تقدم الصالات السينمائية اللبنانية في الفترة الاخيرة عدداً من الأفلام المحلية التي تتنوع بين الكوميدية والرومنسية بالإضافة إلى أعمال تندرج في خانة "أفلام المقاومة" التي حجزت لنفسها مكاناً في الصالات السينمائية مثل "33 يوم"، "خلة وردة" وغيرها وحتى على الشاشة الصغيرة مثل "الغالبون"، "قيامة البنادق"، "درب اليسمين" وغيرها.

قد يعتبر البعض أن هذه الأعمال محصورة فقط ببيئة المقاومة والمجتمع المؤيد لها، لكن منذ أيام طرح في الصالات اللبنانية عمل سينمائية بعنوان "باقي هون" يتناول موضوع المقاومة من منظار آخر وأكثر جرأة.

الفيلم يشجع العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين ويوضح هدف ورسالة المقاومة. تتمحور قصة الفيلم حول شاب مسيحي يدعى زياد يكره المقاومة ومشروعها ويعتبر أن المقاومة تدمر الوطن لا تحميه. إلى أن يذهب برحلة مخيم في منطقة جزين هو ورفاقه في 11 تموز 2006 حيث تحدث الحرب في 12 تموز، ويتعرضون لغارة إسرائيلية مما يؤدي إلى موت رفاقه وأخته، فيما ينجو زياد ويبدأ بالركض في الغابة، إلى أن يلتقي بمجموعة من المقاومة. وتدور أحداث الفيلم مع المجموعة الضائعة للمقاومة التي تحاول الوصول إلى أقرب نقطة للتواصل مع أشخاص لإرساله الى نقطة مدنية آمنة.

فيلم باقي هون، كتابة محمد فاضل، إخراج حسن حريري وبطولة محمد فاضل والفنّان القدير جهاد الأطرش والفنانة القديرة فاتن الطويل والممثلين محمّد عيّاش ومحمود سعد، محمد سماحة، سكينة العوطى، ديانا شويخ، عزام عجرم، نور حبحاب، وقاسم نجمة.

موقع "الفن" كان حاضراً خلال حفل الإفتتاح والتقى بعض عناصر فريق العمل، مع الإشارة إلى أن الممثل جهاد الأطرش اعتذر عن حضور العرض الافتتاحي لأسباب صحية.

المخرج حسن حريري، تحدث عن تجربته في هذا العمل وقال :" فيلم "باقي هون" من أصعب التجارب التي خضتها حتى الآن، مع العلم انه الفيلم الطويل الأول الذي أخرجه، لكن فكرة العمل حساسة جداً وصعبة. أنا عشت تفاصيل كتابة الفيلم أي منذ اختار محمد الفكرة الاساسية التي انطلق منها لتنفيذ العمل".

وعن صعوبة تنفيذ المشاهد القتالية والتفجيرات، أجاب:" يتضمن الفيلم بعض مشاهد التفجير ولا يوجد فيه مشاهد قتالية. وهذا الجزء كان صعباً لأننا لا نزال مبتدئين بما يتعلق بتنفيذ التفجيرات ووجدنا صعوبة في الأمر. كما كان علينا أن نصور المشاهد العسكرية في أماكن حرجية لا يوجد فيها آثار الأقدام البشرية. هذا عدا عن التصاريح الأمنية التي كان يجب أن نحصل عليها لتنفيذ المشاهد ".

وعن التنسيق بين فريق العمل والجهات المعنية في حزب الله، قال حريري:" عندما طرح الإعلان الترويجي للعمل تلقينا عدداً من الاتصالات من جهات في حزب الله طلبت معرفة قصة العمل لأنهم يحرصون على الصورة التي تظهر فيها المقاومة وعدم الاساءة لها".
اما عن جديده فقال:" لدينا عمل سينمائي جديد مع محمد فاضل لكن من نوع آخر، سيكون كوميدي – رومنسي".

