يطرح الجمهور العربي واللبناني تحديداً علامات إستفهام كثيرة على نشاطات الفنان اللبناني زياد الرحباني في الآونة الأخيرة.

كثرة في الاطلالات الاعلامية وتريّث في الإنتاج الفني. ورغم مشاركته في بعض المهرجانات اللبنانية والعربية إلا ان جمهور "العبقري" ظل ينتظر وبشغف كبير عودته إلى المسرح.

قد لا تشفي الخطوة الأخيرة التي قام بها زياد غليل محبيه ولكنها بالتأكيد تبقى أفضل من لا شيء. فقد باع زياد الرحباني تسجيلات بالصوت والصورة كان سجلها أثناء تقديم مسرحيته "بالنسبة لبكرا شو ؟" عام 1978 إلى شركة "MMedia" التي استخدمت هذه التسجيلات لتحويل المسرحية إلى فيلم سينمائي لمسنا بوادر نجاحه حتى قبل عرضه في الصالات اللبنانية.

بطاقات الفيلم "بالسوق السودا"

فيلم "بالنسبة لبكرا شو؟" شكّل ظاهرة فنية لم تشهدها السينما اللبنانية منذ فترة طويلة. ليس السبب ان انتاجنا السينمائي غير جيد أو سيئ، ولكن مسرحيات زياد الرحباني لم تصوّر يوماً وتعرض خارج خشبة المسرح وبالتالي افراج زياد عن هذه الأشرطة هو بمثابة معجزة. واللافت أيضاً أنه وقبل بدء عرض الفيلم في الصالات بدأ الحديث عن بيع التذاكر في "السوق السودا" ابتداء من 30 دولار وصولا إلى أرقام خيالية. وهنا لا بد من التأكيد على أن اسعار البطاقات لمشاهدة هذا الفيلم ستكون عادية وكباقي الأفلام المطروحة في الصالات. وأكدت لنا الجهات المنتجة للعمل أن الفيلم سيبقى في الصالات طالما هناك اقبال جماهيري عليه.

غياب زياد الرحباني أسوأ ما حصل في الافتتاح

وكان أهل الصحافة والسياسة والفن على موعد مع عرض خاص وأولي لفيلم "بالنسبة لبكرا شو؟" في سينما سيتي في أسواق بيروت. زحمة مدعوين يجمعهم حلم واحد وهو رؤية أبطال المسرحية الذين كانوا منذ أكثر من 3 عقود صوراً وأشكالاً في خيال الجيل الجديد الذي سمع المسرحية ولم يتسنَّ له مشاهدتها.
الجميع كان يتمنى حضور زياد، رغم أن خبر غيابه سرّب وقبل ساعات من بداية الحفل وذلك من دون تقديم أي تبرير يذكر. فهل تهرّب زياد من أسئلة الصحافيين الذين بالطبع سيسألون عن سبب غياب زياد عن المسرح وقبوله بإنجاز هذا الفيلم وغيرها من الأسئلة التي يحق لنا الحصول على اجاباتها لأننا نحب زياد ونتمنى عودته الفنية "العبقرية".


تفهموا جودة العمل... فتستمتعون به !

لم تخفِ الشركة المنتجة على أحد أن جودة الصورة والصوت في الفيلم ليست عالية وسليمة وذلك يعود إلى طبيعة التسجيلات التي كانت بحوزة زياد. وقالت الشركة أمام الجميع وحتى في مقدمة الفيلم :"ما تشاهدونه هو مقاطع مسرحية تم تصويرها على مراحل قبل نحو 35 عاما، بهدف مساعدة المخرج والممثلين خلال التمارين ولم يكن مقرراً عرضها أبداً... حرصنا في هذه المغامرة على انجاز المهام كما يجب، اذ ما من تفصيل الا وطرحنا جميع احتمالات معالجته واخترنا منها ما نعتقد انه يعود علىالعملبأفضل نتيجة ممكنة. لذا نرجو ان تغضّوا النظر عن بعض الثغرات التي لم يكن ممكنا تلافيها، كالتغييرات المفاجئة في ملابس الممثلين والاقتطاع الطفيف الذي طال بعض المشاهد وغيرها من العوائق التقنية التي فرضتها طبيعة الأشرطة الأصلية. نتمنى ان تستمتعوا بهذه المسرحية بإعتبارها قيمة مضافة للثقافة في لبنان وثروة إنتظرناها عقوداً".

