أثبت الممثل السوري أحمد الأحمد كفاءته منذ ظهوره الأول على الشاشة، وتحديداً منذ تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق عام 2002.

قدم ما يقارب ستين مسلسلاً، من أهم أعماله الدرامية "ضبوا الشناتي"، و"السراب"، و"طريق النحل"، و"قاع المدينة"، و"قلبي معكم"، و"بقعة ضوء"، و"الإنتظار"، و"أهل الغرام"، و"بإنتظار الياسمين".

الأحمد حل ضيفاً على موقع "الفن" من خلال الحوار الآتي .

قمت مؤخراً بتصوير آخر مشاهدك في مسلسل "هواجس عابرة" ، فما تفاصيل شخصيتك؟

أؤدي شخصية "يزن"، وهو مالك بناية فيها مجموعة من المستأجرين تختلف إختصاصاتهم ما بين كوافير وطبيب وعدد من المصورين، يعاني مشاكل زوجية مع "أروى" (كاريس بشار) حيث يسود علاقتهما الكثير من الشك والغيرة لتصل به إلى حالة مرضية على شكل هواجس وتخيله لأمور غير واقعية تبدو للمشاهد كأنها حقيقية، ما يتسبب بخلافات مع المحيط. الشخصية معقدة فيها تناقضات غريبة ما بين الواقع والعالم الداخلي، لكنها لا تخلو من المواقف الطريفة.

تقف إلى جانب كاريس بشار بدور بطولي للمرة الأولى، كيف تقيّم ذلك؟

تعاونا مسبقاً في مسلسل "قلم حمرة"، وبمنطق الفنان لا يختلف الدور البطولي عن سواه من حيث الأهمية. وأعتبر تعاوني مع كاريس مريحاً وممتعاً، وقد شكلنا ثنائياً جميلاً جمع تفاصيل فن الأداء.

ما تقييمك للعمل بوجود أسماء لامعة في عالم الكوميديا؟

لا يمكنني تقييم العمل حالياً، لكنني أستطيع أن أتحسس مدى نجاحه في مراحل معينة، فالعمل فن جماعي وتقييمه يتوقف على تكامل بقية العناصر سواء من ناحية المونتاج أو الموسيقى أو طريقة الطرح أو الفكرة. الموضوع أكثر تعقيداً مما نتخيل، لكن هناك مؤشرات دائماً تدفعك خطوة للأمام.

المشاهد الطريفة في المسلسل، هل هي إرتجال أم كما جاءت في النص؟

العمل ليس كوميدياً، وإنما "سوبر لايت" كما أطلق عليه المخرج، أي أنه إجتماعي وفي الوقت نفسه يحوي مواقف طريفة. وبالنسبة للإرتجال فهناك هامش للممثلين الذين يتبعون هذه المدرسة يحفزهم على خلق تفاصيل عفوية مضحكة.

هل تصنف نفسك من ضمن هؤلاء؟

أعتبر نفسي قريباً من هذه المدرسة كوني تعلمت فن الإرتجال في فرنسا مع "رياموشكين" من خلال قيامي بعدة ورشات عمل، إضافة إلى عملي بأدوار أخرى تندرج ضمن القالب العفوي.

كيف تقيّم الكوميديا السورية حالياً؟

ليس من المنصف تقييم الكوميديا وسط كم الأعمال الإجتماعية المقدمة، حيث ما زال ينقصها رأس المال والنصوص الجيدة وكادر العمل المحترف بدءاً من الممثل الكومبارس وإنتهاءً بالمخرج. وللأسف في الدول المتقدمة يقدّر هذا النوع ويُبذل فيه جهداً مضاعفاً على عكس ما تتعرض له الكوميديا في عالمنا العربي.

نلت لقب "الكوميديان الأخطر".. ما رأيك به؟

يحق للآخرين إطلاق أي لقب يرونه مناسباً، وبما أنه لقب إيجابي فبالتأكيد أنا سعيد به، وأتمنى أن أكون دائماً عند حسن ظن الجميع.

