افتتح المخرج اللبناني ماهر أبي سمرا فيلمه الوثائقي الجديد "مخدومين" الذي حصد جوائز عالمية عديدة منها "جائزة السلام" في مهرجان برلين السينمائي- فوروم، مروراً بمهرجان بوينس أيريس BAFICI وصولاً إلى جائزة أفضل فيلم غير روائي في "مهرجان دبي السينمائي الدولي"، في بيروت في سينما "متروبوليس أمبير"، صوفيل، على أن يبدأ عرضه في نفس الصالة بدءاً من 9 شباط رغم أنّ الفيلم لغاية اليوم لم يحصل على ترخيص للعرض من قبل الأمن العام، والعرض مساء الأربعاء كان استثنائياً.

يتطرّق ماهر أبي سمرا في الفيلم الذي أنتجته شركة "أرجوان" للإنتاج الفني لموضوع العاملات الأجنبيات في لبنان برؤيا جديدة من دون أن يظهرهنّ وهي نقطة تُحسب له، مبرراً على لسان الممثلة اللبنانية برناديت حديب التي قالت في بداية الفيلم: "العاملة الجيدة هي التي لا نشعر بها"، ومن هنا بدأ أبي سمرا العمل على غير المرئي، هي مخاطرة كبيرة حتماً لكن نتيجتها كانت رؤيا جديدة حصدت أبرز الجوائز.
تُخبرنا برناديت عن المعاناة التي تعرضت لها بسبب لون بشرتها السمراء، عن محاولاتت والدتها لمنعها من الذهاب إلى المسبح لكي لا تزداد اسمراراً، أو إصرار صاحبة الصيدلية على إخبارها عن الكريمات المفتحة للوجه.. تعود وتخبرنا عن بديهية وجود العاملة المنزلية في البيت.

يفتح "زين" صاحب وكالة استقدام للعمالة من آسيا وأفريقيا مكتبه لكاميرا أبي سمرا، يسجّل الأخير طبيعة الأحداث في المكتب، يحاول نقل الواقع كما هو بدون مبالغة أو إخفاء للحقيقة. يُخبرنا زين عن تاريخ هذه المكاتب وكيف بدأت العاملة السريلانكية تتواجد بشكل كبير نهاية السبعينيات، بالإضافة إلى عملية إحضار العاملة من بلدها إلى لبنان فالبيت الذي ستمضي سنوات تعمل فيه، ولا يبخل على المشاهد بمعلومات حول مشاكل العاملات وطرق التعامل معهنّ من خلال مواقف تحدث في المكتب أمام كاميرا المخرج بين العاملة وأصحاب البيت. استعباد العاملات ليس محصوراً في العائلات اللبنانية، بل يؤكد أبي سمرا أنّ الدولة ومؤسساتها متواطئة مع العائلات ضدّ العاملة التي أصبحت سلعة. لدى العديد من اللبنانيين عقدة المظاهر، يمرر ماهر أبي سمرا كاميرته نحو المباني القديمة وشقق أصحاب المدخول المحدود، لا يستطيعون العيش بدون عاملة، التي تحولت إلى مظاهر ضرورية في حياتهم، نرى الهندسة المعمارية للبيوت ولغرفة العاملة التي لا تتعدى الأمتار الخمسة.


يكشف لنا مخرج الفيلم ماهر أبي سمرا عن أسلوب الإخراج الذي اعتمده وعدم إظهاره العاملات في الفيلم، وقال ماهر: "الخدم في المدينة غير موجودين نلتقي بهم يوم الأحد ربما ونشعر بأنّهم كثر من بعدها يتبعثرون في المدينة في أماكن غير مرئية، في غرف غير مرئية، بالإضافة إلى المهنة وكما قالت الممثلة برناديت في بداية الفيلم العاملة الجيدة هي التي لا نشعر بها وبعملها، تعمل بدون أن نراها. لذا عدة عوامل جعلتني أعمل على غير المرئي بهذا الفيلم".
وعن سهولة دخوله لمكتب "زين" وتصوير الواقع كما هو قال: "زين إلتقيت به في قهوةة بالحمرا، وهو من الأشخاص المنفتحين في الحياة كما أعتقد أنّه من محبي الكاميرا والتصوير، كما أنّه لم تكن لدي رغبة لتصوير فضائح معينة، هذا ليس هدفي الأمر الذي شجعه لكي نقوم بالتصوير في مكتبه".


يضيف ماهر قائلاً: "إنّ زين يجب ألا يخجل من نفسه، نحن الزبائن وهو يعمل من أجلنا، يؤمن لنا ما نُريده، لو أردنا بطاطا لكان أحضر بطاطا، على هذا الأساس إنطلقت مع زين الذي وافق على التصوير ونقل ما يحدث في مكتبه إلى الشاشة الكبيرة".

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاًاضغط هنا.