قبل 12 عاماً خطت رنا شميس أولى خطواتها نحو الأضواء والشهرة عندما اختارها المخرج هيثم حقي لتكون إحدى بطلات مسلسله "الخيط الأبيض"، لتقدم بعدها الكثير من الأعمال "وشاء الهوى"، و"أسمهان"، و"هيك تجوزنا"، و"ليس سراباً"، و"بيت جدي"، و"تخت شرقي"، و"أسعد الوراق"، و"علاقات خاصة"، و"ضبوا الشناتي"، و"رومانتيكا"، و"مدرسة الحب".


درست في المعهد الطبي، لكنها لم تشبع تطلعاتها إلا عندما إلتحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية، لتصبح بعدها من أبرز الوجوه الدرامية السورية.
موقع "الفن" إلتقى الممثلة السورية الشابة، وكان لنا معها الحوار الآتي .

حصلتِ مؤخراً على جائزة أفضل ممثلة في "مهرجان الإسكندرية" عن دورك في فيلم "فانية وتتبدد"، كيف تصفين شعورك؟

سعيدة جداً بحصولي على الجائزة، فهي مهمة جداً لي على الصعيد المعنوي، بإعتبارها كانت عن دور البطولة الأول لي في عالم السينما.

فالتعب والجهد المبذول في هذا الفيلم أخذ حقه جيداً، وكنتُ مقتنعة بما قدمته، ومتفائلة بالنتائج.

ما أسباب نجاح هذا الدور؟

نجاح الشخصية يكمن بنقلي لمشاعر وأحاسيس النساء السوريات اللاتي يعشن فترة الحرب، وهذا كان همي الأكبر.

الجمهور على السوشال ميديا تفاعل بشكل كبير مع الجائزة.

تفاعل الجمهور مع هذا التكريم كان أجمل رسالة محبة، وبالفعل وصلتني بصدق، وأتمنى أن أبقى عند حسن ظنهم.

لنبق في السينما.. إنتهيتِ مؤخراً من تصوير فيلم سينمائي إيراني بعنوان "زيتونة سعد"، فما التفاصيل؟

لعبت دور أم للطفل "سعد" (عبد الرحيم الحلبي) الذي فقد بصره بأحد الاعتداءات الإرهابية، ما أثر على حالته النفسية ووصل حد الاعتكاف واليأس، فتحاول والدته زرع الأمل بداخله كي ينهض من جديد ويعود لممارسة حياته الطبيعية.

ولطالما ناديت بأعمال تسلط الضوء على هموم وأوجاع الأطفال خلال الحرب، وتعليم الأهالي كيفية مساعدة أبنائهم على تجاوز إصاباتهم وتحفيزهم على حب الحياة مجدداً، ذلك ما دفعني للعب بطولة الفيلم.

على الصعيد الدرامي كانت أولى مشاركاتك في مسلسل "الرابوص"، حدثينا عن شخصيتك.

لعبتُ شخصية "وصال" وهي ممرضة تحمل مبادئ خاصة وتتصف برومانسية عالية، وتعاني من قسوة زوجها ما يؤثر على عملها، لتزداد حياتها تعقيداً بعد ارتكابها خطأ طبياً، وينتهي بها الأمر إلى رعاية شخص مصاب بمرض الرابوص (نزار أفندي/عمار شلق)، ولاحقاً تنشأ بينهما قصة حب تغير حياتها.

ما الذي شجعك على خوض هذه التجربة الجديدة؟

أرى أن أحد مهام الدراما تقديم ما هو جديد وغريب ومختلف وقريب من الواقع وبعيد عن الروتين. وتأتي أهمية العمل كون شريحة كبيرة من الناس تؤمن بفكرة الأشباح وتحاول إقناعنا بحقيقة وجودها، فلا بد من تسليط الضوء عليها، فشبح الرابوص يمثل الضمير الذي يعذب كل شخص ارتكب خطأ في حياته، ليقوده بعد ذلك إلى الطريق الصحيح.

أيضا إنتهيتِ من مسلسل "أزمة عائلية" للمخرج هشام شربتجي، حدثينا عن تعاونك مع شيخ الكار؟

مجرد أن سمعت بعودة الأستاذ هشام إلى الساحة الدرامية شعرتُ بسعادة كبيرة، فغيابه ترك فراغاً كبيراً لم يستطع أحد أن يملأه، ونحن الآن بأمس الحاجة إليه ولخبرته ورؤيته وخياراته وأفكاره وتعديلاته.

تلعبين دور أم لثلاثة أطفال أعمارهم تقارب عمرك الحقيقي.. فهل الأمر مقصود؟

ألعب دور الأم "رندة" والأمر كان مقصوداً من الأستاذ هشام، إذا افترضنا بأن "جهاد" (رشيد عساف) تزوج أنثى تصغره في العمر وهناك فرقاً كبيراً بينهما في السن. وفي زمننا الحالي أصبح من الصعب علينا معرفة الأم من أولادها بسبب إنتشار عمليات التجميل والثقافة الغذائية والجسدية لدى الجميع، ولا أجد حالة هذين الزوجين استثنائية، على العكس "شايفتون حلوين".