حضور فني خجول ومشاركة سياسية لافتة

دعوات كثيرة وزعت على أهل الفن والاعلام والسياسة ولكن يبدو أن المنظمين أرادوا حصر الحضور بعدد معيّن وبالتالي غابت أسماء فنية كثيرة عن حفل الافتتاح لم يعرف سببها الحقيقي. هل الجهة المنظمة لم تتوسع بدعواتها للفنانين أم أن الاعتذار الجماعي كان السبب الحقيقي ؟ ولكن بالتأكيد هل كان أحد ليفوت مشاهدة هذا العمل خصوصاً اذا كان فناناً ؟ موقع "الفن" كان حاضراً والتقى نجوم الفن الذين حضروا وأبرزهم بطل المسرحية في نسختها الأصلية "غازاروس ألطونيان" والنجمة كارمن لبس وغيرهما من الفنانين اللبنانيين .

غازاروس ألطونيان (الذي قدم دور "الخواجة عدنان" في المسرحية)

لقد اعادني هذا العمل 35 سنة إلى الوراء .. كأنني عدت شاباً .. أنا سعيد جداً لأن الجيل الذي كان يسمع المسرحية سيشاهدها بالصورة في السينما.

الجيل الجديد سيتلقى المسرحية بنفس الطريقة التي تلقاها سابقاً الجمهور .. لأن العمل يبدو وكأن زياد كتبه بالأمس لأن نفس الأمور تحدث ونفس الشعور والعيشة نفسها من 30 سنة تتكرر.

الممثلة كارمن لبس
هل تعتقدين أن لبنان توقف في مكانه منذ 38 سنة عندما عرضت مسرحية "بالنسبة لبكرا شو؟"
أنا اعتقد ان لبنان لم يتطور منذ ستينيات القرن الماضي ولا يزال منذ ذلك الحين كما هو. والمسرحية لا تزال موجودة في ذاكرة العالم لأن كل تفصيل فيها لا يزال حتى اليوم ، الجميع يهاجر ، المواد الأولية غير موجودة ، وللأسف كل التفاصيل التي تحدّث عنها زياد في تلك الفترة لا تزال موجودة حتى اليوم.

المسرحية تبث عبر اثير الراديو منذ فترة طويلة، ولكن كيف سيتلقفها الجمهور الجديد اليوم عندما يشاهدها للمرة الاولى؟
هناك من قال لي بأنه لا يرغب بمشاهدة الفيلم، فأجبته بأن المسرحية لم يُعد تقديمها أو تم تصويرها من جديد انما هي نوع من العودة إلى العام 1978 بكل تفاصيلها وهذه لذة العمل.

تحدثنا عن ايجابيات المسرحية ولكن تحويلها إلى فيلم سينمائي ماذا افقدها؟
اولا المسرحية صورت "Super 8" ولم تصور حينها بطريقة حرفية. اعرف ان هناك مقاطع كثيرة ستتغير فيها الملابس في نفس المشهد مثلاً وهذه الأمور "مش حلوة" ولكن في نهاية الامر أنت لا تشاهد فيلم سينما بل انت تأتي لتستعيد ذاكرة من 38 سنة.

