يعد الممثل السوري رشيد عساف أحد أهم نجوم الدراما في بلده، مقدماً ما يقارب مئة شخصية متنوعة، فمن منا لا يذكر شخصية "ورد" في "البركان"، و"خالد" في "الكواسر"، و"مالكو" في "العبابيد"، و"العرندس" في "البواسل"، و"صقر" في "الفوارس".


ظهرت موهبته في مراحل دراسته الأولى حيث كان عضوًا في فرقة المدرسة الفنية، وشارك بمسرحياتها. بداياته الحقيقية كانت في المسرح الجامعي في أوائل حقبة السبعينيات والذي صار من أبرز نجومه، ثم انتقل للعمل في المسرح القومي وقدم مجموعة من المسرحيات، وفي التلفزيون قدّم مع المخرج والممثل المعروف سليم صبري مسلسل "البسطاء" في بداية الثمانينات، كما شارك في بطولة الفيلم السينمائي "الحدود" مع الفنان دريد لحام عام 1984.
من أعماله: "قلوب دافئة"، و"آخر الفرسان"، و"البحث عن صلاح الدين"، و"قمر بني هاشم"، و"الخربة"، و"زمن البرغوت"، و"مرايا"، و"الطبيبة".
رشيد عساف حل ضيفاً على موقع "الفن" وكان معه الحوار الآتي .


بدايةً حدثنا عن مشاركتك في مسلسل "أزمة عائلية".
أؤدي شخصية رب أسرة من الطبقة الوسطى يدعى "جهاد أبو همة" وهو عماد العمل، إذ تدور الأحداث حول عائلته بطريقة طريفة أعتبرها بمثابة جواز مرور سهل لدى المشاهد.
والمؤشرات جميعها تؤكد أن العمل سيكون من أهم مسلسلات الموسم القادم لشموله على عناصر الكوميديا التي افتقدناها منذ زمن وامتلاكه لمقومات النجاح سواء من ناحية النص الجميل أو الكادر المتناغم.

ما أسباب إنضمامك للعمل خصوصاً أن مشاركاتك الكوميدية قليلة نوعاً ما؟
الفكرة أعجبتني، وثقتي الكبيرة بالنص والكاركتر والمخرج دفعتني لأكون جزءاً فيه. ولا أصنفه كعمل كوميدي وإنما درامي كوميدي يرصد الأزمة في سورية والمنطقة ككل وانعكاسها على الأفراد جميعاً، خصوصاً عائلات الطبقة الوسطى التي بدأت بالانهيار في خضم ما نشهده من أحداث.

تقف لأول مرة أمام كاميرا المخرج "هشام شربتجي" ، كيف تصف العمل معه؟
بالفعل هذه أولى تجاربي معه.. "يضحك": ويمكن تكون آخر مرة". طبعا هشام شربتجي غني عن التعريف، فهو "ابن الكار" يعي تماماً كيف يطوّر النص ويحوله إلى عمل فريد، كما تربطه علاقة متميزة مع كادر العمل ككل، وأنا سعيد جداً بهذا التعاون.


شاركت في مسلسل "الخربة" الذي لاقى نجاحاً كبيراً، هل يتقاطع مع "أزمة عائلية"؟
بالتوازي مع "ضيعة ضايعة"، أعتبر "الخربة" من أهم الأعمال التي قدمت على الإطلاق لتميزه من ناحية الطرح والوضوح والبعد السياسي. وقد أيقنت أهميته من قبل العرض فتوقعت له نسبة مشاهدة تفوق الـ50 % وهذا فعلاً ما حصل، والأمر سيان بالنسبة لمسلسل "أزمة عائلية".

ما سر إتقانك للهجة الجبلية "لهجة أهل السويداء" في "الخربة"؟
قربي الجغرافي من المنطقة ساعدني قليلاً، إضافة للصداقة العميقة التي تربطني بالفنان الكبير الراحل فهد بلان، حيث تقمصت شيئاً من روحه وأسقطته على العمل.

