيارٍ كامل للقيم الإنسانية العامة".

رائد انضوني: في السينما كل شيء

انا بدأت هذا الفيلم على انه عمل "خيالي" ولكن عندما التقيت محمد خطار للمرة الاولى في منزله غير كل الامور التي كانت في رأسي. هو مصمم رقص فلسطيني معروف وهو أيضاً كان معتقلا في السجون الاسرائيلية. وعندما رأيت تعابيره وتصرفاته شعرت عندها ان العمل يمكن ان يكون أعمق فبدات التفكير بطريقة أخرى وأنني أريد أن ابني سجن واستعين بفريق عمل مؤلف من أشخاص كانوا سجناء. وحتى أدوار المحققين اسندتها إلى سجناء وبالتالي هنا كان الجزء الخيالي في العمل بالاضافة إلى انهم كانوا يتصرفون، المحققين، بالطريقة التي عاملوهم بها فجمعت بين الخيال والوثائقي."

وتابع: " الفيلم حقيقي جداً .. لقد شاهدتم الطريقة التي بدأنا فيها العمل وكيف تحولت الامور إلى بناء سجن ثم اعادة تجسيد الأمور التي حصلت معهم.. لقد عشنا الكثير من التوتر اثناء التصوير والامور لم تستقم ونستمع بالتصوير الا في الاسبوعين الأخيرين. مشاهد التمثيل واضحة في العمل وهي قليلة اما الباقي فكله حقيقي.. في الاول كان مشروعي ولكنه أصبح لاحقا مشروع كل واحد من المشاركين في. العمل لم كان سهلا عليهم وانا من الاول وضعتهم بالصورة واعطيتهم حق الانسحاب في الوقت الذي يريدوه وحتى الممثل الرئيسي كان له الحق بالانسحاب .. وهناك بالفعل شخص انسحب من العمل ".

وأكمل:" أصعب شيء كان ان اجد الخط الخاص بي بالعمل والمكان المناسب الذي ادخل فيه .. ولهذا استعملت الـ "animation" لتجسيد دوري في القصة. وباللحظة التي سلمتهم نفسي اعدت تجسيد اعتقالي . وبصراحة بعد هذا المشهد الكل ارتاح".