يقول فيكتور هوغو: "كثرة الايضاح تفسد روعة الفن".

ومن قال إنّ على الفنّ أن يكون واضحاً؟ أليس الغموض هو سرّ الفنّ الجميل؟ أليس الجمال في بعض الأحيان غامضاً بالنسبة إلينا؟ نعم روعة الفنّ في قلّة الإيضاح. من هنا يسعى الفنّ المعاصر إلى تجسيد الجمال الإنساني في كلّ تعقيداته وتشويشاته وغموضه تجسيداً ينطلق من الواقع ليصل إلى أعماق النفس الإنسانية.

إنطلاقاً من هنا أقامت APEAL جمعية تعزيز الفنون وعرضها في لبنان بالمساهمة مع "منصة مؤقتة للفن TAP مشروعاً فنيا عبارة عن إقامة فنيّة لستتة فنانين في بلدة راس مسقا الكرة، لمدّة شهر كامل. ويركّز البرنامج على موضوع "التربية الفنية" انطلاقاً من موقعها المميز في شمال لبنان حيث تمدّدت مدينة طرابلس لتشمل هذه البلدة الواقعة على أطرافها خصوصاً أنها تضمّ حياة أكاديمية مميزة ففيها عدّة جامعات منها: الجامعة اللبنانية وجامعة القديس يوسف والجامعة الدولية بالإضافة إلى العديد من المعاهد والمدارس.
وخلال الإقامة الفنية في هذه البلدة أجرى الفنانون أبحاثاً لينفّذوا أفكارهم بعد التعمق في اكتشاف البيئة المحلية للموقع. كما أقيمت عدّة ندوات ومحاضرات في الجامعات الموجودة في راس مسقا. وعرضت عدّة أفلام روائيّة ووثائقية لمخرجين لبنانيين في ساحة القرية.

وعليه فانّ الهدف البعيد لهكذا برامج تنظّمها APEAL هو عرض كل الأعمال الفنية للفنانين اللبنانيين المعاصرين في متحف بدأ تنفيذه في مدينة بيروت. من هنا تكثر البرامج الفنية لتمهّد الطريق أمام هذا المتحف الذي سيضمّ أعمال الفنانين ليكون محطّ جذب للمهتمّين بالفنّ عموماً وبالفن المعاصر خصوصاً. كما تهدف هذه البرامج إلى تثبيت فكرة اللامركزيّة الفنيّة التي نفتقدها في لبنان، فالفن يتمركز حالياً في العاصمة ما يصعّب على المهتمّين بالفنون الوصول إلى المدينة للاطلاع على آخر الأعمال الفنية المعاصرة.


أضف إلى ذلك التفاعل الذي ينشأ بين الفنانين وأهل البلدة التي يقيمون فيها وبين الفنانين وطلاب الجامعات.
ونردّد مع نيتشه قوله: لقد اخترعنا الفنّ كي لا نموت من الحقيقة. فالحقيقة التي نعيشها مرهقة وصعبة وخادعة. لذا نحن بحاجة إلى الفنّ كما نحتاج إلى الهواء لنتنفّس.
وكان موقع الفنّ حاضراً في يوم نظمتّه الجمعية من أجل تعريف أهل الإعلام إلى بلدة راس مسقا والفنانين والبرنامج وأهدافه.
في بداية اليوم ألقى المنظّمون كلمات رحّبت بالاعلاميين كما أطلعونا على الهدف من هذا البرنامج والإقامة الفنيّة وأهم ما قام به الفنانون الذين عملوا على مشاريعهم المستوحاة من إقامتهم والذين شاركوا في محاضرات في الجامعات الموجودة في البلدة.

كما عرّف كل فنان عن نفسه وما هي طبيعة الأعمال التي يقوم بها. وتمّ عرض صور التقطت خلال الإقامة الفنية.
نذكر هنا أسماء الفنانين الذي شاركوا في هذا البرنامج: علي الدارسه ويمنى جيداي وريمون جميّل وايفا سودارغايت وبترا سرحال وميريام بولس.
وكان تأكيد على اهمية هذا النشاط الذي قدّم إلى طلاب الجامعات محاضرات وافلاماً لا يستطيعون الاطلاع عليها بسبب بعدهم عن مركز الفنون بيروت.
وبعد ذلك توجهنا إلى مطعم تمّت دعوتنا إليه حيث كان رئيس بلدية راس مسقا وأعضاء البلدية في انتظارنا. وهناك ولسوء تنظيم اللقاء مع الصحافيين وسوء تنظيم الوقت الذي لم يسمح للاعلاميين من أخذ أحاديث خاصة ما اضطرنا إلى أن نتحدّث إلى البعض في المطعم.
فكان لنا حديث مع رئيسة قسم الفنون في جامعة الـ LIU التي أكّدت أنّ الجامعة أبدت اهتماماً خاصاً بهذا النشاط ورعته مادياً. وشاركت في المحاضرات واستقبلت الفنانين في حرمها فقدّموا محاضرات وأعمالاً قاموا بها خصوصاً وان المنطقة الموجودة فيها الجامعة هي منطقة منغلقة ومحدودة المصادر. وأشارت إلى أنّ تفاعل الطلاب مع الفنانين ومع هذا النشاط كان كبيراً بحيث تعرفوا إلى فنانين جدد وتعرفوا إلى فنهم المعاصر. وأكّدت أن الجامعة تقوم كل سنة معارض لطلابها لتشجعهم وتدعمهم في مجال العمل. كما عزز هذا النشاط التواصل والتفاعل بين طلاب الجامعات الثلاث.
أما مديرة جمعية APEAL فقد أشارت إلى أنّ الهدف الابعد لهذا النشاط هو بناء متحف للفن الحديث والمعاصر عام 2020 وإلى حينها نحن نحاول أن نقوم بهذه المبادرات لتعزيز ثقافة التربية الفنية ولنخرج الفن والثقافة من مدينة بيروت ولنكون صلة وصل بين الفن والمجتمع. وأكّدت أن التجاوب تجاه هذا النشاط كان مفاجئاً بالنسبة لهم. أما الفنانون فقد كانوا سعداء بهذه الفرصة التي أتيحت لهم لكي يعيشوا تجربة مختلفة وللافساح في المجال أمام ليقوموا بأعمالهم الخاصة.