في الجزء الثاني والأخير من الحوار مع الملحن الكبير حلمي بكر يتحدث عن علاقته بأصالة ومكانتها الفنية اليوم، واصراره على غناء ماجدة الرومي "أيها المغرور" وعلاقة الموسيقار عبد الوهاب بالعملاق وديع الصافي وحزنه الشديد لرحيل صديقه الموسيقار ملحم بركات.

بلقائي مع الموسيقار محمد سلطان وصف اصالة بقلة الوفاء كونه وسيد مكاوي والموجي وأنت ساندتموها بالبداية ثم انصرفت عنكم؟

أصالة تعلم جيداً أني قصدتها الى سوريا، وقدمتها ببرنامج مدته أربع ساعات على قناة الـart ومرة هاجمها مذيع من سوريا فرددت عليه بقسوة مدافعاً عنها، كل ذلك حصل قبل قدومها الى مصر، وعندما أتت تقدمت وصابر الرباعي لامتحانهما بالاذاعة وذلك بحضور الموجي رحمه الله الذي قال لي إنه سيلحن لها وباركت لها من قلبي، وكانت دائماً وطليقها ايمن الذهبي يتواجدان بمنزلي، وبعد أن نجحت بالاذاعة أعطيتها أغنية "يا صبر يانا" وأعطاها محمد سلطان أغنية "سامحتك"، ثم قدم لها كل من الموجي وسيد مكاوي ألحاناً ما يعني أنها تعاملت ببدايتها مع اربعة من كبار الملحنين، بعدها أنجزت لها "غيار اوي"، و"ماقلتليش من الاول ليه" وأعادت "عاللي جرى" بالاضافة لأغنيات دينية.

ومع ذلك صارت بقمة الغرور وترد على انتقاداتي وتصنفني بـ"الموديل" لمجرد ظهوري بلجنة تحكيم بكليب للمطربة أمنية، وكان أن رددت عليها عندما وصفتني على هذا النحو المذيعة منى الشاذلي ببرنامج "العاشرة مساء" بأني رمز فضحكت يومها أي اصالة وقالت "وشو يعني رمز؟" هنا أدركت ماهو اتجاهها، ومن بعدها تصالحنا لكن لن أنجز لها اي لحن مهما كانت الظروف، لسبب أني قارىء في كل صوت، يعني مثلاً عندما سمعت صابر الرباعي قلت لعلي المولى إنه سيصبح مطرباً كبيراً وهذا ما حصل بالفعل وهما يعترفان بذلك حتى اليوم، والدليل أنه تفوق عليها بديو "ع اللي جرى" وقالت له حينها "الله لا يوفق"، وانطلق صابر الفرس الجامح الذي لم تستطع اصالة أن تقف أمامه، علماً انه لم يُقدم بعد كل ما لديه بل يُقدم ما يُطلب ويُباع، بينما اصالة لم تتحرك لها أعمال كثيرة لسبب أن هناك فناناً يحترم أستاذه ويحترم اليد التي ساندته حتى لو انتقده، لكن أصالة لم تفعل ذلك والذي أنقذها وجعلها متواجدة في دائرة الضوء حتى الآن هو برنامجها "صولا".

زياد الطويل أنجز لها أغنية رائعة هي "بعدك عني"؟

أحب زياد جداً وألحانه جميلة للغاية، وهو مثل والده كمال الطويل الذي كان استاذاً لجيل كامل وأنا من تلامذته، وهو أي زياد يحترم جيل والده الذي يليه ومن هنا هو استاذ بالتلحين.

هل ما زالت متمسكاً بإعطاء ماجدة الرومي لحن قصيدة "ايها المغرور"؟

طبعاً، ولن أعطيها لسواها لانه ما من فنانة يُمكنها تقديم هذه القصيدة لان ماجدة تعرف علمية ومقامية الغناء والمعنى الذي في القصيدة بالاضافة الى ادائها الرائع للحن، ماجدة صاحبة صوت مبهر واعتب على بعدها وأتمنى أن تقدم أعمالاً جديدة.

ياسمينا التي منحتها نجوى كرم الباز الذهبي في "اراب غوت تالنت" دعمتها وشجعتها؟

ياسمينا صوت خطير لكن مشكلتها تكمن في اسرتها، فوالدها يجعلها منغلقة ورغم اني كنت أحضر لها لحناً الا أني آثرت الابتعاد علماً أنها مشروع نجمة غناء، تماماً كما اكتشفت كارمن سليمان ولحنت لها أغنية قبل أن تنجح في "اراب ايدول"، وعلى فكرة نجوى كرم منحت ياسمينا كجمهور وكفنانة بينما أحلام سمعتها كفنانة واعترضت وهذا هو الفرق بين نجوى واحلام.

