بات للشهر الفضيل مستلزماته عبر الشاشة الصغيرة، فتتسابق المسلسلات الرمضانية التي يتم التحضير لها طيلة العام لتدخل السباق الرمضاني من الباب العريض.

كما بات لبرامج المقالب فسحة لا يستهان بها حيث باتت تحظى بنسبة مشاهدة عالية بعدما ادخلت عليها كل مقومات الجذب والاثارة التي تستفز المشاهد العربي.

يحتل المصري رامز جلال طليعة الأسماء التي عرفت في العالم العربي بتنفيذ المقالب والتي تشهد في كل عام تطوراً متقناً إلى أبعد حدود لإثارة انتباه المشاهد في العالم العربي.

إسم البرنامج "رامز بيلعب بالنار" وتقوم فكرة البرنامج على استقدام نجوم إلى فندق في المغرب بحجة اجراء لقاء صحافي مع الصحافة العالمية. وفجأة تتسارع وتيرة الأحداث فيسمع صوت انفجار داخل الفندق وتهب ألسنة النار لتتطور الأحداث الدرامية ويعلو الصراخ. فتبدأ المغامرة بمهمة إخراج النجم من الغرفة التي حجزتها السنة اللهب والصعود بها إلى سطح الفندق. وقد تم استقدام فريق عمل متخصص من الخارج لاضرام النار بطريقة محترفة لا تلحق ضرراً بالفندق او بالضيف كما تمت الاستعانة بكومبارس للصراخ وخلق حالة من البلبلة. وهنا تتولد حالة من الهلع والانهيار التام عند الضيف الذي ظن لوهلة انه سيموت حريقا ولن يتمكن من الخروج.

أما البرنامج الثاني الذي استحوذ على انتباه المشاهد في العالم العربي فهو للفنان المصري هاني رمزي وحمل عنوان "هاني في الادغال". تقوم فكرة البرنامج على اقناع الضيف بضرورة القيام بحملة ترويجية للسياحة المصرية إنما من داخل ادغال القارة الافريقية. فيتم وضعه داخل سيارة مسيجة بشباك حديدية ويتم تركه وحيداً داخل الادغال ليصبح فريسة سهلة لوحوش الغاب. فتتعرض السيارة إلى هجوم من الأسود ما يصيب الضيف بحالة من الإنهيار التام حيث يفقد القدرة على الحركة مكتفياً بالصراخ واللطم إلى ان يكتشف أن في داخل السيارة الموضوع فيها أفعى عملاقة عندها يصاب الضيف بنوبة من الخوف الشديد. ليخرج في نهاية المطاف من السيارة بحجة قدوم طائرة لتقدم اليه المساعدة فيخرج هاني ويطلع الضيف على أنه مقلب عندها يسقط الضيف ارضا ويغمى عليه. وهنا لا بد من لفت نظر القارئ إلى ان الاسود التي تهاجم السيارة مروضة كما ان الثعبان تم نزع اسنانه وسمه.

لا يختلف إثنان على أن سيناريو البرنامجين متقن ومحكم لتضليل الضيف. إنما وحسب مصادرنا الخاصة فإن معظم من حل ضيفاً على هذين البرنامجين كان على علم بالمقلب مشترطاً الحصول على مبلغ من المال باستثناء قلة قليلة. ومع احترامنا لتعب فريق عمل كل برنامج، إنما هذه البرامج باتت تندرج ضمن إطار البرامج السخيفة والسطحية التي تحول المشاهد إلى سلعة استهلاكية لا أكثر ولا أقل.

فلو عدنا بالذاكرة إلى تاريخ هذه البرامج لوجدناها مقتبسة من الغرب السباق في صناعة البرامج التلفزيونية. وبعد البحث والتدقيق تبين لنا أن الهدف من تلك البرنامج هو إتاحة الفرصة أمام الناس بالظهور على الشاشة من خلال مقلب يظهرهم في موقف الضعف والخوف والذي من شأنه أن يستفذ هذا الجانب المظلم في حياتنا ما يدفعنا إلى مشاهدة المقلب بترقب. وخلال أبحاثنا تبين لنا أن معظم المقالب التي تنفذ في النسخ الأجنبية من برامج المقالب تهدف إلى زرع الابتسامة على وجه المشاهد كما أنها لا تتعدى الخطوط الحمر. لذلك بحثوا عن أفكار خفيفة ومقالب دمثة لا تلحق اضراراً نفسية في العالق بدوامة المقلب.

هذا ما افتقدناه ضمن برنامجي "رامز بيلعب بالنار" و "هاني في الادغال"... نعم لقد افتقدنا حس الفكاهة وبدل أن نبتسم نتابع بترقب الوضع النفسي والصحي للنجم الذي لا يكون عالماً بحقيقة المقلب فنشعر بالشفقة عليه وينتابنا شعور بالخوف على صحته. ذلك لأن من شأن وضع الانسان تحت هذا الضغط من الخوف والرعب ووضعه على مسافة قريبة من الموت يضاعف إمكانية اصابته بأزمات قلبية أو حتى سكتة دماغية. ومما لا شك فيه أن النجم الذي يعاني من الخوف او الفوبيا او من الأمراض القلبية يجب أن يصار إلى عدم استقدامه إلى هذه النوعية من البرامج.

إضافة إلى ذلك وأكثر ما لفت انتباهنا خلال متابعتنا لهذين البرنامج هو سماجة رامز وهاني وثقل دمهما. فالتعليقات التي يطلقها رامز على الضيف بالتزامن مع تعرض الضيف للمقلب افتقدت إلى كل معايير الأدب واحتوت على ما هب ودب من العنصرية والسخرية الوقحة وقلة الأدب ناهيك بنبرة صوته المزعجة والمثيرة بحد ذاتها للأعصاب. وهنا لا بد من التنويه بضرورة توجه رامز إلى طبيب للمعالجة، فحجم الامراض النفسية التي يعانيها تظهر جلية عليه خلال تنفيذه للمقلب. والمشاهد يشعر لوهلة بأن رامز يحاول الانتقام من الضيف من خلال لجوئه إلى المقلب ولعل العبارات والتعليقات التي يطلقها خلال البرنامج خير دليل على كلامنا هذا. أما بالنسبة إلى هاني رمزي الذي يحتل المرتبة الثانية في السماجة فتعليقاته على الضيف خلال تنفيذ المقلب أقل وطأة من وقاحة رامز جلال. وعلى الرغم من ذلك فوطأة حضوره على الشاشة ثقيلة وغير مستحبة، وليت دوره الوحيد ينحصر ضمن الادوار التمثيلية في المسلسلات.

في الختام ان لمثل هذه النوعية من البرامج عدم الاستمرارية خلال السنوات المقبلة ان استمرت على هذا النحو من الرعب حتى بات يشعر المشاهد بأنه أمام فيلم سينمائي مرعب من الطراز الرفيع. وجل ما نتمناه في الشهر الفضيل برامج مقالب خفيفة ونظيفة تضحكنا ببساطة بدل ان تشعرنا بالخوف والشفقة. وهنا لا بد من توجيه تحية إلى كميل أسمر الذي تألق في الشهر الفضيل من خلال مقالب مهضومة وخفيفة حظيت باهتمام المشاهد اللبناني لأنها ابتعدت قدر المستطاع عن التصنع والفزلكة والفبركة.