الممثلة دارين حمزة
بعد سنوات على مسرحية "بالنسبة لبكرا شو؟" ماذا تعني لك مشاهدة هذه المسرحية على الشاشة الكبيرة؟
أنا متحمسة جداً لأنني، وبعدما كنت اسمع المسرحية واتخيّل شخصياتها، سأشاهد كيف كانت المسرحية آنذاك وكيف كانت الاجواء وكيف كان يؤديها الممثلون وكيف كان شكل كل ممثل ... هذه المسرحية بذاكرة الشعب ، وبالنسبة لنا زيادة الرحباني ظاهرة وممكن أنه الوحيد يمكن الذي مسّ الشعب إلى هذا الحد ربما لأنه يتكلم بلسانهم وعنهم وبصراحة مطلقة.

اذا شاهدنا العمل اليوم سنلاحظ أن الأمور لم تتغير، هل هذا يعني أن زياد "سابق عصره" أم أن لبنان لم يتطور منذ ذلك الحين؟
الامران معاً .. زياد كان سابق عصره أكيد . عندما كان الجميع مغمّساً بالدم والحقد والطائفية ، كان قادراً على أن يكون فناناً حقيقياً ويخرج من الواقع ويراه كفنان وينتقده. وللأسف تبيّن لنا اننا لا نزال في نفس المكان لان الشعب ليس جاهزاً بعد.

كيف سيتلقى الجيل الجديد هذه المسرحية بعد سنوات على عرضها؟
من جهتي انا ادعم هذا العمل وأطلب من جميع معجبيني الذين يحبون السينما ان يشاهدوا هذا العمل لأنه على الجيل الجديد ان يعلم ان لديه قيمة فنية كبيرة اسمها زياد الرحباني. اعتقد أنهم سيفهمون عليه وسيحبونه كثيراً لأنه منهم ويتحدث بعفوية وبلغة الشارع. ونحن كفنانين علينا أيضاً ان نشجع الجيل الأصغر على مشاهدة هذا العمل.

المخرج سليم الترك

بداية، ما رأيك كمخرج بنقل عمل مسرحي مصور إلى الشاشة الكبيرة بغض النظر عن المسرحية وإسم صاحبها، وما مدى صحة هذه الخطوة سينمائياً؟
يفقد العمل الكثير من رونقه لأن العمل مسرحي وجد لكي تشاهده مباشرة على المسرح. وعندما تأخذ العمل المسرحي إلى السينما يفقد ايقاعه. بالمطلق هذه الخطوة ليست صحيحة ولكن هنا الأمر يختلف. هنا الأمر إستثنائي. هذا العمل توثيقي لأنك تشاهد عملاً حفظ في الذاكرة وما يحدث اليوم هو نوع من توثيق هذه الذاكرة.


هل سيفهم "جيل التكنولوجيا" رسائل زياد الرحباني في هذا العمل؟
لطالما قالوا عن زياد انه "سابق عصره" ومسرحياته فيها نظرة للمستقبل، ولكن في نفس الوقت أنا أعتبر أننا نحن أيضاً رجعنا 35 سنة إلى الوراء. اليوم أحد اهم الاعمال المسرحية التي عرضت في لبنان سيتسنى للجمهور والجيل الجديد مشاهدتها على الشاشة الكبيرة.

الممثلة بياريت القطريب
الجيل القديم سيسترجع ذكريات كثيرة عند مشاهدة هذ العمل ، أما الجيل الذي لم يشاهد المسرحية، عندما عرضت المسرحية لم أكن خلقت بعد، فسمعتها على الراديو لهذا اشعر بأنها ستكون تجربة مميزة جدا لأننا سنشاهد الممثلين الأصليين بعد أن سمعناهم لفترة طويلة. زياد الرحباني عبقري و"ليجي زياد تاني صعب جداً".


الممثلة برناديت حديب
هذه المسرحية مثل التراث بالنسبة لنا "على قد ما سمعناها وعلى قد ما كانوا يكرروها صوت الشعب متلها متل كل مسرحيات زياد الرحباني التي وعينا عليها وربينا عليها".
لدي حشرية بأن أرى كيف كان الممثلون الأصليون يمثلون على المسرح ، وحتى أنني أرغب برؤية كيف كان زياد على المسرح.
بالنسبة لي هذا العمل يشكل أرشيفاً مهماً جداً لأن هذه المسرحيات لها قيمة فنية وجماهيرية وشعبية ، بالتالي من الجميل ان نرى مسرحيات نشأنا علينا ونحن كممثلين قلنا بمكان ما "يا ريت كان عنا فرصة نكون عم نمثل فيها".

