شحرور الوادي، أسعد الخوري الفغالي ابن بدادون ظلّ يغرّد شعراً وزجلاً حتى وصل ترداد صوته إلى حدود السماوات. هو الشّاعر الذي عمّد قلمه بماء الزّجل من ينابيع القرية والطبيعة والحب والفخر والوطن، هو شاعرٌ زجليّ رفع الشعر اللبناني الزجلي إلى مقام الفصحى ورفع إسم لبنان عالياً بأبيات خلّدته وخلّدت حبّه للبنان :

"لبنان ما عندي وطن بمعزتو

محلى التظلل تحت فيّة أرزتو

ولسبدّ يا لبنان ما نرجع نقول

نيال من لو فيك مرقد عنزتو

شحرور الوادي الآتي من بدادون هو إبن الشاعر الخوري لويس الفغالي وربما ديوان "شمس المغنى" هو شمسها الشعرية الساطعة. شحرور الوادي هو أسعد الفغالي، نبع الزجل الذي قال فيه الشاعر الراحل أسعد السبعلي: "الشحرور هلّي خلقت النعمة إلو، بيعرف سكوتي ليش، صوتي مش حلو من هيك خليت الغنا لأهل الغنا بخاف غنيّ والبلابل يهشلو..."

شحرور الوادي خدم في الشرطة وكانت هوايته الخيل وهو من رواد قهوة "القزاز". تربّى على الزّجل فصار أب الزّجل المنبري فالتراث العامي وبما أنه عمل ثقافي وشعري كان الشعراء يسعون إلى تأسيس جوقات زجلية وترؤس هذه الجوقات دلالة على مكانتهم الشعرية في المجتمع، وهنا نذكر شذرا بسيطا عن الجوقات الزجلية، خاصة أن هناك حقق شهرة كبيرة جدا ومنها ما هو مستمر حتى يومنا هذا. كانت جوقة شحرور الوادي أولى الجوقات حيث راودت الشحرور فكرة إنشاء جوقة مدة 3 سنوات قبل أن نفذها في عام 1928وواجه عقدتين اسم الفرقة وأشخاصها. وتمكن من تكوين جوقة شحرور الوادي وضمت في بدايتها الشحرور – أمين أيوب – يوسف عبدالله الكحالة – الياس القهوجي – ثم انضم إليها بعد ذلك علي الحاج – طانيوس عبده وأنيس روحانا. بعد وفاته انضم إلى الجوقة بحسب وصية الشحرور الشاعر أميل رزق الله، وبقيت الجوقة محافظة على أعضائها إلى تاريخ وفاة الشاعر علي الحاج عام 1971، وكانت نواة الزجل وتأسيس الجوقات

.عرف عنه أنه ارتجل الزّجل وهو في العاشرة من عمره وقد تعلّم في أكثر من مدرسة وقد ألمّ بالعربية والفرنسية والسريانيّة. وقد سافر إلى مصر من دون علم والديه لكنه لم يطل الإقامة فيها فعاد ليتسلّم وظيفة في سكّة الحديد وبعد أن اعتقل في سالونيك عاد ليدخل إلى سلك البوليس لسنوات خمس اسّس بعدها جوقته الزّجلية.

هو شهير مشاهير بدادون كما كانت تقول حفيدته "الصبوحة".

من أشعاره الزجلية:

يا بحر

يا بحر انت الباب للهجران شنطلت عنا الاهل والخلان

يابحر قديش لاحقك لعنات من شيوخ ومن نسا وصبيان

يا بحر كم غرّقت باللجات من نازلينك هاجرو الاوطان

كم تركت عيال بالحسرات سابحة في ابحر الاحزان

رميتنا يا بحر بالنكبات الماء فيك والقلب من صوان

نحنا بحماك وفقشة الموجات بتثير جوات الحشا نيران

يا بحر فيك بيضربو الشبكات يتصيدو المرمور والسلطان

بتلذّنا في طعمة السمكات منها مناكل والقلب فرحان

وهجر الاحبابيشبه الحسكات لو صابت الاكباد والشريان

يا بحر حايق كافة الجهات ومركبك بيسيرو القبطان

تلتين مياهك اصلها دمعات من والدين واصدقاء واخوان

يا بحر اجبر خاطر الامات يا بحر بحياة العلي الرحمان

يا بحرهاللي راح راح ومات رد البقية عاجبل لبنان

شايف غزالي كالغزال بريقها رايحه عالعين تملي الوادي

واسألتها من وين معصور العنب تترد عني السكر بلعة ريقها

شايف غزالي وصافها بيقسمو في وجهها هيبات ربي ترسموا

ضدين فم وعين لو رميت قتيل العين تجرح والرضاب يبلسمو

شايف غزالي قدرها عالي وسما قناصة اسود الفيافي بتنسما

في مشيها بترقص قلوب البشر وبلحظها بتكهرب بتكهرب نجوم السما

يا ليلى - موشح

يا ليلي نخو لحدك غضنين ريحان

سرقو من مشقة قدك مسطرة البان

يا ليلي نخو لحدك أغصان الآس

سرقو من مشقة قدك لقدود الناس

ورد الجوري قال خدك عميحني الراس

مشتاق يقبل خدك لكن فزعان

الكون بنور تكاوينك عم يضوي

عم يتزايد تلوينك شو هالحضوي

بيد الخالق تكوينك كان همبيضوي

آخد من لمح جبينك قمر نسيان

الرب تفضالك جمعه تسواك

مسكوبس مثل الشمعة ما احلاكي

ملوك الدمعه بالدمعه على ملقاكي

ونصف العالم عالسمعه لاجلك خوتان

كان الشاعر شحرور الوادي سريع البديهة منذ صغره و كانت المعلمة تغتاظ من تلميذها الذي يرتبك كلما حاول الإجابة عن سؤالها بمادة الحساب , وفي أحد الأيام ضربته على خدًه فقال لها :

ياريتني ع طول بغلط بالحسـاب وبدَوبِل بصفي يا أحلـى معلمـة

و بضل أغلط قصد في رد الجواب تتضل إيـدِك ع خـدودي مْعَلّمـة