"يا وطني كم نحن محظوظون، عندما يجتمع الآلاف في أرض الشهداء والشرفاء ليغنوك ويغنوا الحب مع الصوت الملائكي الذي يقرب المسافة بيننا وبين السما ".

.. اهدن تلك المنطقة التي كانت منذ البداية لا تشبه إلا ترابها المقدس وطيبة أهلها، تحتضننا منذ سنوات وتجمع اللبنانيين من كل المناطق في "اهدنيات" المهرجان الموسيقي السنوي الذي شكل حالة استثنائية ضمن لائحة المهرجانات اللبنانية وإستطاع أن يستقطب، بإشراف السيدة ريما فرنجية، أهم الفنانين اللبنانيين والعالميين ضمن برنامج فني متكامل.


إفتتاح هذا العام مختلف تماماً ..لقاء عائلي جمعنا باسم الله والوطن والحب. راقصتنا النغمات الموسيقية طيلة الليل ورددنا معاً "كلمات ليست كالكلمات". صدح "الصوت الإنسان" من على كتف وادي القديسين وأطلت السيدة ماجدة الرومي على جمهور لم يكترث للمسافات والبرد وغنى معها الحب والسلام والإيمان.


ليلة "من ليالي العمر" قدمتها السيدة ماجدة الرومي بصوتها العذب الذي يحرك الروح ويسكر الحواس ... ليلة أعادتنا إلى ذكريات الماضي التي لا تكون ذكريات إلا اذا رافقتها أغاني الرومي التي شكلت في مرحلة ماضية المتنفس للبنانيين ولسان حالهم .. كيف لا وهي التي غنت لبنان عندما خاف الآخرون وأسكتت أبواق الحرب عندما نفخ فيها الاعداء.

رحّبت السيدة ماجدة الرومي برئيس تيار "المرده" النائب سليمان فرنجية ومؤسسة مهرجان "إهدنيات" الدولي ريما فرنجية وبكل الحاضرين، وقالت:" يسعدني ويسعد الفرقة الموسيقية بقيادة الاستاذ المايسترو لبنان بعلبكي أن نمسّي عليكم بالخير والحب. ونتمنى يا رب ان تكون سهرتكم جميلة رغم كل الذي حصل والذي يحصل. ان شاء الله، هذه الأوقات السعيدة التي اعطانا اياها الله اليوم لنفرح، أن نعيشها كعرس حقيقي ونشكر ربنا على نعمة السلام. أحب أن أخبركم أن كل المشاركين معي في الكواليس والموسيقيين الكبار ولبنان والكورال الذي يرافقني منذ سنوات بقيادة المايسرتو ايلي مرهج وكورال "القلب الطاهر" بقيادة جيلبير معوض، تجندوا الليلة خصيصاً لهذا المهرجان من أجل أن نحيّي معاً لبنان الحب والخير. أشكركم من قلبي وأبلغكم بالغ تأثري بوجودكم معنا اليوم ... الليلة كلنا فرحنا عظيم لأننا نغني في اهدن الغالية على قلوبنا بهذه الأرض الطيبة الرافعة راية العذراء السهرانة معنا على التلة .. بهذه الأرض التي كل حبة تراب فيها حاملة توقيع الشهامة والكرامة والابطال والشهداء والأبرار والقديسين ... لما نقول اهدن منقول صلب المجد اللبناني منقول الارض المقدسة.. ست ريما نحن كلنا منشكرك على دعوتك النا ونتمنى لهذا المهرجان دوام التقدم ... بضمكم لقلبي وبقلكن بحبكن ومن نص قلبي بشكركن على حضوركن".

قدمت السيدة ماجدة الرومي باقة من أجمل أغاينها التي تنوعت بين القديم والجديد، والبداية كانت مع أغنية "من بلادي" التي قدمتها برفقة جوقة "القلب الطاهر" والاوركسترا بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي. ومن "بلادي أنا" انتقلت إلى "عندما تتوحد الدنيا" و"غمّض عينيك"، "عم يسألوني عليك الناس"، "عطر"، "غنّي للحب"، "أحبّك جداً"، "على قلبي ملك" ومن بعدها "عم بحلمك يا حلم يا لبنان"، "ما رح إزعل ع شي"، "حبيبي"، "اعتزلت الغرام"؛ ثم "نشيد الحب" لجبران خليل جبران. غنّت الحب وانتقلت الرومي بجمهورها إلى أغانيها القديمة: "كلمات"، "ما حدا بيعبي مطرحك بقلبي"، "وداع" ، "خدني حبيبي عالهنا". ولميخائيل نعيمة غنّت "أخي" في تحية لشهداء الحرب اللبنانية. وصدحت كلمات نعيمة بصوتها رسالة سلام ومحبة وأخوة: "اركع صامتا مثلي بقلب خاشع دام لنبكي حظ قتلانا"، ثم رنّمت بخشوع "يا نبع المحبة" لترتفع صلوات الحاضرين فتكون "عين يسوع عوطننا بالإيام الصعبة" لأن "الثورة تولد من رحم الأحزان".


للبنان ولكبار الفنانين اللبنانيين تحية ختامية. من زكي ناصيف، وديع الصافي، سميرة توفيق ونصري شمس الدين وغيرهم، غنت الرومي "خضرا يا بلادي خضرا"، "زرعنا أرضك يا بلادي"، "زينوا الساحة"، "طلوا طلوا الصيادي" بمشاركة أكثر من 45 راقصاً. أما الأغنية الختامية فكانت "راجع يتعمر لبنان" التي غنتها على وقع الدبكة والأعلام اللبنانية.

وكلمة حق تقال بالاوكسترا التي رافقت الرومي والتي كانت بقيادة المايسترو المتألق لبنان بعلبكي التي اضافت بعزفها المحترف جمالاً على روعة أداء الفنانة ماجدة الرومي. وقد ظهرت جلياً ثقة الرومي بالمايسترو بعلبكي الذي إن صح التعبير "أحكم القبض" على إيقاع الحفل وكان العزف رائعاً يعانق شموخ صوت ماجدة ويترافقان معاً على بساط هواء اهدن ليجوبا أرجاء المكان ويرتقيا نحو العلا.

مشاهدات:

بداية الحفل كانت بفيديو لصور الفنانة ماجدة الرومي على أنغام أغنية "سوف نبقى".

التوزيع الحي لأغنية "حبيبي - Adagio" لـ "Tomaso Albinoni" كان رائعاً .

الفنانة ماجدة الرومي كانت تشعر طيلة الحفل بالبرد وطلبت ممازحة أن يحضروا لها "دفاية". وبعد برهة أعطوها عباءة لترتديها لكنها رفضت وأجابت ممازحة " طلبنا دفاية مش عباية".

الاضاءة كانت لافتة وجميلة وأجرت إدارة المهرجان تعديلات كثيرة على المسرح حتى توزيع كراسي الحضور خضع لتغيير هذا العام.

الصوت كان جيداً كل الحفل وكان واضحاً ويمكن لجميع الحضور سماع الفنانة بكل وضوح أينما كان المقعد.

المفرقعات النارية في بداية الحفل أزعجت الفنانة ماجدة الرومي ما اضطرها إلى التوقف عن الغناء.