انها عاصفة الانتخابات البلدية والاختيارية التي اجتازت المرحلة الاولى بنتائج بعضها كان "لا حول ولا قوة" والبعض الآخر "حسبي الله ونعم الوكيل".

هذا واقع الحال في لبنان على الرغم من محاولات التغيير التي تحاول عبثا الخروج من مفاعل الاقطاعية والنفوذ وسلطة المال والجيوب الفارغة. هذه المحاولات التي يترجمها البعض بطرق مختلفة، قررت النجمة السينمائية نادين لبكي ان تخرج هذه المرة فيلما سينمائيا على مسرح "بيروت مدينتي" في محاولة منها للعب دور البطولة الجماعية مع كوادر تمثل اطياف المجتمع المدني المثقف والراقي...
هذه المرة لم تتمكن نادين من الامساك بحبكة الفيلم الذي صورت مشاهده يوم الاحد في العاصمة بيروت التي تئن من استفحال الركود السياسي والشلل الانمائي. فالمشاهد وان خذلها في النتيجة المرقومة والمزعومة لشعب مسلوب الكلمة ومغتصب القرار لكنه حفزها على المضي قدما في النهاية السعيدة التي وان لم تتحقق في هذا الفيلم حتما ستبحث عن سيناريو مختلف تماما تصور فيه وجه بيروت الحضاري الحالم بمستقبل افضل لاطفال افتقدوا مرتعا من الخضرة للعب واللهو لمسرح يستوعب اعمال كبار الكوادر التمثيلية لدار اوبرا يحتضن فخامة الاحداث الفنية والقافلة تطول...

نادين التي تساءلت ذات يوم "وهلق لوين" عادت لتقول لنا "نحن هنا" ومن هذا المنطلق قررت الثورة على محرمات سياسية عفنة في بلد اغرورقت افئدته بدماء البؤس والضنى. ترشحت نادين لتقول نحن الشباب ومنا روح التغيير حتى كما لو لم تشته سفن المتوسط.
سواء وافقتها خوض المعركة الانتخابية أم لا اجتمعنا على وصفها بالمرأة المتميزة فكرا والمستنيرة حكمة. فهي كالكثير من بنات جيلها مؤمنة بلبنان التغيير لبنان الثقافة الوجه المشع لالق الحضارة.

إنما هذه المرة خرجت نادين من بوتقة القيود التمثيلية ولم تتمالك نفسها فأجهشت بكاء بحرقة ولوعة لأنها تحسست ان الساعة قد دنت وحان وقت الاستحقاق دون مفعول رجعي... فالمستقبل واعد بالنسبة اليها رغم حبكة نصها الدرامي ولا بد ان تعبر والمشاهد إلى بر الأمان.
نادين ترشحت ليس طمعا بنعيم السلطة وليس جشعا بأضواء محلية باهتة، لقد كان بإمكانها ان تفترش السجادة الحمراء بمهرجان كان السينمائي بجمالها واعمالها لكنها استشعرت بروح التغيير كمواطنة حالمة بلبنان الاخضر.
لقد التمست نداء الواجب وليس الخيار مستغربة اي سؤال يطرح عليها عن الدافع الذي حملها إلى الترشح فتجيب قائلة: "هذا واجب وليس خياراً، حين نرى أن السلطة التقليدية لا تسير بالوطن إلى الأمام فمن واجبنا أخذ المبادرة ووضع الخطط وإيجاد الحلول". لقد التمست نادين تجاوبا من الناخبين بحكم أنها وجه معروف لكنها مصرة على العمل الجماعي فجاء ترشحها ضمن فريق ملتزم ببرنامج عمل متكامل، وهو الهدف الأول والأخير.
بكت نادين لأنها تحسست علقم المرحلة المقبلة التي تنبأ لها الزعيم وليد جنبلاط فعلق بعد المعركة الانتخابية قائلا: "راحت السكرة واجت الفكرة".
بكت نادين لأنها تبصرت مستقبلا قاتما لمستقبل أولادها في وطن استنزف كل مقدراته.
بكت نادين حزنا على بيروت التي افتقدت مساحة خضراء لاطفال تبددت آمالهم عند مفترق الكترونيات العصر الجديد.
بكت نادين لوعة على بلد غرقت شوارعه بزحمة سير خانقة اغرقت المواطن بالمزيد من العلل... وعلى قانون سير بات اسير استنسابية ومزاجية سلطة افتقدت قوة المنطق والعقل.
بكت نادين حرقة على استفحال الوضع المعيشي وغلاء الاسعار دون اي حسيب أو رقيب.

بكت نادين على أسر شرذمتها اقساط جامعية مدرسية وفاتورة استشفائية مرعبة.

بكت نادين لأنها لمست بأم العين سرقة المواطن اللبناني في مكالماته الهاتفية وعلى عينك يا تاجر... نعم فاللبناني يتكبد رسوم اعلى فاتورة هاتفية في العالم.

بكت نادين لأنها ادركت في قرارة نفسها ان بوادر ازمة النفايات ستلوح في الافق من جديد بإنتظار من ينهش الجزء الاكبر من جبنة الماعز.

بكت نادين خوفا من ان يسلبنا الحوت الازرق آخر متنفس بحري مجاني للشعب المسكين.

نادين لبكي دمعة فابتسامة... دمعة الم وابتسامة امل... نادين لبكي بكت بعين كل مواطن لبناني حر فذرفت دموع الرغبة بالتغيير والثورة... ربما هذه المرة خرجت احداث فيلمها الانتخابي عن سيطرتها إنما كلنا ثقة ان الخطوة المقبلة ستكون حتما في صالح آمالها بوطن جديد خارج من كبوة الحزن والاستسلام للاستزلام.