"حين يقف المسافر عبر بلادنا عند قرية ما فإنه لا يحتاج إلى السؤال عن الطعام أو الماء، فمجرد وقوفه عند هذه القرية سيجعل أهلها يطعمونه ويرحبون به.

هذا أحد جوانب الأوبنتو المتعددة. الأوبنتو لا تعني أن الفرد لا يجب أن يهتم ويثري نفسه، ولكن السؤال هنا: هل تستطيع فعل ذلك بحيث يكون في سبيل تطوير المجتمع من حولك؟".

هكذا يعرّف الراحل نيلسون مانديلا "الأوبنتو"، وهو مصطلح يعود جذوره إلى لغات البانتو الجنوب أفريقية، وقرر المخرج اللبناني كريستيان أبو عبود أن يحمل هذا المصطلح عنوان فيلمه الوثائقي الذي يتحدث عن فتاة سورية تسافر وأختها إلى السويد بطريقة غير شرعية.

يروي كريستيان أبو عبود في العرض الخاص لفيلمه ضمن مهرجان أيام بيروت السينمائية قصة "دارين" من محافظة سويداء السورية التي لا تشعر بالأمان مع أي إنسان ولا بالإنتماء إلى أي مكان. تكشف دارين عن أسرارٍ لم تتجرأ على ذكرها سابقٍ، عن والدٍ قاس لم تنسَ حين لجأت له مع قصيدتها الأولى وقابلها بوجه ساخر وسيل من الشتائم، وعائلة لا يعرفون بعضهم، لا تتمكن من معانقة أحد أفراد عائلتها لأنّها لم تعتد على ذلك سابقاً، تكبر وتقرر أن تهاجر من البلد بعد تأزم الأوضاع، تتخلى عن عملها في دبي من أجل هجرة غير شرعية إلى السويد عن طريق مهرّب كلّفتها عشرة آلاف يورو والخوف والإهانة والدونية، لحظات تضاهي عمراً كاملاً من الإنتظار خلال تواجدها في المطار وسفرها بجواز فرنسي مزوّر.

لم تتوقع دارين أن يغيّر هذا الوثائقي مجرى حياتها بالكامل، وأن تقع في غرام الرجل الذي تعرّي كامل قصتها أمام كاميراته. غرام كان يستحق أن تتخلى عن كل ما فعلته للهجرة إلى السويد والسفر إلى بيروت حيث يتواجد الحبيب، مع سفرها كل 5 أشهر إلى السويد مجدداً كي لا تخسر الإقامة هناك، وسفرها مرةً كل شهر إلى قبرص بحسب القانون اللبناني.

نجح الفيلم في أن يشدنا لمعرفة تفاصيل أكثر عن دارين الفتاة التي لا تشبه إلاّ نفسها، زرع حميمية معينة بين المشاهد ودارين، وتشعر بأنّها في عيادة طبيب نفسي تكشف عن تفاصيل في حياتها وتحاول اكتشاف ذاتها مجدداً.

موقع "الفن" حضر حفل افتتاح الفيلم في المهرجان المذكور، وإلتقى المخرج كريستيان أبو عبود الذي كان سعيداً بالأصداء التي سمعها من الحضور عقب إنتهاء الفيلم.

يكشف المخرج أنّه كان يصور فيلماً وثائقياً في السويد، وعندها تعرّف إلى دارين، ودارت بينهما أحاديث طويلة بفترة قصيرة، جعلت الأخيرة توافق على أن تكون بطلة فيلمه.

وحول سبب إختياره إسم Ubuntu وهو إسم غريب، قال إنّ الإسم وهو مصطلح إفريقي معقّد له فلسفته الخاصة الذي يعني أنّ ما يفعله الإنسان هو إنعكاس لأشخاص آخرين.

يؤكد كريستيان أنّ علاقته بدارين ما زالت مستمرة لليوم، حيث جمعته بها قصة حب، لكن رغم ذلك تتواجد دارين في الآونة الأخيرة في السويد، من دون رغبتها في العودة إلى لبنان مجدداً..

ورداً على سؤال إذا أثرت علاقتهما معاً على تصوير الفيلم سلباً، نفى أبو عبود هذا الموضوع، مشيراً إلى أنّه كان يتعرّف إليها أكثر خلال التصوير، وكان يطلب منها أن لا تخبره إلاّ عندما ترى الضوء الأحمر من الكاميرا.