في زمن باتت فيه الثقافة على قاب قوسين من الشح، وفي زمن إستفحلت ثورة التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل، لا يسعنا إلا أن نعول على وجه مشرق من لبنان لنحفظ ما تبقى لنا من نتاج ثقافي في بلد لطالما شكل مزيجاً من الثقافات العالمية في مختلف المجالات.

سنتناول في مقالنا هذا معالي وزير الثقافة الأستاذ روني عريجي، الرجل الإستثنائي في ثقافته الذي مدّ ومنذ توليه الحقيبة الوزارية، وزارة الثقافة، بالكثير من المشاريع والأنشطة الثقافية التي تحسب له في كف الانجازات الثقافية. لمعاليه ديناميكية تحرص على تلبية كل الدعوات والانشطة الثقافية من معارض ومسارح ومهرجانات وحفلات تستظل تحت رعاية وزارته للإضاءة على وجه مشرق للبنان بلد الارز والثقافة والعلم والفضيلة.

ولأفضال الأستاذ عريجي ألف حساب من باب مراقبتنا لنشاطاته والاعمال التي يشرف على تنفيذها ورعايتها على قدر كبير من المسؤولية. يتدخل في أدق التفاصيل إيماناً منه في رعاية الثقافة لإعادة القها إلى هذا البلد وللتشجيع على محو الامية والعمل بيد من فكر ومنطق لولوج عالم مثقف يساهم في تكوين نواة مجتمع متحضر ومثقف إلى بعد حدود.

كل من يتابع عن كثب القطاع الثقافي في لبنان خلال الفترة الأخيرة يلاحظ الفورة الثقافيّة التي يشهدها البلد من حيث عدد الأعمال المسرحيّة المتزايد ذات المستوى الفنّي العالي، أو الأعمال السينمائيّة أو المهرجانات الفنّية التي إستعادت الكثير من ألقها متحدية الكثير من الظروف الأمنية والاقتصادية في هذا البلد، ناهيك عن المعارض الخاصة بالرسم وتوقيع الكتب .

هذه النشاطات مجتمعة تأتي ممهورة بختم وزارة الثقافة التي ترعاها وتشرف عليها ممثلة بوزيرها روني عريجي القادم من عالم القانون والسياسة إلى عالم مفعم بالثقافة وهو على اشد الايمان بأن الثقافة نتاج إبداع ومواهب متنوّعة، وتلعب دوراً كبيراً في رفع مستوى الشعوب وتعريفها ببعضها وتعزّز الانفتاح وقبول الآخر، فضلاً عن كونها معيار رقيّ كلّ بلد.

الوضع الثقافي الجيد في لبنان يعود إلى انفتاح البلد على الحضارات كافّة، ما يساعد المبدعين على الانتاج الغزير.

الوزير عريجي على ثقة بأن وزارته لا تصنع الثقافة بل ترعاها وتشجعها من خلال تقديمها كل التسهيلات اللازمة، كتوفير المسارح الصغيرة في المناطق اللبنانيّة مقابل مبالغ ماديّة زهيدة أو مجانيّة توضع بتصرّف المسرحيين الشباب، ما يسمح للناس بمواكبة الأعمال الثقافيّة من جهة، واكتشاف المواهب والمهارات من جهة أخرى.

ويشهد للوزير عريجي فتح قنوات الاتصال على الثورة التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي. فقد إفتتحت الوزارة "المتحف الافتراضي"، للفن التشكيلي والذي تم تصميمه على الانترنت ليتضمن أكثر من 1500 لوحة خاصّة بوزارة الثقافة.

كما يشهد للوزير عريجي علاقته بالمثقفين والادباء قدر المستطاع وبحسب إمكانات الوزارة البشريّة . فقد قام بزيارة لأمين معلوف في باريس، كذلك شارك في مهرجان كان الدولي لسنة 2015، إضافة إلى تنظيم أسبوع السينما اللبنانيّة في فنزويلا مع أبناء الجالية اللبنانيّة هناك، وتفعيل الحضور اللبناني عبر جناح لبنان في معارض الكتب الدوليّة في أكثر من دولة".

عريجي ذاك الوزير المثقف الذي لا يفوت فرصة إلا ويظهر قدراً عالياً في الاهتمام والرعاية نعى الكثير من المفكرين وأكرم رحيلهم قدر المستطاع. فهو أخيرا نعى المسرحي اللبناني منير أبو دبس في بيان جاء فيه: "بغياب منير أبو دبس تنسدل ستارة المسرح اللبناني على قامة ومشهد تأسيسي للمسرح الطليعي - المعاصر، في لبنان والمنطقة العربية. لمنير ابو دبس فضل كبير في حداثة الخشبة اللبنانية، تمثيلاً واخراجاً وتأليفاً واقتباساً. من خلال تأسيسه "معهد التمثيل الحديث" و"فرقة المسرح الحديث" اطلق ابو دبس مواهب فنية لبنانية وقامات كبيرة، بينها ريمون جبارة وأنطوان كرباج ورضى خوري وسواهم. وعبر الخشبة تعرف الجمهور على النصوص الكلاسيكية الكبيرة للمسرح العالمي المعاصر والاغريقي القديم. لقد خسرنا اليوم قامة فنية كبيرة، كل الامل بإستمرار ارتقاء المسرح في لبنان الذي ارسى أبو دبس أسسه الحداثية. العزاء لأهل الفقيد ورفاقه والاسرة وجمهور المسرح وللوسط الثقافي وعموم الشعب اللبناني". وللتنويه أن معاليه طلب إستقبال جثمان الفقيد في صالون الشرف في مطار رفيق الحريري الدولي ، ولكن تعجبنا من قلة وجود الوسائل الإعلامية لتغطية الحدث وخصوصاً منها التي تدعي الإهتمام بالثقافة .

روني عريجي اسم لن يمر كعابر سبيل، بل سيبقى رجل الدولة والقانون والعلم والثقافة الذي احدث ثورة ثقافية في هذا البلد في زمن باتت فيه الثقافة على قاب قوسين من الإضمحلال. روني عريجي الرجل المناسب في المكان المناسب لتبقى الثقافة راية ترفرف فوق ارز الرب ليبقى لبنان بلداً إستثنئائيا بمفكريه وأدبائه وشعرائه .