رفيقاتها تمسخرن عليها ولقبنها بالحولاء فرفعت الراهبة من معنوياتها.

عملت والدتها بالخياطة لتُعيلهم ووالدها حرمها من الخروج واللعب.

إعتقل الاب لأسباب سياسية فأصبح شخصية حاقدة ولم يتستوعب بلوغ ابنته!!

كانت ضعيفة وهشة وعانت من فقر مدقع .

الحلقة الأولى

ولدت في القاهرة بحي شبرا العريق من والدين ايطاليين مهاجرين، هاجرا لمصر بدافع الفقر الشديد وهربا من المعارك الطاحنة في ايطاليا ابان الحرب العالمية الأولى، كان أطفال الحي ينادون والدتها "بيبينا Pippina"، وكانت أمها كأية أم ايطالية لها طبيعة مزعجة حيث تتدخل في شؤون أولادها لخوفها عليهم، وبالمقابل كانت ايضاً حنونة وربة بيت ممتازة، أما والدها السيد جيجليوتي فقد كان عازفاً موهوباً لم يتمكن من إيجاد عمل في بلده مما دفعه لفكرة السفر بعائلته الى مصر رغم أنه كان يحب بلده ويفتخر بأصله، ولم تمض فتره بسيطة لوجوده بمصر حتى تمكن وبسرعة من العثور على عمل ضمن اوركسترا أوبرا القاهرة، فأسكن عائلته في شقة متواضعة بشبرا .

وبعد فترة ولدت يولاندا المعروفة باسم داليدا بـ17يناير-كانون الثاني سنة 1933 لتنضم الى شقيقيها برونو وارلاندو، ولم تكن طفولتها سعيدة فقد ولدت ضعيفة البنية، هشة، وتعاني من إحولال في عينها اليمنى بشكل سيئ، وأجرت ثلاث عمليات لعينها اليمنى وكان لزاما عليها لفترة طويلة أن تلبس نظارات قبيحة المنظر، ولم تتوقف الفتيات بمدرستها الكاثوليكية عن السخرية منها ونعتها بالقاب مثل "ام اربعة عيون والحوله" لكن لحسن حظها وضع القدر في طريقها راهبه طيبة القلب اسمها ايزابيل كانت تواسيها كلما رأتها تبكي وتقول لها "لديك أجمل عينين في العالم" كانت تلك الكلمات ترفع من معنوياتها، وتدخل الراحة لنفسها وتدفعها للعب مع الاطفال، ( حتى أن داليدا بعد شهرتها ونجوميتها لم تنس ايزابيل أبداً وعندما علمت أن تلك الراهبة ايزابيل تحتضر تركت كل أعمالها ورجعت للقاهرة لتوديع المرأة التي عاملتها بحنان )، وفي سنة 1940 تكهربت الاجواء عقب اندلاع الحرب العالمية، وأصبحت حياة والدها جيجليوتي صعبة جداً مع أنه كان بعيدا عن السياسة ومشاكلها لكنه في النهايه كان ايطالياً، ومصر في تلك الايام كانت تحت حماية بريطانيا فكان أن اعتقل وتم حبسه بسجن المعتقلين لعدة اشهر ونظراً للوضع المزري للعائلة بعد أن فقدت عائلها اضطرت والدتها أن تسهر الليالي على ماكينة الخياطة تخيط الملابس، لتؤمن عيش أولادها.

وعندما عاد والدها الى البيت كان قد أصبح شخصاً مختلفاً ، فالسجن جعله إنساناً حاقداً وسيئ الطباع، وبعد مرور عدة سنوات لم يتحمل حقيقة أن ابنته بلغت وبدت عليها معالم الأنوثة، فلم يعد يسمح لها بالخروج من البيت والذهاب مع أصدقائها وصار يطلب منها البقاء في البيت لمساعدة امها، وفي كل أحد يوم الاجازة عندما تذهب الأسرة الى الكنيسة وعندما ينتهون من الصلاة كان والدها يسمح لشقيقيها "Orlando و Bruno" باللعب بالخارج ليتمتعا بعطلتهما، أما داليدا فقد كانت مجبرة على الذهاب مع والدتها الى البيت وهي تراقب شقيقيها بحسرة وهما يلعبان.

(يتبع).