الأغنية هي صوت الشعب والشارع، هي شرارة الثورة، الصرخة الجريئة التي لا يشوش عليها ضجيج الفساد والحرب والاحتلال.

التزمت بالقضايا السياسية والاجتماعية فكانت العين الساهرة على الأوطان وممارسات الحكام وأصحاب القرار..
ومرّت الأغنية "السياسية - الوطنية" اذا صحت التسمية، بمراحل كثيرة وشهدت ذروتها في القرن الماضي وكان لها تأثيرها الفعال في المجتمع أكثر بكثير من أيامنا هذه. وتنوعت مواضيعها بين القضايا الإنسانية والقضايا السياسية وحرية الأوطان ودعم الأحزاب والشخصيات السياسية أو معارضتها..

ومع اقتراب انتخاب رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية ، كان لا بد من التوقف عند علاقة عون بالأغنية وكيف رافقته في المراحل الأساسية من مسيرته السياسية كحرب التحرير عندما كان قائداً للجيش، العودة من المنفى وتأسيس التيار الوطني الحر وأخيراً تبوئه سدة الرئاسة الأولى في لبنان.


ميشال عون وأغاني حرب التحرير

في آذار 1989، خاض العماد ميشال عون حرباً ضد الجيش السوري تحت عنوان "حرب التحرير" من أجل "استقلال لبنان". قام عدد من الفنانين بدعم هذه القضية من خلال أعمال فنية وطنية قدّمت للجيش اللبناني مباشرة ولعون بطريقة غير مباشرة ، وفي بعض الأحيان بطريقة مباشرة . ومن أشهر الأعمال التي طرحت في تلك الفترة، أغنية "يا وطني ما نسينا" غناء نوال الزغبي، "الرقم الصعب" غناء نجوى كرم، "يا ناطرين" غناء ربيع الخولي، "غضبك نار" غناء ماجدة الرومي، "رشوا الفل" غناء باسكال صقر، "الشعب اللبناني عناده" لـ غسان الرحباني... بالإضافة إلى أغاني شهيرة مثل "رح نبقى هون" و"عونك جايي من الله" من أعمال الراحل زكي ناصيف.

الملحن سمير صفير قال لموقع "الفن" :"أول أغنية قدمتها للعماد عون كانت "الرقم الصعب" من كلمات نبيل أبو عبدو التي غنتها الفنانة نجوى كرم عام 1988. كانت عن الجنرال عون وكنت أواكبه وأغني له كرئيس حكومة انتقالية وقائد جيش استلم السلطة. منذ ذلك الوقت ونحن مؤمنون بهذا الرجل ونثق به ونعرف أنه كلمة الحق لأنه ابن المؤسسة العسكرية". الفنان غسان الرحباني بدوره يقول إنه يتذكر جيداً تلك الحقبة وأغنية "الشعب اللبناني عناده" التي قدمها خلال حرب الجبل وأغنية "العون بلبنان" التي قدمها خلال حرب التحرير عام 1989.

أما الفنان زين العمر فقال لموقع "الفن": أنا أتابع ميشال عون منذ العام 1988 عندما كان في القصر الجمهوري والأغاني الشهيرة التي كنا نغنيها. لم أقدم شيئاً بصوتي في تلك الفترة لأنني كنت صغيراً وكنت أردد الأغاني التي عشناها وأذكر منها "رح نبقى هون "، "عونك جايي من الله" وغيرهما .. نحن ربينا بهذه المرحلة وعشنا نحلم أن يأتي منقذ يخلصنا من الاحتلال. الأغنية تعبر عن محبة الناس ورأيهم، ونحن نحب المؤسسة العسكرية والعماد عون كان قائداً للجيش اللبناني وكل الناس إلتفوا حوله من أجل بناء الوطن الذي نحلم به".