مشاركاتك عديدة في الأعمال الكوميدية وكانت لك عدة تجارب ناجحة.. فماذا عن هذا العمل؟

بحكم خبرتي المتواضعة التي اكتسبتها منذ بداية مسيرتي الفنية أرى أن الكوميديا من أصعب الأنواع الدرامية، وعندما علمتُ أن العمل عبارة عن "سيت كوم" استسهلت الموضوع كون تنفيذه يجري في مكان واحد ولا يحتاج إلى تنقلات عديدة، كما تنشأ حالة تآلف ما بين الأشخاص والمكان، لكن عندما بدأنا بالتصوير أدركت أن "الحكي مو متل الشوف". وبالرغم من صعوبته إلا أنه يحتوي على متعة خاصة ستبقى في ذاكرتي ، وسيبقى لهذا العمل مكانة مميزة بقلبي في المستقبل.

العمل يتطرق الى الأزمة بطريقة غير مباشرة وعبر مواقف طريفة ، كيف تم التعامل مع الحالة؟

من الصعب على أي عمل أن يشمل جميع جوانب مشكلة عالمية مضى على بدايتها فترة طويلة ونهايتها حتى الآن مجهولة المعالم، ومحال أن نرضي جميع المشاهدين الذين عاشوا في ظل الأزمة أو سمعوا عن أحداثها، و"تفشلو خلقو بكلشي" ، لكننا حاولنا قدر الإمكان أن نتناول في كل حلقة قصة مختلفة، فالخطوط الأساسية للعمل تغوص في مشكلات عانى منها جميع المواطنين السوريين ، وهناك ملفات ستطرح للمرة الأولى في الدراما السورية، وذلك بأسلوب لطيف وغير مؤذ.

ما أهم عمل كوميدي شاركت به؟

أعتقد أن "بقعة ضوء" من أهم الأعمال الكوميدية وأكثرها إنتشاراً عربياً، كونه عملاً واقعياً يحاكي حياتنا اليومية ويسلط الضوء على الكثير من المشاكل التي نعايشها بطريقة ساخرة ومحببة لدى الجمهور.

وما الشخصية التي تميزتِ بها؟

بالنسبة للتلفزيون، شخصيتي "حفيظة" بمسلسل "بيت جدي"، و"سوسن" بـ"علاقات خاصة"، أما في السينما فبالتأكيد شخصية "ثريا" في "فانية وتتبدد".

شاركت بإحدى خماسيات "صرخة روح" رغم الانتقادات الكبيرة لهذا العمل.

لم تكن هناك أي إشكالية أو نقد للخماسية التي شاركتُ بها، سواء من ناحية النص أو الإخراج، ولم يكن هناك أي اعتراض من قبلي على تجسيد الشخصية.

هل تؤيدين الجرأة المطروحة بالمسلسل؟

بالتأكيد، فشخصيتي كانت جريئة لكن للأسف مجتمعاتنا تختصر الجرأة باللباس والشكل الخارجي، وهذا أسخف أنواع الجرأة، لكنه لا يعنيني كونه لا يقدم أي شيء للفنان. وبالنسبة لي ما نحتاجه فعلياً بالدراما هو جرأة الطرح والنقاش والرؤية للمستقبل القريب أو البعيد، والتطرق لوجع نعايشه يمنع تناوله لأي سبب من الأسباب.

برأيك هل عالج "صرخة روح" المواضيع المطروحة أو إكتفى بالتطرق إليها؟

الفكرة العامة للمسلسل هي التطرق لموضوع الخيانة المنتشرة بكثرة، لكن كوننا بمجتمع يأبى رؤية عيوبه تعرض المسلسل للكثير من الانتقادات والجدلية. فالإنسان الصريح دائماً منبوذ بمجتمعنا.. "بس إذا حطينا إيدنا ورا الشمس فينا نخبيها؟ أكيد لا".

نادراً ما نراكِ في الأعمال التاريخية.. فما السبب؟

شاركتُ مسبقاً بمسلسل "قمر بني هاشم" مع المرحوم محمد شيخ نجيب وغيره من الأعمال، لكن على العموم مشاركتي تتوقف على مكونات الشخصية المعروضة عليّ والفكرة العامة للعمل ككل وليس النوع الدرامي.

بالنسبة للمسرح.. هل سنراك على الخشبة مجدداً؟

جسدتُ الكثير من المسرحيات منذ تخرجي من المعهد العالي للفنون بمعدل مسرحية كل سنة، وآخر مشاركاتي كانت مع الفنان غسان مسعود بمسرحية "دمشق عاصمة عربية"، لتُعرض عليّ فيما بعد مجموعة من النصوص حال دون تنفيذها إرتباطي بأعمال أخرى وضعف البقية، لكن إن شاء الله هنالك مشروع جديد مؤجل على هذا الصعيد لم يعلن عنه بعد.

