بدأت مسرحية "حبلي En cinq " بفكرة خطرت ببال بطلة المسرحية ندى أبو فرحات عندما أصبحت حاملاً في الشهر الثالث، لم تمضِ دقائق معدودة حتى طرحتها على الممثل والكاتب غابريال يمين الذي تمكن أن يحول فكرتها إلى مسرحية كوميدية تتحدث عن معاناة المرأة الحامل والمرأة والرجل بشكل عام اللذين يتعرضان للضغوطات من المجتمع والدين.


لعلّها المرة الأول عربياً التي نشاهد فيها ممثلة حامل بشهرها السابع تقدّم عملاً مسرحياً لمدة ساعة ونصف على خشبة المسرح، أي أنّ ندى كسرت أول تابو بهذه الخطوة، تؤكد ندى لـ "الفن" أنّها يجب أن تتابع عملها مثل أي امرأة حامل وتذهب إلى عملها بشكل يومي، وهذا ما فعلته مساء الأحد في العرض الأول للمسرحية المذكورة التي تقوم ببطولتها ويشاركها في التمثيل كل من زينب عساف، أسامة العلي وجويس أبو جودة على مسرح "مترو المدينة".


"كلير" هي الشخصية التي تلعب دورها ندى في المسرحية، ومن خلالها تكشف عن معاناة المرأة الحامل في المجتمع، ونعيش معها مراحل حياتها بدءاً من الطفولة كاشفةً علاقة والديها السيئة التي أثرت على تصرفاتها في المدرسة، تخبرنا عن ردة فعلها خلال مرحلة الحيض لأول مرة والأسلوب الخاطئ الذي أخبرتها به والدتها، وعن صديقتها المتصالحة مع جسدها، عن جارتها التي تفقد شعور المتعة الجنسية مع زوجها خلال ممارسة الجنس. في هذه الأجواء نشأت كلير وتحولت إلى شابة خاضغة بشكل كامل إلى إرادة المجتمع والأهل والدين، تنظر إلى نفسها ولا تجدها، بل ترى مجموعة أفكار ومعتقدات لا تشبهها ولا تعكس صورتها الحقيقية، كحال العديد من الأشخاص الذين تخلوا عن أنفسهم ليكونوا ما يريده المجتمع، سجنها الخوف وتلجأ كلير إلى طبيبة نفسية لمساعدتها بعدما أصبحت في عمر تُعاير فيه على عدم زواجها بعد، "هل تتحول إلى امرأة عانس؟" هذا ما يخيفها لـ "كلير"، وهنا تجعلك ندى تسأل: "هل من الضروري إذا كنت فتاةً أن أتزوج؟ وإذا كنت امرأة هل حقاً يجب أن أنجب؟". حتماً الجواب لا. لكن "اكلير" بعد زواجها تعيش صراعاً بسبب عدم إنجابها، الوضع أصبح أكثر تعقيداً بعدما علمت بخبر حملها الذي انتظرته وزوجها والمجتمع لسنوات، لكن الجميع ينتظر "ولي العهد" الذي أرسل شقيقته بدلاً عنه.


تُضحكنا ندى والممثلون الموجودون مراراً وتكراراً بأداء متقن رافقه نص فيه كل مقومات النص الناجح الذي يصل بسلاسة لكل الحضور مع إختلاف ثقافاتهم. أبدع كاتب المسرحية غابريال يمين في تقمّص دور المرأة الحامل خلال كتابته النص ودخل في سراديب للأسف تجهلها الكثير من النساء عن نفسها. أما رسالة "كلير" لجنينها في المشهد الأخير فكانت كفيلة لنرفع القبعة لندى كل مرة نشاهدها.

على خلاف "كلير" تُخبرنا ندى أنّها حامل بصبي وتنتظر أن يُبصر النور خلال الأشهر المقبلة، مشيرةً إلى أنّها أعطت الفكرة لغابريال يمين وهو من قام بكتابة العمل، وقالت: " كتير صعب على رجل يكتب معاناة امرأة حامل وأشكره جداً على النص الذي قدمه بين يديّ".
وعن سبب اختيارها لغابريال تحديداً قالت: "كنت أرغب في تقديم مسرحية كوميدية، وأنا متابعة لأعمال غابريال ولأسلوبه في الكتابة، وهو له طريقة كوميدية خاصة به والأكثر قرباً لعقلاتي". وعن المسرحية تقول ندى: "نقوم بتسليط الضوء على الرجال والنساء المقموعين من المجتمع والدين..هم لا يملكون حرية الإختيار". وحول الصعوبات التي قد تواجهها خلال تقديم المسرحية بسبب حملها قالت: أخذت بعين الإعتبار أنّني لا أستطيع التحرك كثيراً وأن أبذل مجهوداً جسدياً فوق طاقتي على المسرح، لكن المطلوب مني كممثلة أن تكون مشاعري قوية لكي تصل للجمهور"، وتضيف ممازحةً :" الجنين لبّط كتير قبل ما اطلع على المسرح".
وتتابع: "ما أقوم به هو نوع من العلاج النفسي، وعندما يوجد طاقة إيجابية تؤثر إيجاباً عليّ وعلى الـ Baby".
تستمر المسرحية في العرض على خشبة مسرح "مترو المدينة" لغاية آخر شهر شباط، وقد يتم التمديد في حال بقيت ندى والجنين بصحة جيدة..وأنتم ماذا تنتظرون؟