من جهته قال المؤلف والممثل محمد فاضل لموقعنا:" الفكرة أتت منذ 8 سنوات وهي نابعة من احساس خاص معين، وبقي معي إلى تاريخ تصوير الفيلم. أنا من الأشخاص الذين يدعمون المقاومة، لكن في حرب تموز وفي لحظة ضعف قلت بيني وبين نفسي "لماذا فعلت المقاومة ذلك ؟" ثم سمعت بعض ما قاله الأشخاص المهرجون الذين تركوا منازلهم من هذه العناصر كونت شخصية زياد".

وتابع:" أنا قلت إنني داعم للمقاومة، لكن في الفيلم لن أتحدث بالتحديد عن مقاومة حزب الله. انا انطلقت من تاريخ 11 تموز، وهو تاريخ حقيقي، وأضفت إليه أموراً من خيالي. أنا ركزت على فكرة المقاومة بشكل عام ولم أحصرها في مقاومة لبنان، ويمكن لشخص فلسطيني أو سوري أو مصري أن يشاهده ويعتبر أنني أتحدث عنه".

وعن اختيار أن يكون زياد شخصية مسيحية، برر محمد قائلاً:" ممكن يكون زياد شخص سنّي أو شيعي أو علوي .. لكنني افضلت أن أبتعد عن الديانة الاسلامية وقرّب وجهات النظر بين المسلمين والمسيحيين. الوقت أصبح ملائماً والبلد بحاجة إلى تقريب وجوهات النظر فيه".

وعن عرض الفيلم في صالات واقعة جغرافياً في مناطق ذات أكثرية مسلمة، أجاب:" أنت تعرف الوضع في البلد .. وليس كل الصالات تمتلك الجرأة لتقول إنها تعرض فيلماً عن المقاومة. صالات "غراند سينماز" كانت أجرأ من الصالات الأخرى. لكن هناك مفاوضات من أجل عرض الفيلم في صالات أخرى لاحقاً".

الممثلة القديرة فاتن الطويل، تحدثت أيضاً لموقعنا وقالت عن هذه التجربة:" هذا العمل يجمع الكل .. هو عن عائلة مسيحية تقع بقلب الحدث تجعلنا نشعر أن المقاومة ليس حكر على طائفة معينة .. المقاومة هي لبنانية لكل اللبنانيين".

وتابعت:" أنا لا اعتبر مشاركتي في هذه الأعمال خطوة خاطئة، فقد سبق لي أن شاركت في أكثر من مسلسل مثل "قيامة البنادق"، "الغالبون" وقريباً لدي مسلسل جديد بعنوان "بلاد الشمس".

وأضافت:" أنا ممثلة أؤدي كل الأدوار وأتعامل مع كل شركات الانتاج".

وعن جديدها قالت:" بعد أيام سنبدأ تصوير مسلسل "بلاد الشمس" من إنتاج مركز بيروت، وكنت شارفت على الانتهاء من تصوير دوري في مسلسل "كل الحب كل الغرام" مع المنتج ايلي معلوف".

في الختام تجدر الاشارة إلى أن فكرة العمل تعد خطوة ايجابية نحو تقريب وجهات النظر أو على الأقل إحداث خرق في هذا الجدار الذي يفصل بين المجتمع المسيحي والمقاومة.

لكن من الناحية التقنية والسينمائية العمل طاله في العرض الأول العديد من الانتقادات الإخراجية التي كان يجب أن ينتبه لها فريق العمل، بالاضافة إلى أن الأداء لم يكن مقنعاً بما فيه الكفاية وتحديداً بما يتعلق بتأدية الشخصيات المسيحية. فقد وقع فريق العمل بأكثر من هفوة من خلال استخدام مصطلحات وعبارات ليست رائجة عند المسيحيين، وريما كان الأجدر الاستعانة بممثل مسيحي لتأدية الدور أو إشراك طرف مسيحي خلال كتابة نص العمل.

وطبعاً هذه الملاحظات لا تصب في خانة التقليل من أهمية العمل، إنما هي ملاحظات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في حال أراد المخرج والكاتب النجاح في تجربتهما المقبلة.

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاًإضغط هنا