سابقاً، تذمرت من تأطيرك بالكوميديا، هل إختلف الوضع حالياً بعد التميز الذي حققته في باقي الأنواع الدرامية؟

لم أشتكِ قط لكن أسيء فهمي، فقد سبق وذكرتُ أن الكوميديا ليست تهمة أو نوعاً يقل عن باقي الأنواع الدرامية، بل على العكس أنا فخور بكوني ممثلاً كوميدياً، فالفن هو جهد بغض النظر عن نوعه، ولو كان الظرف مؤاتياً "لن أترك حبيبتي". لكن ما يزعجني حقاً هو نوعية التعاطي مع الكوميديا والإستخفاف بها التي أثرت في إتجاهي لتأدية أدوار أخرى تساعدني على إبراز باقي الجوانب الفنية من جهة وإشباع طموحاتي من جهة أخرى.

إلى جانب "هواجس عابرة"، ما هي آخر أعمالك؟

وقعت عقداً مع شركة "إيمار الشام" للمشاركة في بطولة مسلسل "شوق" من إخراج المبدعة رشا شربتجي لأؤدي دور "جمال"، وهي شخصية سلبية جداً ومغرية وبعيدة كل البعد عن الكوميديا، كما تلقيت العديد من العروض لكن بصراحة رفضت أغلبها لأسباب فنية.

هل تلعب الشروط الإنتاجية دوراً بإختياراتك؟

بالطبع، فقبولي لأي دور متوقف على الشقين الفني والمادي.

بالعودة للموسم الماضي، شاركت بمسلسل "الطواريد" ما رأيك بالنقد الموجه له؟

أي عمل فني يتعرض للنقد سواء سلباً أو إيجاباً، وطبعاً لا ضير فيه طالما أنه بنّاء.

ما سبب إنتشاره خليجياً أكثر من الداخل السوري؟

الموضوع نسبي ولا أستطيع البت بذلك طالما أنه لا يوجد أرقام دقيقة، لكن في سورية يتأثر إنتشار العمل بموضوع التوقيت والعرض والإعادة.

هل أنت مع إنتاج أجزاء جديدة من "بقعة ضوء"، وما تقييمك لسويته بأجزائه الأخيرة؟

طبعا أؤيد إستمراريته طالما هناك نصوص ولوحات مبتكرة جديدة، وموضوع التقييم مرتبط بماهية الأفكار المقدمة، لذلك لابد أن تكون ذكية وجديدة ولماحة وإلا وقعنا بخطأ التكرار.

تفوقت بمسلسل "الندم" الذي حصد نجاحاً مذهلاً، ما سر قبول الجمهور لهذا النوع الدرامي؟

"الندم" لامس مشاعر الشارع وقلوب الجماهير جميعاً، وكان قريباً بشكل حميمي من مكونات الإنسان السوري تحديداً، لذلك كان نجاحه أمراً محتماً.

شخصية "سهيل" شكلت بصمة في مسيرتك المهنية وكشفت جوانب فريدة بأدائك الدرامي، هل أثر تميزك هذا على نوعية العروض في الموسم الحالي؟

طبعاً، بشكل عام الفنان يكتسب شهرته من تكرار نجاحاته في أكثر من عمل، وبالتأكيد الأعمال الجيدة مثل "الندم" تضيف على مسيرة الممثل وتجعله أهلاً لتجسيد أدوار مميزة أخرى.

ما رأيك بالأعمال العربية المشتركة؟ وهل أنصفت الممثل السوري مع نظيره اللبناني؟

الساحة تتسع لكامل الأعمال ولجميع الفنانين بغض النظر عن الجنسيات، ومن يستطيع تحقيق التميز له الأحقية الكاملة بذلك طالما أنه معتمد على جهده وموهبته.

وبالتأكيد هناك مواهب لبنانية إستفادت من هذا النوع الدرامي الجديد، والأمر سيان بالنسبة للممثل السوري، فالموضوع عبارة عن تبادل خبرات لا أكثر ولا أقل.

هناك إنتقادات عديدة طالت رداءة النص على حساب المقومات الجمالية من حيث الديكور أو ملابس الممثلين وغيرها؟

العمل الدرامي الناجح عمل فني متكامل لا بد أن تتوافر فيه جميع الشروط سواء من ناحية النص أو الأداء أو الرؤيا الإخراجية وظروف الإنتاج.

لكن ليس بالضرورة أن تكون الأعمال المشتركة كافة رديئة ولا أن تصبح الأعمال السورية البحتة بمجملها جيدة.

