بدأ المخرج والممثل جو قديح عرض مسرحيته الجديدة "غرام وانتقام" منذ فترة على خشبة مسرح الجميزة.

ولا يزال العمل يلاقي إقبالاً لافتاً من قبل الجمهور اللبناني المتعطش إلى اعمال من هذا النوع. جو تحدث إلى موقع "الفن" عن هذا العمل وعن التحضيرات الطويلة والصعبة وعن التغييرات الكثيرة التي طرأت عليه، كما يكشف عن العمل الجديد الذي بدأ التحضير له .

بداية جو مبروك نجاح مسرحية "غرام أو إنتقام" بعد كل التعب والتحضير.
شكرا جزيلا . "غرام أو إنتقام" بالفعل مسرحية خطيرة لأن ايقاعها صعب وفحواها صعب وكنا خائفين من مدى تقبل الجمهور لهذا النوع من الاعمال. وحتى الآن ردود أفعال الجمهور ايجابية وتقبلوها بطريقة جميلة جداً.

الطريقة التي تم فيها تعريب العمل و"لبننته" اذا صح التعبير ملفتة وذكية ومتقنة جدا، كم استغرق هذا العمل ؟
روحية النص مهمة جداً وايقاعه أيضاً. الأماكن التي كان يجب ان نضع فيها هذه الكلمة وضعناها. لقد عملت على النص مع ماري كريستين صياح، ثم عدت وعملت عليه بنفسي وأحضرت مراجع عديدة. ثم حضّرته مع الممثلين من بعدها عملت على النص مجدداً مع ماري كريستين وأخيراً وضعت اللمسات الأخيرة عليه بنفسي. لا أحب أن استعمل الكلمات المبتذلة لأسعد الجمهور فقط. اذا كانت هذه الكلمات لا تخدم التصاعد الدرامي لا استخدمها، من هنا مرت المسرحية من دون أي كلمة بذيئة.

أيهما طغى على العمل : جو المخرج أم جو الممثل ؟

في مكان ما لا يمكنك ان تفصل بينهما. عندما أدخل إلى الكواليس أقول لنفسي أريد ان ابقى جو الممثل ولكن بداخلي مسؤولية تجعلني اسرع إلى مساعدة الممثلين واعطائهم النصائح . ولكن عندما أصعد إلى خشبة المسرح انزع عني ثوب المخرج لأنني مجبر على ان اركز على الدور والشخصية لدرجة انني انسى حتى جو الانسان وكل شيء.

إخراج العمل فيه حرفية عالية جداً ومن الواضح انك تعبت في ترجمة النص من خلال حركة الممثلين على الخشبة ؟
كل يوم سنلعب فيه هذا العمل على خشبة المسرح سيتغير ايقاع المسرحية. هناك أمور ستعدّل وأخرى ستحذف ومنها ستتطور مع العلم أنني مع تثبيت هيكلية معينة للعمل ولكن هذا الأمر الجميل بالمسرح وهو أنه يمكنك ان تضيف يومياً إلى العمل. اخراجياً كان العمل صعباً جداً لأن المسرح جميل جداً من ناحية الديكور كما أنني ركزت على الثياب والاكسسوار كثيراً والاضاءة. عملت كثيرا على التفاصيل في هذا العمل. بالنسبة للاضاءة هاغوب ديرغوغاسيان قام بعمل "جهنمي"، اما الصوت فاميل عواد قام بعمل رائع ولولاه لما وصلنا الى هذه النتيجة. هناك ايضا تنفيذ الديكور نويل ابي نادر.

الديكور ساهم كثيراً في اضافة عنصر ابهار إلى العمل .

