لطالما شهد عالم الموسيقى إنجازات وغنىً وتنوّعاً جمعت ما بين الغرب والشرق من خلال بوتقة من المعزوفات التي حمل توزيعها ألواناً خاصاً ببصمته الفريدة، حتى غدا المؤلف الموسيقي والأستاذ المحاضر في المعهد العالي للموسيقى وجامعة البلمند د.

جمال أبو الحسن مبدعاً لبنانياً نفخر به ونعتزّ بإبداعاته.

عشاق الموسيقى، إلى جانب حشد من الوجوه الفنية والإعلامية، إحتفلوا مساء الجمعة المنصرم خلال لقاء خاص أقيم برعاية وزير الثقافة ريمون عريجي، ممثلاً بمدير الكونسرفاتوار الوطني د. وليد مسلم، بإطلاق ألبوم "ألوان سيمفونية" للفنان د. جمال أبو الحسن وذلك داخل كنيسة مار يوسف في مونو وقدّمته الإعلامية الزميلة هلا المر التي أشادت بدور هذا الفنان المبدع في رفع اسم لبنان عالياً في مختلف أنحاء العالم، وفي خلق موسيقى تناجي الروح والفكر والقلب معاً.

ومن ثم، تعدّدت الكلمات التي تناولت أهمية العمل موسيقياً ونوّهت به، وذلك قبل أن يبدأ العرض الأول لـ"أرابيسك سمفوني"، وهو من تأليف د. جمال أبو الحسن وقيادة المايسترو فؤاد فاخوري، ومعه أطلقت شرارة الحفل الموسيقي الخاص بالأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية.

واللافت في "ألوان سيمفونية"، إلى جانب كونه مادة موسيقية نادرة وهامة، أنه يتضمّن عشرة مؤلفات موسيقية في مقدّمتها "افتتاحية حقوق الإنسان" الخاصة باليوم العالمي لحقوق الإنسان والتي قدّمها أبو الحسن بالتعاون مع الأمم المتحدة في لبنان والأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية، كورال جامعة سيدة اللويزة وجوقة الأطفال. كما يضمّ الألبوم أربع "رقصات فولكلورية عربية للأوركسترا السيمفونية"، "الشحرور" المقتبسة من شعر الأديب والشاعر والفيلسوف اللبناني العالمي جبران خليل جبران، بالإضافة إلى "تحية سيمفونية إلى زكي ناصيف" وذلك احتفالاً بالذكرى المئوية الأولى لولادته وهي عبارة عن ثلاث معزوفات.

وعلى هامش الحفل، أجرى موقع "الفن" لقاءات مع عدد من المعنيين بهذا العمل الفني الإبداعي، وفي مقدّمتهم المؤلف الموسيقي د. جمال أبو الحسن الذي سألناه أولاً عن سبب إعادة إصدار الألبوم بعدما شهدنا حفل توقيعه العام الماضي، فأجاب: "كان من المفترض أن يصدر العام الماضي ورسمياً خلال حفل في الفيرجن ميغاستور إلا أن الأوضاع الأمنية حينها حالت دون ذلك، أما التوقيع الذي تمّ في المكتبة الوطنية في بعقلين فلم يكن رسمياً كما يحدث اليوم حيث اخترت هذا التوقيت ليتناسب مع عرض الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية ويتسنّى بذلك للحاضرين الاستمتاع بالإصغاء والمشاهدة في الوقت نفسه، ناهيكم عن جمالية المكان وطابعه ورمزيته".

وعن الألبوم حدثنا أبو الحسن قائلاً: "لقد أنجزته بعد ثلاث سنوات من العمل، وهو يحتوي على عشرة مؤلفات ويجمع مختارات من أهم أعمالي التي تمّ تنفيذها مع الفرق الأوركسترالية وتسجيلها أيضاً... ولدي الكثير من الأعمال التي لا تزال على الورق ولم يتمّ عزفها بعد".

وأضاف: "هناك الكثير ممن يتذوقون الموسيقى الأوركسترالية وينتظرون الأعمال الجديدة والجدية، وأنا لست من النوع الكلاسيكي القديم بل الجديد والمعاصر، وقد لاحظت أن الناس تعبوا من كل ما هو تقليدي وهذا ما أبتعد عنه، لذا تجدين في هذا العمل موسيقى فيها فكر وعمق وتأليف وفلسفة".

بدوره، علّق د. وليد مسلّم بالقول: "د. جمال أبو الحسن فرض نفسه على الساحة الموسيقية كما أن أعماله تتسم بالروعة، ونحن نبذل جهدنا ونقدّم دعمنا الكامل له فهو ركن أساس من أركان النهضة الموسيقية التي نقوم بها في المعهد العالي للموسيقى، بخاصة أنه يحاول التوفيق بين أعمال زكي ناصيف وبعض الأعمال التراثية في قالب أوركسترالي شيّق، والجمع بين الموسيقى الشرقية والغربية".

وبعيداً من صفته ممثلاً لوزير الثقافة في هذا الحفل، أشاد د. مسلّم بالجهود الجبارة التي تبذلها الوزارة حالياً على الرغم من الإمكانيات الضئيلة، كما نوّه بالحركة الدؤوبة التي يقوم بها الوزير ريمون عريجي كونه إنساناً معطاءً، منهجياً، مهتماً ولديه الكثير من الطاقة والاندفاع للعمل في مختلف الميادين الثقافية".

أما نقيب الممثلين الفنان جان قسيس فقال: "أحترم عمل د. جمال أبو الحسن وأقدره... أعتبر هذا اللقاء اليوم كبيراً، إذ على الرغم من الظروف الصعبة التي نعيشها ثمة أشخاص لا يزال لديهم إيمان بهذا الوطن". وتابع بالقول: "بكل ضمير حرّ أقول: هذه الأعمال لا تموت ومهما حاولنا قتلها ستبقى حية، بدليل أن أعمال الكبار سواء في الموسيقى أو الرسم أو الشعر أو المسرح... لا تزال خالدة".

ومن جهتها، بادرتنا المتحدثة بإسم برنامج زكي ناصيف في الجامعة الأميركية في بيروت السيدة رولا حسون بالقول: "د. جمال تمكن من وضع بعض أعمال زكي ناصيف الشرقية ضمن طابع سمفوني غربي وعالمي مع الحفاظ على أصالتها، وهذا ما يميّز أعماله جميعها سواء في ألوانه الموسيقية أو لوحاته". في حين أكد رئيس لجنة جبران الوطنية د. طارق شدياق على أن ما يقوم به د. جمال أبو الحسن في زمننا الحالي هو نوع من التحدي وتمنّى أن يتمكن الأخير من الاستمرار في ذلك. وأضاف: "ستتحدث الأجيال عما يقوم به اليوم د. أبو الحسن، أتمنى ألا ييأس لأن جميع المبدعين تمّ تكريمهم بعد رحيلهم لا في ذروة عطاءاتهم".
لمشاهدة كامل ألبوم الصور إضغطهنا