لطالما تعودنا أن نصف آخر الكون ببلاد السند والهند ، فهي بعيدةٌ بكيلومترات الجغرافيا، هكتارات الثقافة، وفدادين التاريخ، فهي بلاد تشبهنا من دون إستنساخ، لا تعرف عنا إلا بحر العرب الذي يحدها من غربها ، ولا نعرف عنها إلا طعم البهارات على موائدنا.

لقد سبق أن شهدنا في السنين الماضية تعاوناً بين فنانين عرب وآخرين من بلاد الهند، في فيديو كليبات وأغانٍ مشتركة، لكن ما شهدته ساحتنا الفنية اليوم هو بجديد من ناحية المضمون والإبتكار. الفنان الخليجي- العربي عبد الله الرويشد، وبأغنيةٍ منغّمة بمزمار صحراء العرب ورنين الـ"كارناتيك" الشهيرة في بلاد "الأندوس"، قدّم أغنية أكثر من مبدعة "ما صدق خبر"، كلمات خالد المريخي وألحان طلال، وهي أغنية تمزج بين جديّة بني يُعرب ومرح الثقافة الهندية الإيجابية، المبتسمة دوماً لصالح "كارما" الحياة.

الأغنية، تحمل معاني الحب السعيد حتى في أوجّ مشاكله، وهذا ما تجسّد في مضمون الفيديو كليب، لقد ظهر عبد الله الرويشد كما لم نعرفه من قبل، بزيّ الهندي التقليدي، هو من إعتاد إعتلاء المسرح والظهور الإعلامي بزيّه الخليجي الأبيض، فإستبدله بألوان الـ"غاغراتشولي" الهندية، بأفخم القماش وأبهى الأكسسوارات.

من الناحية الموسيقية، نلاحظ المزج الواضح بين الموسيقى العربية والهندية، في الألحان والتوزيع الموسيقي، فنشعر بإستمتاع كبير بالموسيقى الكارناتيك والموسيقى الهندوستانية التي لطالما إعتدنا عليها في الأفلام البوليوودية، فترجمها المخرج برقصات بهاراتا ناتيام الهندية.

أما من ناحية الإخراج، فهنا الضربة كانت "ضربة معلم"، لوحات راقصة عالية التنظيم من ناحية الكوريغرافيا ، مهنية متقنة في نقل المشاهد بين السوق الخارجي و الأماكن المغلقة كالقصر ، فالفيديو كليب يرتكز على فكرة المقارنة بين حياة الجاه في القصر "المهراجي" الفخم، وحياة فتاة السوق كما لقّبها حبيبها في بداية القصة.

علاء الأنصاري برهن عن إبداع عربي في تصوير حضارة الهند، فيتوهّم من لا يعرف من قام بإخراج هذا العمل بأن المخرج هو من صلب حضارة الهند البعيدة.

تقنيات التصوير متطوّرة جداً، بحيث نقلت الألوان بروعتها وعلى كثرتها بأجمل النقاوة المطلوبة، كما أن الفكرة نُفذت بعيداً عن الرتابة والتطبيق الحرفي، ففهم الجمهور الرسالة الهادفة بكل سهولة وبفرح المضمون، على سبيل المثال لا الحصر، فقد نقل المخرج علاء الأنصاري فكرة ترك الحبيبة للقصر والجاه، بمشهد توضيب الحقائب بإطار البهجة والصورة المنتقلة بين الحقائب وتصل الصورة بالنهاية إلى البطلة السعيدة بقرارها.

كما نلاحظ إستخداماً ماهراً للإطارات الفوقية، التي تنقل المشهد من السماء نحو الأرض، فتبرز الرقصات الهندية المعتمدة على جماليات حركات الجسد، ينقل المخرج الكاميرا من بعدها إلى المشهد العريض بكلّ إتقان مهني.

لا يمكن للمشاهد إلا أن يقدّر للمخرج عرضه لجينيريك النهاية بأسلوب إبتكاري مميز، عبر عرض أسماء المشتركين بالعمل تحت صور المخطط التنفيذي story board المرسوم يدوياً بأدقّ التفاصيل، وبألوان وكأنها عالية الدقّة HD لرسوم يدويّة.

أغنية رائعة لعبد الله الرويشد، يليق بها فيديو كليب رائع لعلاء الأنصاري، سمعنا عنه ، فشاهدناه فـ"صدقنا الخبر".