أصبح من النادر في هذه الأيام، أن نشاهد أيّ دخول جديد لفنان على مستوى تطلّعاتنا الفنّية والثقافية. لأن زمن التلفزيون المُحتكر والمصنّع الأوحد للنجوم قد ولى، لذا "تفلّت" سوق الفن ليسرح ويمرح في ساحات الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي، فتحوّل تسلّط وإحتكار "صانع النجوم" إلى فوضى الإنترنت "صانع كل شيء" .

لكن كان من اللافت في الآونة الأخيرة، ظهور فنان جديد يعمل بجهد شخصي، من دون دعم لإعلام يُذكر، يعمل على طريقة العداد في الدفع، و إذاعاتٍ كوزارة الماليّة تُسعّر أغاني الدعم. هو ماريو كرم، شابٌ شماليّ لبناني، مغترب حاله كحال معظم شباب لبنان، قرر أن يموّل طموحه الفنّي من مدخول العمل الأساسي، فقدّم عدة أغانٍ و فيديو كليبات عديدة منها أغنية "الله يهديكي" و "على عيني و على راسي". فلفتني ما قدّمه هذا الشاب الطموح حينها، لكن كان لا يزال متموضعاً في خانة المحاولات الجديّة في إثبات الصوت والصورة على الساحة الفنّية.

إلى أن شاهدت منذ أيام قليلة إنتشار أغنية له عبر وسائل التواصل الإجتماعي، و هي أغنية "بحلم" من كلمات: عماد مصطفى، ألحان: حازم كرم، وتسجيل: إيلي سابا.

ذكيّ ماريو في تسويق نفسه عبر الإعلام الجديد، لأن القديم أصبح مجرّد وهمٍ يسحب المال من جيوب الفنانين مقنعاً إياهم بقدرة التسويق والترويج، فيعلق الفنان بين طواحينهم الدونكيشوتيّة.

يتمتّع ماريو بصوتٍ جبليٍّ قويّ، ينتمي إلى عرق المواويل والأوف الصلبة، الأمر الذي مكّنه من جمع هذه الأصالة بعصريّة العمر والطموح، لذا عند الإستماع إلى صوته، تشعر كأنّك شابٌ عصريَّ "جغل" في القلب، ورصينُ الإنتماء والتراث في العقل. وهنا مكمن القوة عند هذا الشاب.

في هذه الأيام التي قلّ فيها الدعم، شحّ فيها الإنتاج، و تقهقر فيها الفنّ، لا يزال هناك أمل بجيلٍ جديد ٍ يحافظ على حاسة الإصغاء في أذننا، و إحساس الفن في عقلنا.

يُذكر أن ماريو سيحيي حفل رأس السنة في فندق "إنتركونتينوتال" الدوحة.

ماريو كرم، فنان صوت وعقل.