مطرب سوري عاصر زمن الفن الجميل، وعلى الرغم من أن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب لم يكن يقبل بسهولة مغنين له إلا أنه من شدة إعجابه بصوت صفوان بهلوان فقد مدحه وأعرب عن إعجابه بصوته واسلوبه الغنائي، لاسيما وأن الفنان صفوان بهلوان يعتبر عملة نادرة في وقتنا هذا لأنه امتداد لموسيقى الأجيال الى جانب قيامه بدمج مؤلفاته الموسيقية بمؤلفات عبد الوهاب وعزف سيمفونيات كثيرة في دول أوروبية.


وفي حديث بهلوان لـ"الفن" يكشف لنا تفاصيل حياته الفنية والسبب وراء قلة ألبوماته والإكتفاء بتقديم حفلات قليلة للغاية كل عام ، هذا إلى جانب حديثه عن المنافسة ورؤيته لإنتشار الفن المحتمل وأشياء أخرى كثيرة في هذا اللقاء .

بداية نرحب بك عبر موقع "الفن".
أهلا وسهلا بكم وتحية مني للجميع.

تجربتك مع الألبومات قليلة..فما السبب؟
تجربتي مع الألبومات قليلة وليس لي خبرة بها، وأعتبر أن الغناء على المسرح هو المقياس الحقيقي والترمومتر لقدرة الفنان ومعرفة نتيجة أدائه سواء بالسلب أو الإيجاب، وهذا شعور آني يشعر به اي فنان أثناء وقوفه على المسرح، فأنا أرى أن المسرح هو الميزان الحقيقي للفنان وخصوصاً انه ليس كل من قدم ألبومات يقوم بنفس الأداء الذي قام به في ألبوماته على المسرح، فالغناء على المسرح يحتاج لخبرة طويلة وقدرة عالية وحس مسرحي دقيق في الفهم المتبادل ما بينه وبين الجمهور من دون تجميل، كما أنه قدمت لي عروض فنية كثيرة من جهات إنتاجية ولكنني اعتذرت عنها لعدم تناسبها مع توجهاتي وأفكاري.

هناك من يدعون انك حالة فنية خاصة بالنسبة للطبقة المثقفة وليس الكادحة.. هل تغيرت مفاهيم الفن في الوقت الحالي؟
أعتبر أغنياتي وأعمالي حالة خاصة بي بناء على أهداف وضعتها لنفسي منذ بداية مشواري الغنائي وهي أن أرتقي بفكر الجمهور وأقدم أعمالاً راقية ومحترمة بعيدا عن الابتذال ، كما أن الثقافة ليست حكرا على الأغنياء والنخبة بل إن كثيرين من عامة الشعوب هم أعقل وأكثر ثقافة من الاغنياء، كما أنه لا شك بأن الثقافة تغيرت بتغير الزمن ولكن عليّ أن أسير وفق مبادئي وأفكاري الخاصة التي لا يمكن أن أتنازل عنها لأي مغريات أو أسباب.

ولكنك أيضا مقل للغاية على صعيد الحفلات..فما السبب؟
أبذل مجهوداً كبيراً للغاية حينما أقف على خشبة المسرح لأن الموضوع غير متعلق بالغناء على المسرح والحصول على الماديات ومن ثم الى منزلي، بل إن ذلك يتطلب مني مجهوداً بدنياً ونفسياً كبيراً أثناء البروفات والتحضيرات ووقت الغناء، لذلك فأنا أرى أنني لست مقلاً في حفلاتي بل إن تقديم أربع أو خمس حفلات كل عام هو عدد كافٍ بالنسبة لي.

يشبهونك دائما بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ، فلماذا لم تقدم سيرته الذاتية درامياً أو سينمائياً؟
لا أمانع ذلك لأنني أكثر شخص مدرك لحياة عبد الوهاب وفنه، ولكن من الضروري أن يكون العمل قوياً والإنتاج ضخماً كي يتم تنفيذ عمل يليق بتاريخه، كما أن فكرة تقديم سيرة حياة عبد الوهاب ليست صعبة في الأساس عليّ لتقديمها بل إنني أشعر بأنها قصة حياتي.

هل تهتم بالمنافسة مع نجوم الساحة الغنائية؟
لست مهتماً على الاطلاق بفكرة المنافسة لأنني أقدم فناً مختلفاً عما يتم تقديمه على الساحة، فالمهم بالنسبة لي ليس المنافسة بل تقديم فن مميز متوازٍ مع توجهاتي.