برأيك هل فقد المسرح السوري مقوماته؟

"ما بيصير يفقد مقوماته ولا نعترف بهالشي"، فنحن موجودون لنرمم الأخطاء إن وجدت.

وقلت إن "مهنة التمثيل عبارة عن فن راق".. فما الذي شوه الفن مؤخراً؟

الضعف الإنتاجي ساهم بوجود الكثير من الثغرات سواء من ناحية النصوص المطروحة أو الممثلين المشاركين أو حتى من حيث الإخراج وقلة الكفاءة ، وأود هنا إيضاح أنني لستُ ضد إعطاء الفرص للطاقات الجديدة شرط أن يتحملوا مسؤولية ظهورهم، فالأزمة أوجدت دخلاء مقرفين، وظواهر عابرة بالوسط الفني هدفهم الشهرة على حساب الأداء، يفضل أن "يتركوا للخباز خبزه" ، والحمد لله لدينا جمهور واعٍ ومثقف يستطيع تقييم النص والإخراج وليس فقط الممثل، وبالطبع لن يرضَ بأناس دون المستوى المطلوب.

ما الذي تطمحين إليه مهنياً؟

ليس هناك سقف لطموحي، والشهرة ليست هدف بالنسبة لي وإنما إتقاني وتفردي بما أقوم به هو ما يهمني حقاً.

أشرتِ سابقاً إلى "وجود ضعف بالإنتاج السينمائي" وأضفت بالقول "لو أن الأمر بيدك لخلقت شباك تذاكر خاص" ما تعليقك على الموضوع الآن؟

لديّ شغف من نوع خاص بالعمل السينمائي منذ أيام الدراسة بالمعهد العالي وحتى الآن. ففي الفترة الماضية عانينا من ضعف إنتاج بالسينما ما دفعني للنضال في سبيل هذا الحلم والتمني بفتح شباك تذاكر ، ولكن الحمد لله حالياً عادت السينما السورية إلى ربيعها من خلال ما تبذله المؤسسة العامة للسينما والشركات الخاصة المعنية بهذا الموضوع. وأتمنى أن يبقى هذا الفن أقرب للواقع وأن يحاكي الجوانب العملية التي تشد الجمهور حتى نبقى على القمة.

هل حقق فيلم "فانية وتتبدد" تلك الشروط؟

بالتأكيد، جمع بين الزمان الذي نعايشه الآن والمكان الذي نقاسي فيه بطريقة مبدعة ورسالة فكرية عميقة ومؤثرة جداً، استطعنا إيصالها للجمهور بشرائحه الفكرية والاجتماعية المتنوعة، وقد كانت له أصداء براقة حيث سمعت أن صالات السينما كانت تحشد بالحضور طيلة أيام العرض.

بين "الجوكر" و"فراشة الدراما السورية".. أي لقب تفضلين؟

(تضحك) أحب اللقبين، فالممثل هو player وعندما ينادونني بالجوكر أشعر أنهم أنصفوني حقاً، وحتى كلمة "فراشة" بالتأكيد لن ترفضهما أنثى.. "وميرسي لكل الي لقبوني هيك".

تتمتعين بصوت جميل وتحبين الغناء، ألا تفكرين بتطوير هذه الموهبة؟

(تضحك بخجل) "المستقبل عبارة عن إشارات استفهام بالنسبة لي، ولكن تطويري لهذه الموهبة جائز وليس مستبعداً".

درست بأحد المعاهد الطبية، كيف تسخرين إلمامك الطبي بالتمثيل؟

ببساطة أي دور أجسده ويحتاج أن أبدو فيه كممرضة أو دكتورة أخصائية أعتمد على خبرتي النظرية بالطب، وعملياً دراستي بالمعهد ساعدتني خلف الكواليس وفي المنزل أكثر، فعند حدوث حالات إسعافية تحتاج لردات فعل سريعة أكون دائماً موجودة.

لاحظنا مؤخراً تفاعلك مع الإعلام والسوشال ميديا بشكل مكثف أكثر، ما السبب؟

لم تكن لديّ صفحة على "الفيسبوك" حتى الـ2011، ونادين تحسين بك هي من شجعتني على ذلك، فبطبعي قليلة الكلام، أما بالنسبة للإعلام فلا أحب إجراء المقابلات والتطرق لحياتي المهنية من دون وجود رصيد يستحق الإفصاح عنه.

إلى جانب تحسين بك من أصدقاؤك من الوسط الفني؟

لا يتعدون الثلاثة من دون ذكر الأسماء، ولكن أغلب أصدقائي من خارج الوسط وهم مثل ظلي منذ صف العاشر الثانوي.

متزوجة من المهندس فادي حمدان ولديكما ابن وحيد، كيف تصفين لنا شعور الأمومة؟

مثل جميع الأمهات، ولكن يراودني إحساس دائم أنني مجرمة بحق طفلي ونفسي بعدم تخصيص الوقت الكافي له بسبب ضغط العمل، وحتى عند تواجدي معه في المنزل أحاول تعويضه بالقليل "بدون ما طمعو".