نعم، ما زالت في لبنان إذاعات تلفزيونية تذكّرنا بالزمن الجميل، زمن الفنّ والإبداع والأصالة والنقاء، زمن الرحابنة وفيروز ووديع الصافي وهدى وملحم بركات ووليم حصواني وجورجيت الصايغ وصباح وفيلمون وهبي.

تلفزيون لبنان الذي عوّدنا دائماً أن يقدّم لنا عبر الشاشة أرشيفه الغنيّ بالمحطات التاريخية التي طبعت الإعلام والفنّ والسياسة في أوساط القرن العشرين في لبنان، كان حاضراً ليلة أمس ليعرض لنا أمسية ترانيم بمناسبة الجمعة العظيمة لدى الطوائف التي تتبع التقويم الشرقيّ.

أمّا أمسية الترانيم فهي من عصر الكبار الذين كانوا يتّحدون ويقفون جنباً إلى جنب من أجل خلق الجمال والصلاة. فصدح صوت فيروز مرتلاً أجمل تراتيل الجمعة العظيمة وخلفها جوقة من أجمل الأصوات التي ستخلّد في لبنان: ملحم بركات ووليم حصواني وهدى شقيقة فيروز وجورجيت الصايغ وغيرهم تحت قيادة عاصي الرحباني العملاق الفنيّ الذي استطاع مع أخيه منصور أن يخلقا الأغنية اللبنانية وأن يعيداها إلى الساحة العربية والعالمية مستعينين بصوت ملائكيّ هو صوت فيروز الذي يحمل نخوة الجبال ورقّة الجداول.

فهنيئاً لنا بتلفزيون ما زال يعيدنا إلى الزمن الأصيل بينما الشاشات التلفزيونية الأخرى تتلهى ببعض السخافات أو تقصد نشر الإنحطاط الفنيّ الذي نشهده اليوم.