ما الذي يساعدك في تحديد العمل الناجح؟

الموضوع عملية إستقراء لكافة الشروط التي ذكرتها مسبقاً إضافة إلى الخبرة، وأنا حقيقة "بعتذر أكتر ما بشتغل" وأكتفي بعملين أو ثلاثة في العام كحد أقصى.

يبدو أن خبرتك بالإستقراء جاءت مبكراً باختيارك لمسلسل "هومي هون" في ظهورك الأول.. كيف استطعت حصد دور بطولي بتلك المرحلة المبكرة؟

تقييمي بالمعهد العالي وسمعتي التي حصدتها فيه لعبا دوراً كبيراً بهذا الموضوع، إضافة لمعرفتي بالكاتبتين لبنى حداد ولبنى مشلح عبر دورة السينوغرافيا بالمعهد، وطبعا صداقتي بالفنان الجميل باسم ياخور الذي كان مطلعاً على تفاصيل المعهد. والحمد لله كانت التجربة ناجحة جداً واستطعت تحقيق ذاتي فيها.

لماذا لم يتم تصنيفك حتى الآن كممثل صف أول؟

لا أعرف عملية التصنيف على ماذا تعتمد، لكنني تام الثقة بأن الجمهور السوري يقيمني كممثل فريد وهذا ما يهمني حقاً "فيكفي أن أكون الأول في بلدي". وإن كانت عملية التقييم تأخذ بالحسبان الإنتشار عربياً، أعتقد أن الوقت كفيل بذلك. وأشكر الله على محبة الناس لي سواء في سورية أو في البلدان العربية.

حدثنا عن تجربتك مع مدرسة "فيوتشر ستار".

قمت مؤخراً إلى جانب مجموعة شركاء من الوسط الفني بإنشاء معهد أكاديمي للطفل يعمل على صقل المواهب فيما يخص التمثيل وفق منهاج دقيق عملنا به لسنوات. إضافة إلى جمع كافة الأنواع الفنية والمواهب سواء (رسم أو موسيقى أو تمثيل أو حتى غناء) لنكون السبّاقين في سورية بهذا المشروع. والحمد لله هناك إقبال كبير وقد أحب الناس الفكرة.

هل شجعت أخاك الفنان محمد الأحمد على دخول الوسط الفني؟

في عام تخرجي من المعهد العالي للفنون المسرحية إلتحق أخي به، لكنه منذ لحظة دخوله شق طريقه بنفسه ودرس بجد ليكون من بين الأوائل على دفعته. وبحكم "العاطفة القبلية التي تربطني به" (يضحك).. وبحكم أننا أصدقاء قبل كل شيء كلانا يؤثر بالآخر ويساهم بنجاحه.

إتخذ أخوك خطاً بعيداً عن الكوميديا وبرز بالأدوار الجدية أكثر.. هل قدمت له نصائح بهذا الشأن؟

محمد قادر على أن يكون ناصحاً بنفسه ويمتلك الشجاعة الكافية ليقرر من يكون، لكننا نتناقش في ما بيننا وبالنهاية القرار له، وكما قلت الأنواع الدرامية ليست تهماً فذلك يتوقف على اتجاه الممثل.

كيف تقيم مسيرته حتى الآن؟

أرى أنه شخص مميز لديه كاريزما خاصة وحضور وخيال وأحاسيس تلوح بملامح النجم الحقيقي، وإن شاء الله المستقبل مفتوح أمامه وسيمشي فيه بخطوات قوية.

بالعودة إليك، ما أكثر شخصية قريبة منك ومحببة لقلبك؟

هناك عدة شخصيات، كأدواري في "الإنتظار"، و"المفتاح"، و"الخربة"، و"الندم" ، إضافة إلى عدة لوحات قدمتها في "بقعة ضوء".

وما الشخصية التي رسخت في بال جمهورك وأصبحت ملقباً بها؟

بعد متابعتي لأراء الجمهور وجدت أن هذه الرؤيا تتبدل من فترة لأخرى، لكنني أعتقد أن شخصية "فيديل" في "هومي هون" طبعت بأذهان الناس أكثر بإعتبارها تجربتي الأولى، الأمر الذي يسعدني.