المسرح كان إنطلاقتك إلى عالم الدراما.. ما سبب ابتعادك عنه؟
رغم دراستي للأدب الإنكليزي وعدم اختصاصي بالتمثيل إلا أنني برزت على مسرح الشبيبة والمسرح الجامعي، فكانا نقطة تحول بمسيرتي واتجاهي للوسط الفني. لكن حدوث أزمات على الخشبة وفقدان الكلمة لمعناها وتأثيرها دفعاني للعمل خلف الشاشة الملونة بجمهورها الأوسع.

ما سر إلتصاق إسمك بالمخرج والممثل سليم صبري في بداياتك؟
شاركتُ في ثلاثة أعمال فقط من إخراجه بعد إشادته بأدائي على المسرح الجامعي وتشجيعي على دخول الوسط، لكن تقاطع ذلك مع أعمال أخرى مثل مسلسل "بيادر" إخراج "فردوس أتاسي". لأنطلق بعدها مع أسماء كبيرة أخرى سواء داخل سورية كسليم موسى وهيثم حقي ومحمد عزيزية، أو بالخارج خصوصاً في الأردن أمثال عدنان رمحي وأحمد دعيبس وعروة زريقات وشوقي الماجري وغيرهم. وطبعاً الفنان صبري توجه فيما بعد للتمثيل وأصبح فناناً متميزاً بكل المقاييس.

برزت ضمن أعمال الفانتازيا ثم ابتعدت عنها قليلاً.
لم أبتعد عنها بشكل شخصي، لكن أجواء العمل الدرامي تغيرت، والتكاليف الإنتاجية ساهمت بتغييبها، إضافة إلى تحول النوع الدرامي إلى "موضة" تطغى على بقية الأنواع. وأود إيضاح أنها ليست "فانتازيا" بقدر ما هي عمل واقعي افتراضي يخلق نوعاً من الجدلية مع الماضي وهذا ما يجعل العمل متميزاً.

لاحظنا ظهورك بكثرة مؤخراً في أعمال "البيئة الشامية "رغم النقد الموجه لها.
ليس بكثرة لكنني كنتُ الأكثر حضوراً (يضحك). شاركت في أربعة أعمال فقط هي "رجال العز" و"طوق البنات" و"عطر الشام" و"زمن البرغوت"، وجميعها كانت هادفة وتركت تأثيراً قوياً عند الناس وذلك ما دفعني للمشاركة بها.

ماذا أضفت إلى شخصية "العكيد"؟
لا أعرف تماماً لكنهم يقولون إنني "رجل" بالمعنى الحرفي للكلمة، فربما لرجولتي وحضوري العفوي لمسة خاصة.. "يضحك".

غبت أم غيّبت عن "باب الحارة"؟
لم أشارك في العمل منذ بداية أجزائه نتيجة انشغالي بتصوير عملي "هارون الرشيد" و"رأس غليص" في الفترة نفسها.
ووفق تصوري نجاح "باب الحارة" إقتصر على الجزء الثاني فيما تداعت باقي أجزائه ليصبح "باب رزق" لكادر العمل وذلك بإعتراف مخرجه بسام الملا.

برأيك ما سبب فشل باقي أجزاء السلسلة؟
أسباب كثيرة، أهمها افتقاده لمقوماته وبريقه وتشتيت المتلقي بكثرة الاستبدالات وحالة الاجترار التي وصل إليها. فرغم عرضه على قناة كبيرة مثل الـ"MBC"، إلا أن المشاهد أصبح يتابعه لملء الساعات في رمضان باعتباره متاحاً للجميع ويمتلك فرصة عرض مثالية وفي نفس الوقت يشتمه، خصوصاً بعد تحول الجزء الأخير إلى نوع من الكوميديا الرخيصة واتجاه الممثلين إلى كتابة أدوارهم بأنفسهم.

تكلمت على مسلسل "رأس غليص" معتبراً إياه من أهم الأعمال البدوية.. من أين إستقى أهميته؟
يكمن السبب في قلة الأعمال البدوية ومطالبات الجمهور الملحة لعرض هذا العمل بالتحديد، فمنذ بدأنا بتصوير الجزء الأول منه عام 2006 والجزء الثاني عام 2008 وحتى الآن لاحظنا مطالبات عديدة لعرض جزء جديد واستكمال القصة خصوصاً أن شخصية "غليص" تقتل في الجزء الثاني وترتجف يده بنهاية المشهد ما خلق نوعاً من التشويق لمعرفة إن كان قد مات أم لا.علاوة على ذلك يعتبر العمل وجبة خفيفة في رمضان ويحتوي على مواقف طريفة رغم أنه دموي ونحن حالياً بصدد تصوير الجزء الجديد منه في الأردن.