ما الفرق بين نجوى واحلام؟

نجوى تملك كبرياء في غنائها ومقدرة ومساحة صوتية مقامية وبالتالي جذابة، بينما احلام انتشرت قبل نجوى لعمرها الطويل بالغناء.

لانها أكبر من نجوى في السن؟

لم أقل ذلك بل أنت لأنك خبيثة.

إحسان المنذر يكُن لك محبة كبيرة؟

إحسان يحمل قلباً لا يعرف الا الحب لدرجة أن هذا الحب طفح وظهر على شكله الخارجي، وكل الناس يعشقونه لأنه يحب الفن والناس ومن هنا يتفوق على الكثيرين.

جورج وديع الصافي بكى عندما قرأ كلامك عن عشق الموسيقار عبد الوهاب لصوت والده وديع الصافي؟

عبد الوهاب كان يقول لي إن وديع لا يُقارن، وصوته أرضياً وسماوياً واستطاع أن يوصل ما يحمله صوته من احساس وتعبير، وعندما كان يُذكر إسم عبد الوهاب في حضرة وديع كان الأخير يقول "هيدا إستاذنا" وعندما كان يُدعى وديع لبيت عبد الوهاب كان الأخير يجلس على الكُرسي ليستمع لوديع وهو يُغني وفجأة يترك عبد الوهاب الكرسي ويجلس على الأرض قبالة وديع ويهمهم ويُدمع ويقول له "أنت أديب الغناء"، العمالقة لا تتلاقى لكن وديع وعبد الوهاب مشيا بالتوازي تماماً كتعامل عبد الوهاب مع الست أم كلثوم وهؤلاء خارج التقييم وحسابات الزمن، وعلى فكرة ابن وديع جورج صوته جميل ويلعب في محراب والده وعليه ان يُقدم اعمالاً خاصة به.

حدثني عن بعض طرائفك مع وديع الصافي؟

التقينا مرة في باريس وحصل بيننا سوء تفاهم وزعلت، وعندما أتى إلى الأوبرا كنت عضواً باللجنة العُليا وواقفاً بالكواليس، وإذا بأحد يشدني من كتفي ويقول لي "بعدك زعلان" فقلت له "وانا برضو أقدر أزعل منك يا أستاذ"، وحضنته وقبلته فقال لي"لازم نتعاون مع بعض يا حلمي" فتمنيت له طول العمر وقلت له إنه شرف كبير لي أن تتغنى جملتي اللحنية بحنجرته الذهبية، وهذا كان آخر لقاء بيننا رحمه الله.

وديع وصباح شكلا ديو مميزاً وكذلك الأمر بالنسبة لنصري شمس الدين وفيروز؟

التركيبة كده سبحان الله.. حب الجمهور بُني على حب وديع مع صباح، أذكر في حفلة سينما ريفولي كان يغني وديع وصباح ومن يومها إعتاد عليهما الجمهور حيث كان الغناء مع بعضهما مباراة مثل كرة القدم، وكذلك الأمر بالنسبة للست فيروز بغنائها مع نصري وأعمالهما المسرحية المُشتركة والجمهور ينحاز دائماً للمنتصر، لكن في هذا الأمر إنحاز للإثنين أي لديوهات وديع وصباح وغناء فيروز مع نصري شمس الدين.

رثيت وبكيت الموسيقار ملحم بركات الذي كان صديقك؟

الله يرحمه كان صديقي جداً، وكنت احب اعتراضاته وانتقاداته العنيفة وأصفق له على يد من حرير، من يفهم ثورة ملحم جيداً سيفعل مثلي تماماً، ملحم دخل حياتنا فلفت أنظارنا وبهرنا وجعلنا نعيش عالماً من السحر والإبداع حتى نصل لعنان السماء وعندما رحل افتقدناه بالجسد، لكن أعماله ستظل تتحدث عنه وهذا يعني انه سيظل حاضراً معنا، كان عندما يأتي إلى مصر لابد أن يمر يزورني ويطمئن علي، كما كنا نلتقي بدبي اذ كنا أصدقاء لزمن طويل، وكان البعض يلقبه بـ"حلمي بكر لبنان"، نظراً لأنه كان لا يعجبه إلا الشيء المحترم والفن الجيد.