ميشال عون وأغاني المنفى والعودة

عاد ميشال عون في 7 أيار 2005 من منفاه في فرنسا الذي قضى فيه 15 عامًا، وعند عودته إلى لبنان استقبله عدد كبير من مناصريه. ودخل إلى المجلس النيابي وأنشأ التيار الوطني الحر. خلال هذةه المرحلة أيضاً كانت بانتظاره مجموعة من الأغاني مثل "شرفت يا طلة ملك"، "لبنان شعبك صمد"، "جايي البطل"، "يا بعبدا جايي العز"... قبل عودة عون من المنفى كانت هذه الأغاني بصوت "كورال" فقد تمنع الشعراء من توقيع الاعمال باسمائهم لاسباب سياسية ولم نشهد أغاني خاصة جاهر الفنانون بغنائها علناً ايضا لنفس الاسباب . وعند عودته اضيفت الى هذه الاغاني بعض الاعمال الغنائية باصوات قلة من الفنانين منهم الشحرورة صباح.

الشاعر حبيب يونس تحدث لـ"الفن" وقال:" أنا جمعت كل شيء كتبته عن الجنرال تقريباً ما قبل الابعاد وخلال الابعاد وبعد العودة بكتاب عنوانه "وحدك الكتار". في فترة العودة من المنفى كنت أنا المشرف على كل الأغاني التي كان من المفترض أن تطرح وتعتمد رسمياً ومن بينها أغنية "جايي البطل جايي" التي غنتها بسكال صقر عام 2005 وهي من كلماتي وألحان شارل شلالا. عون يسمع كل الأغاني التي تنفذ له ويشكر الجميع وطبعاً هناك بعض الأغاني التي يفضلها أكثر من غيرها من بينها أغنية "جايي البطل". وقد طلب العام الماضي أن تغنيها باسكال صقر في ذكرى 13 تشرين".

الفنان زين العمر من جهته قال :"عام 2005 غنيت له في حفل الاستقبال "يا صمتي يا معذبني " وأتذكر جيداً أنني قلت "اليوم رجعت الكرامة إلى لبنان". نضالنا ومسيرتنا مع عون طويلة وليست من اليوم. لم أقدم أغنية خاصة له في ذلك الوقت لكنني غيرت قليلاً بكلام الأغنية وحولتها إلى "انت الأكبر يا جنرال وهني بيبقوا صغار".

وبعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، أعلن رئيس تكتل التغيير والاصلاح ترشحه لرئاسة الجمهوية اللبنانية.. ومنذ تلك الفترة صدرت مجموعة من الأغاني الخاصة لـ ميشال عون بصوت مجموعة من الفنانين اللبنانيين منهم معين شريف بأغنية "رجل ولا كل الرجال"، ملحم زين "طل القائد عون الكل"، سمير صفير "وحدك على وعدك بتضل" و "قول الكلمة". وعلق صفير على هذه الأغاني:" عندما عاد إلى الدولة واكبته وقدمت له أغنية "وحدك على وعدك بتضل" و"طل القائد عون الكل" وأغنية "قول الكلمة". هذا الكلام جاهز منذ العام 2005 لكنه في الفترة الأخيرة أبصر النور. لم تتغير أغاني العماد عون بين الماضي والحاضر لأنه هو لم يتغير ولم يتلون ولم يتبدل.. عندما قلت عنه عام 1988 "عنك قالوا الناس خبار خبار.. قالوا صرت الثورة وصرت النار .. نسيوا انك نبع الحب .. وحدك باقي الرقم الصعب.. يا وطني بلعبة لكبار...". ثم أقول له أخيراً :" وحدك على وعدك بتضل بالساحة ملك، وزع كرامة على الكل الكرامة الك ..." و"طل القائد عون الكل اعتزوا يا سيف وعلم" فهذا يدل أنه لم يتغيّر".

ميشال عون وأغاني الرئاسة الأولى

ومع اقتراب موعد انتخاب عون رئيساً للجمهورية، أقدم عدد من نجوم الغناء على تقديم أغنيات خاصة مهداة للرئيس الجديد. وهنا تختلف الاراء حول هذه الاعمال فليست كلها بالمستوى المطلوب من حيث الكلام والجودة والاداء وبالتالي لا بد من حصر الموجة الغنائية الرئاسية المرتقبة لكي تبقى الامور مضبوطة. ليس من الضروري ان يغرق السوق الغنائي بعشرات الاغاني بل يكفي اصدار بعض الاغاني الجيدة من حيث المضمون والتنفيذ.