ظهرت مؤخراً بأكثر من عمل على عكس ما كنت عليه سابقاً، هل للعامل المادي تأثير؟
بالضرورة، بخاصة في ظل الأزمة التي نعيشها، فأولادي يدرسون بالخارج وأنا مضطر لمساعدة نفسي مادياً مع حرصي الشديد على تأكيد تواجدي وحضوري المعنوي على الساحة الفنية والمحافظة على اسمي وصلة المحبة التي تربطني بجمهوري.


لماذا لم نرك بمسلسل "أحمد بن حنبل" كون الأعمال التاريخية تستهويك؟
كنتُ حذراً جداً من المشاركة فيه كونه يمتلك خصوصية معينة ووجهة إنتاجية تعتقد أن طرحه حالياً أمر مثالي. بالوقت الذي لا بد للأعمال الدرامية أن تراعي الجانب الديني كي لا نقع بنفس الخطأ الذي اقترفناه في مسلسل "معاوية" و"الحسن والحسين" الذي منع من العرض في الكثير من المحطات بأمر من الأزهر.


إعتذرت عن المشاركة بمسلسل "أحمر" بدور العميد "حليم"، ما السبب؟
حينها كان النص بطور التعديل وقد كنت ملتزماً بأعمال أخرى فاعتذرت عن المشاركة ولم أندم على ذلك. العمل عادي جداً حتى بإعتراف أصحابه، وهذا ما تخوفت منه منذ البداية.

وصفتَ مسلسل "عناية مشددة" بالدموي.. ألستَ مع الأعمال المتطرقة للأزمة؟
من وجهة نظري الأزمة موضوع حساس جداً، فجذورها ممتدة من اتفاقية "سايكس بيكو"، وإذا حاولنا فتح صندوقها الأسود لنعرف الأسباب والقوى الكامنة وراءها سندخل بعملية معقدة جداً. فلا توجد أزمة بالعالم تتحول بهذه السرعة من حالة حراك مدني إلى "عسكرة" للمجتمع كله، وتتسبب بشرخ أفقي وعمودي بدون وجود أسباب بعيدة المدى. وللأسف السوري تجزأ وهجّر وقتل دافعاً ضريبة ما تطمح إليه القوى العالمية الأخرى بإعادة هيكلية العالم لمئة سنة مقبلة. وهنا تكمن صعوبة تناول الموضوع ببساطة واستسهال كما تفعل بعض الأعمال بغرض التسويق، فهذا أمر خاطئ ومشين جداً.

هل تعتقد أن "الندم" أنصف الواقع السوري؟
أعتبره من أفضل المسلسلات الروائية التي لامست واقعنا السوري ولأنه مختلف كان الأجمل، فالكاتب سامي حسن يوسف بغنى عن التعريف، لكن بالرغم من ذلك لا أصنفه كعمل قوي.


لماذا لم يصوّر مسلسل "الغريب" حتى الآن؟
كنا بصدد تصويره لصالح إحدى شركات الإنتاج بإشراف المخرج "إياد النحاس" لكن بسبب خوض الأخير لمسلسل "الرابوص" تروينا قليلاً، إلى جانب انشغالي بتصوير جزأي "عطر الشام" الذي أؤدي فيه 600 مشهد.


اعتذرت عن المشاركة بفيلم أميركي، ما السبب؟
لم أرغب في أن يتم تصنيفي مع طرف أو اتجاه معين، خصوصاً أن قصة الفيلم تتحدث عن الأكراد في العراق وتعتبر ضبابية نوعاً ما، إضافة إلى أن دوري بالفيلم كان ثانوياً لذلك "فرملت".

