مسرح مكتظ بالحضور الذي يكتنفه الشغف والترقّب وخشبة تضجّ بالحياة وبالحركات.

.. هكذا بدا المشهد ليلة الافتتاح الرسمي للعرض المسرحي "حبيبي مش قاسمين"، من كتابة الممثلة المبدعة رلى حمادة وبطولتها، إلى جانب الممثل القدير عمار شلق والممثل الصاعد مصطفى حجازي وإدارة المخرج موريس معلوف، وذلك على خشبة مسرح "مونو".

المسرحية من النوع الجامع ما بين الكوميديا والتراجيديا في آن، وتدور أحداثها على مدى ساعة كاملة من الوقت وداخل غرفة نوم الزوجين "سليم" و"عايدة" اللذين تمكّن الملل من التسلل إلى حياتهما بعد مرور 25 عاماً على ارتباطهما، وبات الروتين اليومي متحكماً في تفاصيلها بدءاً من اليوميات وصولاً إلى السرير والحميميات.

ووسط محاولة الزوجة لفت انتباه حبيبها لوجودها، يدخل إلى منزلهما لاجئ سوري فيحرّك المياه الراكدة بينهما ويحوّل غرفتهما الصغيرة إلى ساحة حرب تدور رحاها في ذاكرة حبيبين تركت الخيانة آثارها على علاقتهما ببعضهما البعض، وبدأت مع اكتشاف الزوج بأنه عاقر ولن يتمكن يوماً من منح حبيبته طفلاً فيلجأ إلى نزواته وعلاقاته المتعددة في محاولة للتأكيد على رجوليته، وبالتالي محاولة الزوجة التعايش مع خيانة زوجها لها وبرودة سريرها وانطفاء شمعة حياتها رويداً رويداً.

تعكس المسرحية حياتنا الواقعية بشفافية واضحة، مضحكة حتى البكاء، ومريرة حتى الألم... ترسم ملامح علاقاتنا المستترة وراء المظاهر الخادعة وادعاء المثاليات التي تسقط ستاراتها في غرف النوم وعلى وقع برودة الأسرّة. وعلى المقلب الآخر، نجد رواية تفصيلية لأفكار متجذرة في ذاكرتنا عن فترة تواجد الجيش السوري في لبنان بكل ما خلّف من جراح مزمنة انعكست سلباً على العلاقة مع اللاجئين اليوم، وذلك بأسلوب ذكي حرّك المشاعر الدفينة ووضع الإصبع على الجرح الذي لم يندمل بعد.

"حبيبي مش قاسمين" مسرحية تستحق المشاهدة بالفعل، وتسرق أحداثها المشاهد فلا يشعر بمرور الوقت بل يستمتع بكل حركة ونفس وإيماءة وكلمة... إبداع رلى حمادة توجّته براعة عمار شلق تحت إدارة مخرج متميز هو موريس معلوف ومشاركة ممثل شاب وواعد، مصطفى حجازي، من المتوقع أن يقدّم الكثير في المستقبل.


وعلى هامش العرض الأول، إلتقى موقع "الفن" كاتبة وبطلة المسرحية رلى حمادة التي أجابت على سؤالنا: لماذا (مش قاسمين)؟ بالقول: "تيمناً بالشعب اللبناني الذي يصرّح بأنه (مش قاسم)"...

وتتابع: "لا يوجد في المسرحية لطشات سياسية بل هي مصارحة إجتماعية... أترك للمشاهد الحرية بالتفكير وقراءة النص كما يريد وإجراء الإسقاطات السياسية التي يجدها مناسبة ولا أفرض رأيي عليه". وختمت حمادة بالقول: "أقدّم عملاً أحبّه وقد وضعنا أيدينا بأيدي بعض كفريق عمل وأتمنى أن تحبّوه أيضاً".

بدوره، أشاد بطل المسرحية الممثل عمار شلق بكتابة زميلته التي يلتقيها في عمل مشترك للمرة الأولى قائلاً: "رلى أصابت المشاهدين بنصها وبالتالي نجحت... المسرحية تعكس تداعيات المشاكل الزوجية والتراكمات على مرّ السنين حتى لحظة المصارحة التي تقلب الموازين... سعيد جداً بأصداء العرض وأشكر المخرج موريس معلوف على إدارته الرائعة للممثلين، كما أشيد بالممثل الموهوب مصطفى حجازي الذي أجاد أداء دوره في عرضه الأول".

الممثل باسم مغنية أشاد بالعمل، قائلاً: "نص رائع جداً، وفكرته ممتازة بأن طارئاً قد يحدث في حياتنا فيفتح الباب أمام المصارحة، كما أن الممثلين الثلاثة رائعون".