الفنان زين العمر سيقدم أغنية "بين الكل" من كلمات حبيب يونس، الحان جهاد حدشيتي وتوزيع داني حلو. الفنان توفيق تنوري قدم أيضاً أغنية "يلا يا لبنانيي"، الفنان سمير صفير يستعد لتقديم أغنية جديدة، الفنان نقولا الاسطا أغنية "حلم الجمهورية" كلمات الشاعر مهنا ضاهر وألحان الياس خليفة وتوزيع فادي سعاده. الفنان عامر زيان بعنوان "طليت" من كلمات نبيل ابو عبدو وألحان جان صليبا وتوزيع داني مسعد. ويتحدث زين العمر عن تجربته في هذا الموضوع ويقول:" أغنية "بيّ الكل" هي من كلمات حبيب يونس وهو أكثر شخص يستطيع أن يكتب عن كل المراحل التي مر بها ميشال عون. "مش مين ما كتب كتب ومش مين ما غنى غنى". الأغنية عندها أربابها. في هذه الفرحة الجميع سيغني فهذا عرس وطني لكن الأغنية الوطنية يجب أن يكون الشخص الذي يغنيها يعيشها ويعرف أين يريد أن يذهب بها. وفي النهاية الأغنية الجميلة تفرض نفسها وتصل إلى الناس أكثر من غيرها. أتأمل من خلال هذه الأغنية أن يكون عهد فخامة الرئيس ميشال عون عهداً جديداً وأن نفتح صفحة جديدة. هو "بي الكل" لأنه عندما يدخل قصر الشعب سيصبح لكل لبنان وليس لطائفة أو حزب سيكون أباً لكل اللبنانيين من دون تفرقة".

غسان الرحباني الذي قدم العديد من الأغاني للعماد، أعلن أنه لا يفكر أبداً بتقديم أغنية لعون بمناسبة انتخابه رئيساً للجمهورية ويقول:" صراحة طلب مني أكثر من شخص أن أحضر عملاً للعماد عون لكنني لم أعد أعمل بالسياسة التي كنت أعتمدها سابقاً. لا اعتقد أن عون يقبل أن أتحمل كل تكلفة العمل من جيبي الخاص. أنا مستعد أن أقدم عملي الخاص له لكن هناك فرقة موسيقية وعناصر أخرى في العمل". في الآونة الأخيرة قررت الابتعاد عن السياسة وعدم التحدث، خصوصاً أنني أصبحت مقتنعاً أن كل طرف سياسي لديه حسناته وسيئاته".

سمير صفير من جهته أعلن عن تحضير أغنية جديدة خاصة بعهد الرئاسة الأولى من كلمات الشاعر نزار فرنسيس. وأضاف: "كل الأغاني التي ستطرح في هذه الفترة ستسمع فيها عبارة "بي الكل" لأنه بالفعل أب صالح للعائلة اللبنانية. "انظروا كيف تقلب الأرقام والأحرف، في تاريخ 13 تشرين الأول 1990 كان عون دولة الرئيس في قصر بعبدا، أما في 31 تشرين الأول 2016 يعود الى بعبدا رئيساً للدولة".

الشاعر حبيب يونس له نظرته الخاصة إلى الأعمال الغنائية الخاصة بالعهد الرئاسي ولديه أيضاً مجموعة أعمال خاصة يحضرها، وقال لموقعنا:" في هذه الفترة أفضل القصيدة أو النص النثري الجميل لتلحينه لأنني لا أحبّذ أغاني "الطبل والزمر". الأغنية السياسية أو الوطنية لها معنى وتاريخ وهدف. أحضر 4 أغاني جديدة للعماد عون كل واحدة منها هادفة وفيها رؤيا عن شخصيته. لدي أغنية "بي الكل" مع الفنان زين العمر من ألحان جهاد حدشيتي وتوزيع داني حلو، اما الأغاني الباقية فهي من ألحان روك شلالا ويغنيها كورال".

ويضيف :"العماد ميشال عون طبعاً يستمع إلى كل الأغاني التي تطرح بمساعدة فريق عمل وقد سمع أغنية "بي الكل" وأحبها. ومن لا يعرف، فالعماد عون صوته جميل وكان يغني في الكورال، بالاضافة إلى أنه خبير بالموسيقى الكلاسيكية ومكتبته غنية بهذا النوع من الموسيقى".