لكل مقام مقال ولشربل روحانا، عاشق العود وعميده، سيمفونية وتر وضعها القدر وخلّدها العمر.

.. شربل روحانا، الأستاذ الأكاديمي، العازف البارع، والفنان المبدع، ألقى رحال خبرته وكشف عن كنوز معرفته ودوّن، بإتقان واحتراف وشفافية، منهجاً تعليمياً وتوثيقياً يرشد طلاب الموسيقى إلى تاريخ آلة العود والمقامات والإيقاعات الشرقية، وكان... "مقام العود".

وكانت الحديقة العامة لمدينة جبيل قد شهدت حفل توقيع منهج "مقام العود" وهو من إعداد، تأليف، وكتابة شربل روحانا، وذلك بدعوة كريمة من إدارة معهد القديسة رفقا للموسيقى فامتلأ المكان بمحبي روحانا، طلابه وأصدقائه.

بعد النشيد الوطني، إنطلق الحفل مع كلمة رائعة ألقاها عريف الحفل الإعلامي الزميل إيلي أحوش الذي أشاد بالمولود العلمي الفني الجديد ووصفه بالقول: "من يد شربل روحانا إلى يد معهد القديسة رفقا سيعبر "مقام العود" شط جبيل ليبحر في المسافات ويرسو على مختلف الشواطئ اللبنانية وفي كل الدنيا ويصبح لكل المنتظرين منهجاً وطريقاً". ومن ثم، بدأ عرض شريط وثائقي عن جبيل، قبل أن يصار إلى عرض آخر يحتوي على مراحل عدة مرّ بها "مقام العود" قبل أن يصل إلى شكله الحالي.

توالت الكلمات تباعاً، فأغدق مسؤول قسم الدكتوراه في كلية الموسيقى في جامعة الروح القدس الأب الدكتور بديع الحاج في كيل عبارات المديح لهذا الإنجاز التعليمي الموسيقي ملقياً الضوء على أهميته وشموليته، ليعتلي من بعده المنبر رئيس المعهد الوطني العالي الركتور وليد مسلّم الذي نوّه بدور شربل روحانا كأستاذ وفنان وأعلن عن تبنّي المعهد لمنهج "مقام العود" ليصبح بالتالي معتمداً لديهم. أما رئيسة معهد القديسة رفقا للموسيقى الأخت الدكتورة مارانا سعد، والتي كانت لها اليد الطولى والبيضاء في دعم مشروع المنهج وطباعته ونشره، فقد ألقت كلمة تحدثت خلالها عن كيفية التعاون الذي تمّ بين المعهد والفنان شربل روحانا وتفاصيل عملية التنفيذ، وتقدمت بالشكر من روحانا وفريق العمل الذي لم يألُ جهداً في سبيل إخراج الكتاب بأبهى حلّة.

كلمة شربل روحانا جاءت مؤثرة جداً إذ تحدث بشغف كبير عن المجهود الجبار الذي قام به كل من شارك في عملية ولادة هذا المنهج، وعن تفاصيل "مقام العود" والمراحل التي مرّ بها، وذلك قبل أن يمتع الحاضرين بفقرة موسيقية تحت عنوان "دوزان" تضمّنت أعمالاً خاصة من ألبوماته السابقة، وأخرى من الرحابنة، كما توجّه بتحية وفاء إلى إبن خالته الفنان مارسيل خليفة من خلال عزفه "رحيل الخضرجية"، وذلك بمشاركة الأستاذ الفنان إيلي خوري الذي جاء خصيصاً من فرنسا لمواكبة صديقه.

وقبيل انتهاء الحفل، وصل رئيس بلدية جبيل زياد حوّاط الذي علّق بعد تسلّمه الدرع التذكارية: "ما أحوجنا اليوم إلى أشخاص مثل شربل روحانا الذين يقدمون أعمالهم برقي وشفافية، متمنياً أن يعمّ هذا الأمر لبنان بأكمله لنعيش براحة وسلام"، ومن ثم غادر المكان سريعاً.

وعلى هامش الحفل، إلتقى "الفن" رئيس المعهد الوطني العالي للموسيقى د. وليد مسلّم الذي أشاد بمجهود شربل روحانا ونتيجته العظيمة قائلاً: "إنها مناسبة عظيمة للإحتفال بولادة "مقام العود" الذي نتج عن جهود جبّارة. حالياً، لا يوجد لدينا منهج متكامل عن العود لذلك أتمنى أن يكون هذا هو المبتغى، وأن يمتعنا الأستاذ شربل روحانا بروائع أخرى سواء من المؤلفات أو المقطوعات الموسيقية الجديدة فهو إنسان شفّاف كرّس نفسه للفن كما أنه مبدع بكل معنى الكلمة". وتابع بالقول: "المنهج بين أيدينا وأيدي طلابنا منذ سنة تقريباً، وقد اتبّع روحانا الأسلوب الصحيح في تعديله وتطويره. لدينا ثقة كاملة بخبرة روحانا الطويلة ومقدرته على الإبداع، وقد كان المعهد داعماً له منذ إصداره المنهج الأول".

أما الأستاذ الفنان شربل روحانا فتحدث إلينا عن سعادته الغامرة بالدعم الشعبي الذي يلقاه مع إصداره منهج "مقام العود"، وعلّق بالقول: "سعيد جداً وستزداد سعادتي إذا ما كان هذا المنهج مفيداً للطلاب، وأتمنى أن يستفيدوا جميعاً من كل ما يتضمّنه". وعن تخلّيه عن أنانيته كفنان لصالح طلابه ومحبّي الموسيقى من خلال تدوين وتوثيق ما اختبره طيلة رحلة فنية تجاوزت مدتها الثلاثين عاماً، قال: "المقاييس هنا مختلفة، فالفنان يتعامل مع اللحظة الحاضرة والتي قد يخطئ خلالها فيغفر له الجمهور، أما تدوين منهج ما فيحتاج بالفعل إلى التخلّي عن الأنانية والحنين والعودة إلى الماضي لاستعادة أدق التفاصيل وأهمها والتركيز عليها ووضع الأقل أهمية جانباً لأن الطالب أو القارئ لن يغفر أي خطأ، ولهذا علينا التمعن بالكتابة وتعلّم الصبر". وعن مضمون المنهج قال روحانا: "لملمت أوراقي وتجربتي ووضعت ما اختبرته طيلة ثلاثين عاماً، أما الجديد فيه فهو توثيق أساليب العزف التي وجدتها مفيدة للطلاب، وأتمنى أن يكون مفتاحاً رئيساً يساعدهم على فتح باب الإبداع". وعن سبب تقديمه تحية وفاء لمارسيل خليفة الغائب عن الحفل، أكد روحانا بالقول: "لقد تعلّمت منه العزف ولو بطريقة غير مباشرة وهو يستحق مني كل الوفاء، وغيابه عن هذا الحفل كان بداعي السفر فقط".

لمشاهدة ألبوم الصور، اضغطهنا.