أما الممثلة والمخرجة زينة دكاش فوجدت أن "طاقة رلى (بتاخد العقل) وفاجأتني بمقدرتها على الكتابة بالفعل إنها أبر مفاجأة وأرفع لها القبعة، ناهيكم عن عمار المميز ومصطفى الذي فاجأني بأدائه".

وفي الوقت الذي رفض فيه الممثل رفيق علي أحمد إبداء رأيه بالعرض المسرحي متذرعاً بتوقيعه عقداً يمنعه من التصريح، الأمر المستغرب فعلاً، اعتبرت الممثلة سهى قيقانو أن "العرض (مهضوم)، سريع، ولا يثير الملل، ويعكس تفاصيل الحياة الزوجية الحميمية والصراع المتبادل بين الزوجين إلى جانب موضوع اللاجئين السوريين الذي نعاني منه بالفعل".

الكاتبة والممثلة كلوديا مرشليان أكدت استمتاعها بالعرض قائلة: "على الرغم من أنني توقعت من عمار ورلى هذا الأداء الرائع إلا أنني تفاجأت بهما وأحببت أداءهما لدرجة كبيرة. النص جيد جداً، وتمكنت رلى من خلاله من أن تمسّنا فالمسرحية واقعية بشكل كبير".

كذلك رأت الممثلة سارة أبي كنعان أن المسرحية "رائعة جداً وواقعية إلى حد كبير، ويشعر المشاهد بأنه جالس في منزله ويترقب نزاعاً بين أهله أو جيرانه. المسرحية تشبهنا وهي سلسة جداً بحيث مرّ الوقت سريعاً ولم نشعر به".

الممثل جوزيف بو نصار وجد أن العمل "جميل، و(مهضوم)، وموجّه للناس جميعاً سواء من المثقفين، أو الباحثين عن التسلية، وحتى أولئك المهمومين من الموضوع الخطير. الممثلون مبدعون، إدارة الممثلين جيدة جداً، باختصار العمل (مقطوف)، جميل، إيقاعه سريع، سرد ما يجب قوله ووضع الإصبع على الجرح".

أما الممثلة برناديت حديب فبادرتنا بالقول: "أحتاج إلى المزيد من الوقت لاستيعاب ما شاهدته. المسرحية أسعدتني جداً وهي واقعية وتتحدث عن حياة زوجين، أي زوجين، ومليئة بالمشاعر والأحاسيس فنبكي تارة ونضحك طوراً".

الكاتب مروان نجار نوّه بالمسرحية قائلاً: "الأمر الأهم فيها أنها لا تشبه سوى نفسها، ففي الوقت الذي نجد فيه معظم الأعمال المسرحية تجترّ نفسها ينبثق هذا العمل الذي يتضمّن رؤيا خاصة وإعادة اعتبار إلى الحياة ومسائلها الروتينية بطريقة ذكية أنتجت بعداً من النادر أن نجده في هذا النوع من الأعمال". وعن كتابة حمادة قال نجار: "لا أستطيع الحكم من العمل الأول لكن الوعد (فظيع)".

أما الممثلة مارينال سركيس، التي شاركت حمادة في كتابة عمل لم يبصر النور بعد، فقالت: "المسرحية جميلة جداً وفاجأتني بالفعل. رلى وعمار ثنائي مميز وأدّيا دوريهما بإتقان وبراعة. رلى لم تفاجئني بنصها لكنها أوجعتني".

الممثلة رندة أسمر هنّأت زميلتها بالقول: "Bravo لسيدة مثل رلى حمادة أن تكتب وتنتج بنفسها وتمثل في زمننا الحالي. العرض جميل جداً وقد جمعتنا رلى حول عمل رائع".

بينما أكدت الممثلة كارلا بطرس أن رلى لم تفاجئها فقد توقعت سلفاً أن العمل سيكون جيداً جداً. وعلّقت بالقول: "سبب توقعاتي الإيجابية يعود إلى أن رلى هي كاتبة النص النابع من قلبها وقلب كل ممثلة وأم وزوجة مع كل التفاصيل المهمة التي يتضمنها. أحساسيها (بتاخد العقل) وهي تمثلنا جميعاً من خلال دورها في المسرحية.

رلى وعمار ثنائي أكثر من رائع والعمل تجدر مشاهدته فنحن بحاجة لمتابعة أستاذة تمثيل وإخراج من هذا الوزن الحقيقي في زمن انتشار المزيّفي .

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً إضغطهنا.