هل تسعى إلى الوصول إلى العالمية؟
أتمنى ذلك، وقد عُرضت عليّ مؤخراً المشاركة في فيلم أميركي آخر من قبل منتج يدعى "ماكس كيلار" بعد مشاهدته لأدائي في برومو فيلم "آخر الفرسان" أثناء حلقة تلفزيونية تستعرض أفلام "مهرجان كان السينمائي".
ويتناول الفيلم قصة أبوين سوريين لديهما ابن مصاب بالتوحد، وتتخلله جرائم قتل بحبكة تشويقية، لكن الفكرة لم تستكمل بعد ولم يعاودوا الاتصال بي.


ما رأيك بالمسلسلات العربية المشتركة؟
لا أعتبرها أعمالاً مشتركة بقدر ما هي مسلسلات مقلّدة للدراما التركية من حيث الديكورات والثراء الفاحش وطرق الاستعراض التي جعلت من الممثل "مانيكان لا أكثر"، فهي بعيدة كل البعد عن واقع حياتنا العربية وتفتقر للقضية وعناصر التشويق وللأسف رغم ميزانيتها الضخمة إلا أنها فاشلة.

كثير من النقاد قالوا إن هذه الأعمال أضافت خبرة للفنانين اللبنانيين، ما تعليقك على الموضوع؟
على العكس تماماً، فالممثل اللبناني له تاريخ مهم تشهد له الدراما العربية أمثال عبد المجيد مجذوب، ومحمود سعيد، وسمير شمص، ووحيد جلال، وفؤاد شرف الدين، ورشيد علامة، وميشال ثابت ، وجورج شلهوب وزوجته إلسي فرنيني وابنهما يورغو ، والمرحومة هند أبي اللمع، فجميعهم عمالقة بعالم الفن.


ما الذي يسعدك شخصياً ومهنياً؟
على الصعيد المهني أفرح عندما أحصد نجاح أعمالي كما حدث مؤخراً في "طوق البنات" الذي يعرض حالياً على قناة "الجديد"، وأود هنا توجيه تحية كبيرة لهذه المحطة المتميزة التي تكرس الممثل بشكل جيد، أما على الصعيد الشخصي فسعادتي الحقيقية تتوقف على عودة الأمان لسورية والأمة العربية ككل، ورؤية عائلتي بخير وسلام.

ما الذي يبكيك أو يترك "غصة بقلبك؟
أي موقف بسيط إنساني يبكيني، فأنا "حنون جداً".


تمتلك موهبة فريدة بكتابة الشعر.. هل تفكر بتطويرها؟
بصراحة، لا أعتبر ما أكتبه شعراً بقدر ما هو خواطر أدوّنها على ورق، لكن الناس اعتقدوا أنني بارع بالمجال كوني نظمت شعراً متميزاً لسمو الشيخ "محمد بن راشد آل مكتوم" في مسلسل "آخر الفرسان" إخراج نجدت أنزور.

صرحت سابقاً بأن الضمير أقرب أصدقائك.. من صديقك الجديد؟
لم يتغير، فالضمير يملي على الفرد كيفية تعامله مع الناس في أي موقف سواء سياسي أو اجتماعي أو وطني وهو الأهم، وعندما يكون صادقاً ينام المرء قرير العين ويمنحه سلاماً لا نجده عند صديق آخر.

ما حدود صبرك؟
كأي إنسان يتوقف ذلك على عمري، فأنا الآن "إسفنجة للصدمات" ومختلف عما كنتُ عليه قبل 20 سنة من ناحية مقدرتي على التحكم بذاتي، "رغم أنني ما زلت فتياً".. يضحك. وطبعاً "للصبر حدود وأنا عم طول الحد شوي".


هل ممكن أن يقف العمر عائقاً بطريق طموحك؟
طالما أن الفنان قادر على المحافظة على شغفه بالمهنة وعطائه وصحته ومستوى أدائه والإعتناء بحيثية أدواره منذ البدايات وتطويرها مع العمر لن يردعه شيء أبداً.

ما الدور الذي تحلم بتجسيده؟
حالياً وبعد تجسيدي للكثير من أدوار البطولة الفردية، أتمنى الوصول إلى بطولة جماعية حقيقية والانتقال من مرحلة تكريس الفرد إلى الحضور الجماعي للمجتمع أو تلخيص جميع أدواري بعمل واحد وإحداث نقلة نوعية على صعيد الدراما ككل.