انا كنت أريد باباً واحداً ثم قررت أن أضع 3 أبواب، وأخيراً قررنا ان تكون الأبواب سرية في الحائط كما كانت موجودة في القصور قديماً. تطورت فكر العمل برأسي كثيراً منذ ان بدأت العمل على هذا النص وحتى عرضه. بالنسبة لي الديكور يجسد تقنية الساعة.. مرة يدخل أحدهم من باب ويخرج شخص أخر من باب مختلف، ومرة ننتظر أن يدخل أحدهم ولا يدخل. ايقاع هذا العمل تحديداً تطلب مني أن أضعه بطريقة مدروسة بشكل دقيق.

رغم تعريب العمل أبقيت على اسماء الأبطال بالفرنسية وحتى بعض المقاطع خلال العمل كانت بالفرنسية. لماذا ؟
خلال تنفيذ العمل مررت باكثر من تجربة وفكرت ان اغير اسماء الشخصيات وان أحذف المشاهد الفرنسية ، ولكنني كنت اريد ان اترك شيئاً من روحية النص الادبية فهذا العمل من اهم ما كتب في فرنسا. موليير بعظمته في فرنسا لم يستطع أن يقوم بأي عمل ايقاعه كهذا العمل. هذه المسرحية اختفت فترة ثم عادت وظهرت ثم اختفت وعادت وظهرت. وكانت كل مرة تعود بقوة أكبر. القوة فيها أنها تخاطب ذهنية المشاهد. بالأصل هي ليست مسرحية بل رسائل مكتوبة. انا عندما كتبت هذه المسرحية أخذت اكثر من نسخة وأكثر من مرجع لأخرج بالعمل كما أريده وبما يشبهنا.

رأيناك في العمل ترقص. كيف تصف تجربة الرقص ؟
مازن كيوان قام بعمل رائع وقوي. انا كان لدي صعوبة في الرقص. أنا احب الرقص ولكن جسمي لا يسمح لي بذلك. وقررت انه بعد انتهاء عرض المسرحية سانضم إلى صفوف الرقص التي يقوم بها مازن لأن الممثل عليه ان يعرف كل شيء حتى الرقص، والغناء، والضرب. التجربة مع مازن كانت اضافة إلى العمل واخذته إلى مكان آخر.


ما الهدف من هذا العمل الذي لا يعتبر تجارياً وتتوجه فيه إلى جمهور لديه الحد الادنى من الثقافة ؟
انا أعرف جيدا ان الجمهور سيحضر لمشاهدة هذا العمل وبأعداد كبيرة. يكفي استغباء للجمهور اللبناني .. الجمهور اللبناني ليس "عبيطاً" بل نحن من نقدم له برامج تلفزيونية "بتسوى فرنك" ومسرحيات كلها مبنية على واحدة تظهر فخذيها وترتدي تنورة قصيرة ... أو أحداً لا يتفوه سوى بالكلام البذيء او يقلد السياسيين... الجمهور اللبناني ابعد من ذلك بكثير.. هناك شريحة كبيرة من الأشخاص الذين لا يرتادون المسرح وهم متعطشون إلى العودة إلى المسرح ومشاهدة اعمال لها قيمة ... حان الوقت ليأتي أحد ويقول "بدنا نغيّر". وفي هذا العمل حاولت أن أجد معادلة أتوجه فيها إلى الجمهور العريض والجمهور النخبوي في نفس الوقت .

إلى متى تنوي الاستمرار بعرض "غرام أو إنتفام" وماذا تحضر للفترة المقبلة ؟
في الوقت الحالي أركز كثيراً على هذه المسرحية، واتمنى ان يكون لديها استمرارية في العرض لأطول فترة ممكنة. العمل في المسرح "قهّار" فانت تحضر لأشهر طويلة تتمرن فيها على العمل ثم تعرضه مرات لأسابيع قليلة فقط. اما للعمل المقبل لا أخفي انني بدأت تحضير مسرحية "الملك يموت" للكاتب الروماني الفرنسي أوجين يونيسكو.

في الختام نتمنى لك كل التوفيق.
شكرا جزيلاً على دعمكم المستمر.