برأيك ما الذي ساهم في إنتشار الأغنيات المبتذلة بشدة خلال السنوات الأخيرة الماضية؟
هناك متغيرات كثيرة ساهمت في إنتشار الابتذال والاسفاف وعدم الاهتمام بالمضمون الغنائي أهمها كثرة القنوات الفضائية التي لم تعد تهتم بما يعرض عليها من كليبات وهذا بحكم ضمان إستمرارية عمل هذه الفضائيات، لذا يحتم على هذه الفضائيات عرض كل الكليبات التي تقدم لها من دون الالتفات للمضمون.

إنتشرت مؤخراً وبشدة برامج إكتشاف المواهب الغنائية في الوطن العربي، فما رأيك فيها وموقفك منها؟
طبيعة البرنامج نفسه هي التي تتحكم في موقفي من قبول المُشاركة به لأنني لا أستطيع المشاركة في لجنة تحكيم برنامج ليس على المستوى ، ولكن لو هُناك برنامج مميز وله أهداف لصالح المُشتركين فليس لدي مانع من قبوله، وخصوصاً أنني أرى أن المواهب التي تُشارك في برامج إكتشاف المواهب الغنائية تحصل على شهرة لفترة قليلة بمجرد تواجدها في البرنامج، هذا إلى جانب أن بعض المشتركين يُصيبهم الغرور وهذا غير جيد لصناعة موسيقى هادفة في الوطن العربي.

وما أكثر ما يهمك من العمل في الفن ؟ الماديات أم السير وفق مبادئك؟
بالتأكيد تهمني المبادئ وأن أسير بحسب توجهاتي ورؤيتي الخاصة لتقديم فن هادف، كما أنني كثيرا ما إعتذرت عن عروض كثيرة لم أرَ توافقها مع مبادئي وأفكاري رغم أن المقابل المادي عنها كان كبيراً جداً، ولكنني لا أستطيع التضحية بفني من أجل الماديات أو أي شيء آخر.


وكيف ترى الموسيقى الهادفة من وجهة نظرك؟
الموسيقى كما تعلم ليست للإبداع والتمتع فقط ولكنها تحث الإنسان على تقديم رسالة كبيرة، ولكن خطورتها تأتي عن طريق التمتع حينما يتعقد البعض أن الموسيقى تخاطب الغرائز وخصوصاً ان هناك كثيرين اليوم يتعاملون مع الموسيقى بهذا الشكل دونما ان تدعو فكره وحواسه النبيلة للارتقاء، وأعتقد ان هذه الموسيقى من هذا النوع هي موسيقى سلبية وضارة.

شاركت في الدورة الأخيرة من مهرجان الموسيقى العربية بمصر، فكيف إختلفت عما شاركت به من دورات سابقة؟
الدورات السابقة وما تلاها من دورات كثيرة لم تكن تختلف عن بعضها البعض، ولكن في الفترة الأخيرة قبل هذه الدورة لفت إنتباهي شيء مهم جداً وهو إشراك الموسيقى أو السيمفوني بالمهرجان الموسيقي العربي الذي كان يهتم بالموسيقى العربية البحتة، حيث لفت إنتباهي الإهتمام بالموسيقى السيمفونية من خلال فرق عربية جادة تقدم مستوى موسيقياً راقياً ، ولكي تعلم فالموسيقى السمفونية هي أرقى أنواع الموسيقى وأعتبر هذا القرار خطوة جادة وتحسب إيجابياً لإدارة دار الاوبرا المصرية، وأوجه رسالة للقائمين على المهرجان للقيام بزيادة جرعة الموسيقى العربية التي تهتم بالأوركسترا السيمفونية.

وهل العائد المادي الذي تحصل عليه من أربع حفلات غنائية كل عام كافٍ لمعيشتك أنت وأسرتك؟
ممكن أن يكون كافياً ولكنني أعتمد على أعمال أخرى تساند أمور معيشتي، فأنا لدي مصادر أخرى والمهم أن يكون الإنسان متصالحاً مع نفسه كي يشعر بالرضا وبإمتلاك كل شيء سواء قوته وعافيته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يأت آمنا في سربه وآمنا في بدنه ويملك قوت يومه، فقد قيدت له الدنيا" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي النهاية لو قلت لك الفن حرام أم حلال فماذا تقول؟
أي شيء حرامه وحلاله بكيفية تقديمه، الكأس الذي تشرب به بذاته ليس حراماً ولكن حرامه وحلاله بما تملأ به ، والفن والموسيقى في حد ذاتها ليست حراماً بل بكيفية إستخدامها أيضا، كما أن الصلاة نفسها رغم نبلها وقدسيتها لو أسأت إستخدامها فهي حرام بدليل قول الله عز وجل :"ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" صدق الله العظيم، فأي شيء حرامه وحلاله بكيفية إستخدامه.