إعتاد رواد الرومانسية الصاخبة على استراحة المحارب في اهدن، تلك البلدة الساحرة التي تلقي على زائريها وشاحاً مطعماً بأزيز الحب النابض والكاسر لكل تقاليد الحياة.

من هناك تتدفق أهازيج النصر والغرام... من فيات شجيراتها العابقة بوشاح الأخضر المخملي تنبعث ومضات من الغزل، حيكها شاعر الحب نزار قباني ولونها قيصر العشق والغرام كاظم الساهر ضمن فعاليات مهرجان إهدنيات السنوي.

بات إهدنيات بمثابة محطة سنوية فرضت نفسها على خارطة المهرجانات اللبنانية والعربية التي تستضيف نخبة الفن الراقي من نجوم لبنانيين وعرب وعالميين... لا بل تحول إهدنيات إلى منارة جبلية مشعة تعكس صورة مرموقة عن لبنان والاصطياف ولباقة الاستقبال وحسن الضيافة.

وهنا لا بد من التنويه بالدور الذي تقوم به السيدة ريما فرنجية رئيسة المهرجان في انعاشه سنوياً بقدرتها على تنظيمه بدقة عالية جداً برفقة فريق عمل كامل متخصص أكرم زواره وأهل الإعلام من خلال المعاملة اللطيفة واللبقة.

في العودة إلى نقطة اللاعودة مع القيصر الذي بنى مداميك الحب في اهدن ورصف قرميد الغرام في اهدن وسيج حديقة أعماله في اهدن. للساهر علاقة ساحرة وتركيبة خاصة مع اهدنيات... هناك يتفلت الكلام من زمام الأغنية لتتحول الى نسمات صيف باردة تبلسم جراح أهل الهوى بصوت أيقظ في داخلنا حنين الذكريات على إيقاع الواقع الملتوي.

يمثل كاظم الساهر صورة الرجل الشهم الذي يختزن كل مكنونات الرجولة الحقة والتي تدرك في ثنايا وخبايا العاشقين... يداعب أنوثة المرأة بمعايير مقدسة تدرك كيف تسرع نبضات القلوب فتتوهج وفجأة تشعر من حيث لا تدري أنك في حالة من التوهان.

أطل القيصر كمارد حب على المسرح ... تسارعت الأكف لتطبق على راحة كف اليد الأخرى مرحبة بمن يغازل المرأة بأفراحها وأتراحها بكيانها وكينونتها. ابتسمت الثغور منتظرة على أحر من جمر آب اللهاب كلمات تتطاير من أوتار أدركت جيداً معنى الغزل والتمرد.

إفتتح الساهر الحفل بأغنية "أراضي خدودها"، يعود ويثأر من امرأته فيغنيها بقصيدة "أكرهها". يطبق أجفانه على أنين متخطياً مسافة الحواجز ليخترق الأفئدة، فتتصاعد وتيرة الاندماج الذهني بحركة يد احتضنت نساء العالم.

على مدى ساعتين استودع كاظم بقلب رحب حب العالم الذين استرسلوا لتنهدات حتى لفظوا انفاسهم... نسوة صرخن مستنجدات بكبر القيصر الذي وصف حالة عشقه للشعب اللبناني بالكثير من الاغنيات.

وهنا عدت بالذاكرة إلى حفل العشاء الذي نظمته MBC في دبي والذي قابلت فيه كاظم الذي أعرب عن حبه الكبير للبنان ولجبران خليل جبران حيث اختار كاظم نص المحبة وقدمه بالانكليزية. لكننا استغربنا هذا العام امتناع القيصر عن إعطاء المقابلات الصحافية والتي من شأنها أن تدعم حضوره وتصب في مصلحته .

في العودة إلى مجريات الحفل كانت "قولي أحبك" مسك الختام مع فرقة محترفة على الرغم من عدد أعضائها الأقل من غير فرق لكن احترافها أظهرها وكأنها أوركسترا سيمفونية.

هناك أسدل الستار على روعة مشهدية ساحرة أحياها الساهر، على أمل اللقاء في العام المقبل لنرفع نخب الحب الأبدي.

ملاحظات:

في ما يخص أماكن جلوس الإعلاميين لم نفهم ما كان المقياس لها حيث وجدنا بعض الصحافيين في الأماكن الأمامية في حين أن بعض الإعلاميين المخضرمين كانوا يجلسون خارج الصفوف الأمامية.

تم إختيار شاشتين فقط لإجراء مقابلتين مع الساهر دون سواهما من باقي وسائل الإعلام .

إحدى المعجبات صرخت لكاظم "كلما تكبر تحلا".

المدرج كان ممتلئاً بحوالى 3500 شخص ولم يتم إضافة مقاعد حفاظاً على راحة الحضور .

الناس تفاعلوا مع الأغنيات القديمة أكثر من الجديدة .

إستغربنا عدم إشراك أي من مشتركي برنامج "ذا فويس كيدز" بهذا الحفل مع الساهر لدعمهم.