المخرج إيلي حبيب
المسرحية مبنية على انها مباشرة وتحويلها إلى فيلم سينمائي يفقدها الكثير، أضف أن المسرح مبني بشكل أساسي على التفاعل مع الجمهور، ولكن هذه المسرحية بالذات "أكتر ناس جايي تشوفها حشرية لتشوف الممثلين يلّي رسموهن براسهن" على مدار 30 عاماً وهذا الأمر سيف ذو حدين لأنه "ممكن كتير يعجبك الممثل أو ما يعجبك".
هذا العمل أكيد شيء جميل جداً لأن كل الاجيال التي مرت والتي لم تشاهد المسرحية ، أصبحت قادرة على مشاهدة العمل خصوصاً انها مطبوعة بالذاكرة .. "وكتير حلوة هل فكرة".
أنا من الأشخاص الذين سمعوا المسرحية على الراديو لأنه عندما عرضت كان عمري 8 سنوات وأنا سعيد جداً لأنني سأشاهد الممثلين.

الممثل مجدي مشموشي
زياد علمنا "الثورة" نوعاً ما من خلال أعماله والمسرحيات التي قدمها والتي بقيت في الذاكرة، وهذه الأعمال هي ذكريات الحرب الجميلة لأنه كان هناك في الحرب أشياء جميلة وكانت متنفساً لنا" ومنها مسرحيات زياد.
من الرائع أن أشاهد هذه المسرحية التي لم يتسنَّ لي مشاهدتها وخصوصاً على شاشة السينما لأن زياد كان في مسرحه مطلعاً حياتياً وإجتماعياً وإقتصادياً بشيء يشبه ما نمر به اليوم. "مش مهم هذا العمل يجيب إضافة لشيء..المهم أن تستمتع بشيء تحبه".

محمد حمزة – ممثل شركة "MMedia" لصاحبها إيلي خوري.
في عام 1978 لم تصوّر هذه المسرحية بهدف نشرها، بل تولّت الراحلة ليال شقيقة زياد تصوير المسرحية يومياً من أجل التمارين. وقد صورت المسرحية أكثر من مرة وما سنشاهده في السينما هو أفضل ما تم تصويره في كل فترة العرض . لقد عملنا كثيراً على الصورة والصوت في الفيلم لكي يظهر بالطريقة التي ستشاهدونها ، لأن التقنيات والجودة في الماضي لم تكن كالتي لدينا اليوم.
أتمنى من الجمهور ان يغض النظر عن بعض الأمور التي ستمر في الفيلم.
لقد كان من الصعب جداً اقناع زياد بهذا المشروع ولكننا نجحنا في النهاية. لم يكن هناك مغريات وعروضات لأن زياد بالأصل لم يكن يصور المسرحية لعرضها.
هدفنا من هذا العمل كان "عاطفياً" فنحن نعلم جيداً أن الجمهور يريد أن يشاهد هذه المسرحية وغيرها "لأنو في كتير ناس سامعه المسرحية ومش حاضرتها".
هدفنا في شركة "MMedia" الحفاظ على هذا التراث اللبناني القديم والجديد ليصبح بمتناول الجميع رقمياً.

شخصياً أن ربيت على هذه المسرحية وكنت أسمعها على شريط كاسيت ايام الحرب ، كنت أتخايل الممثلين و"بس شفت العمل كانت صدمة حلوة ودمعت".
لدينا مشاريع كثيرة في الأيام المقبلة وسيكون لدينا تعاون آخر مع زياد في مسرحية "فيلم أميركي طويل".

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاًإضغط هنا