بين الفن والإعلام علاقة رومنسيّة المهنة والشغف، فالفن نشرٌ للفكر بحبر الصوت وورق الأداء، والإعلام فنّ الحقيقة بصوتِ الجرأة ولحن الحريّة.

مروان خوري عاش ثنائيّة الحب هذه بثلاثية الحلقات ، فعلّم على وجداننا بضربة معلّمٍ في مدرسة الإبداع. "مدرسة الحب" المسلسل الدرامي الذي عُرض في شهر رمضان على محطة osn ، شارك الفنان مروان خوري بإحدى ثلاثياته، ليمتهن في دوره مايكروفوناً آخر يعشق صوته كما فعل مايكروفون المسرح. لعب مروان دور الإعلامي في الإعلام المسموع، مذيع راديو يمتلك هواءً في الإرسال وهواءً في قلوب المستمعين ، إلى أن تستفزه إحدى المتصلات "أمل بوشوشة" في إتصالها وتنشأ بينهما قصة حبٍ صاخبة كموجات الإذاعات.

هذا بإختصار شديد مضمون الثلاثية التي هي من توقيع المبدعة نور شيشكلي ومن إخراج صفوان نعمو ، وبالتفاصيل النقدية، فإن مروان أخرج من مكنونِه موهبة من بين مجموعة مواهبٍ مبعثرةٍ في روحه، فأظهر قدراتٍ تمثيلية مهمة، دفئاً في الكلام، عمقاً في النظرات غير المتربصة بعدسات الكاميرا لهفةً لشهرةٍ أو بحثاً عن بقعة ضوء، كما تميّز بحركات جسد ممتهنةً للغة النصّ بكل مضامينه . هي تجربته الأولى، هذه تجربة مروان الأولى في التمثيل، وكما العادة في بلادنا الملتهبة من جمر الحروب والأحقاد، ها قد أطلّت علينا صُحيفيّة الجوع والبطر، ترشق شجرة مروان بحجارةٍ لأن الثمار تزعجها إلى حدّ الأرق المميت. تلك التي تساير مقولة "خالف تُعرف" ، ها هي تُخالف العقل والموضوعيّة، علها تُعرف بين ثرثرات الحساد ونميمة الكسادين في صناديق الصحافة الصفراء. هذه الصُحيفيّة لم تأخذ بعين الإعتبار أن المسلسل قد ظُلم بنسبة المشاهدة لأسبابٍ عديدة، أهمها أن المحطة عربية ومشفّرة لا تصل إلى كل منزلٍ عربي، كما أن العمل لم يُسوّق له بمليارات المنتجين كما الأعمال الأخرى، كما أن شهر رمضان الكريم قد شهد زحمةِ مسلسلات أدّت إلى شقّ صفوف المشاهدين، كما تفعل السياسة بهذه الشعوب المسكينة.

إن موضوع الثلاثية مميّز جداً، والحوار الذي يدور في كل مشهد ينضحُ بمضمونٍ فلسفي عميق، مروان الذي يحاكي أرواحنا بأغانيه، حكاها أيضاً بنص شيشكلي، "الوجع مش قدر، الحب حالة من الصدق والإحساس"، عبارات خرجت إلى المايكروفون الإذاعي من أمام مروان . قصة الحب المحاكة بدقّة كاتب ومتابع مخرجٍ يرى المشهد بعين جالسٍ على مقعده أمام التلفزيون، يشاهد في المسلسل واقعاً يشبهه من حب، غدر، خيانة، ممنوعات إجتماعيّة وشغف المذيع المرسل والمستمع المتلقي، يجعل من المسلسل مادة دراميّة "حرزانة" لتجالسنا اليوم في التلفزيون وغداً في ذاكرتنا الطويلة.
فللكاتبة والمخرج ولمروان نرفع قبعة الناقد الدرامي، وللصحيفيّة نرفع لها كلاماً مداوياً لحروفها المسرطنة، كُفّي عن شحذ الإنتباه ولملمة بقايا المتابعين على صفحات وسائل التواصل الإجتماعي، فـ"مدرسة الحب" عملٌ ناجحٌ وخيارٌ صائب لمروان ، أما أنتِ فخيارٌ مميتٌ للوسيلة التي تحضّرين فيها سحركِ الصحافي الأسود.
"مدرسة الحب" دخلها مروان فنان الكلمة، الصوت والنوتة ، وتخرّج منها فناناً بالفنّ السابع وما بعده.