شخصيتان متناقضتان.

.. مسلسلان مختلفان... والمجرمة واحدة: نهلة داوود.
هي الأم الحنون والزوجة المحبة التي ترفض التخلّي عن زوجها الخائن لتحافظ على كنف عائلتها الدافئ، فتسامح وتكابر وتلاطف وتهادن.
هي الزوجة المخدوعة التي تنتفض على حبها لزوجها وتتوقف عن لومه على خيانته وتكسر حاجز الصمت والخوف وتجتازه متسلّحة بالعمل والتعامل باللامبالاة، فتعيد زوجها إليها بحكمتها وصبرها وتفانيها.
هي الوالدة التي تعتبرها ابنتها نموذجاً للتخاذل بعدما أضاعت طريقها بسبب نزوات زوجها، فتقرر المواجهة وتغيير أسلوب حياتها لتصبح قدوة لوحيدتها.
وهي الأم التي تحوّلها ابنتها إلى عروس تختال بفستانها الأبيض لإعادة لمّ شمل العائلة وتحقيق التوازن وتأمين الأمان قبل أن يفوت الأوان.
وفي المقابل،
بريئة هي... لكنها سجينة سلبت منها حريتها على غفلة فعاشت مع الحيطان ذكريات خطّتها بيدها لئلا تسلوها يوماً، كما نساها من كانوا أصدقاءها، أهلها وأحباءها...
هي المرأة المدّمرة والتائهة من ظلم البشر والقدر، والتي كرّست في أدائها معاناة آلاف النساء وملايين الأبرياء...
هي "جوليا" التي أنارت ظلمة سجن "جمانة" وكانت لها بمثابة ضمير خفي أو ربما حالة وجدانية وعبثية تتأرجح ما بين الحقيقة والخيال، لدرجة لا نستطيع تكهّن أبعادها ومن الاستحالة أن نسبر أغوارها... إنها شخصية نقلت المسرح إلى شاشاتنا بكل ما يحمل في طياته من تفاصيل الحركة والتعبير والإيماء والحياة وارتكبت بحقنا جريمة شغف لا يعاقبها عليها قانون ولا أي دستور.
نهلة داوود... مجرمة تمثيل ترفع لها القبعة.