تأكيداً على مقولة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن أن أهمية الإبداع الهادف، تتجسد في ما له من أثر في بناء الأمم وارتقاء الشعوب، وبأن الكلمة الصادقة لها مسؤولية كبيرة وأثر بالغ في ارتقاء الفكر وتحفيز الشعوب على الإنجاز.

. كان العرض التاريخي الفارس في دبي، زاخراً بما جاء في مضمون المقولة.

علامة فارقة في تاريخ المسرح الغنائي أبدعها المخرج مروان الرحباني بإدارته لمسرحية الفارس على خشبة "براند دبي"، التي تعتبر الذراع الإبداعية للمكتب الإعلامي لحكومة دبي المتعاونة مع الرحابنة للإنتاج، وقد إنطلقت مساء أول من أمس وتستمر لثلاثة أيام أخرى.

العرض الأكبر الفارس، وبحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، ونائب رئيس الدولة، رئيس الوزراء، ومعه الشيخ محمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران والرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، وعدد من الشخصيات البارزة في الدولة، وبحضور أكثر من 2000 شخص، قُدّمت على طبق من إبداع، تألق فيها الفنان اللبناني غسان صليبا، والفنانة اليمنية بلقيس، في حضورها الأول في مجال المسرح الغنائي.

وإستند النص في العرض على أشعار للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ورأى فيها الرحباني أنها أشعار تمثل القيم العربية التي يجب الأخذ بها، إذا أردنا بناء مجتمع عربي قادر على تحقيق تطلعات الناس.

وقال :"في الفارس تتبلور صفات الفارس الحقيقي الواردة في أشعار صاحب السمو، وهي صفات نحتاجها في هذا الزمن".

ينما رأى أن العرض ككل مثّل القيمة الحقيقية للمسرح الغنائي، وأضاف، بشهادة النقاد، الكثير لهذا المجال الذي تم إغفاله في كثير من المواضع العربية في السابق.

ويؤدي الفنان غسان صليبا شخصية الفارس في العرض الأخاذ، ويقدم الدور غنائيا، كما يحلو له كفنان، فأبهر الحضور ونال من التصفيق الكثير.

ورأى صليبا أن أشعار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كفيلة إذا ترجمت على أرض الواقع، بأن تحقق التوازن بين الموجود والمطلوب في أي مجتمع عربي.

وعبّر عن اعتزازه بتقديم هذه المسرحية، متمنيا أن تعمم هذه التجربة في كل بلد عربي، منوهاً بأهمية الإخراج، وكذلك وجود بلقيس في أولى إطلالاتها في المسرح الغنائي.

وإعتبر تفاعل الجمهور مع التفاصيل علامة مميزة أعطت للعمل إضافة أخرى، مؤكدا أنه كان على ثقة مسبقة بأن النجاح سيكون حليف هذا العمل.

فيما تؤدي بلقيس دور شموس "البطولة النسائية في العرض، وتظهر في المسرح الغنائي لأول مرة، لكنها بدت وكأنها خاضت تجارب كثيرة من ذي قبل".

وبدا أن البروفات التي سبقت هذا العرض "الرسمي" كانت مثمرة وجدية، لكون بلقيس ظهرت مع صليبا وكأنهما ثنائي مسرحي، مضى على تعاونهما أكثر من عشرين عرضا.

ورأت بلقيس، في تصريحاتها، أن السعادة تغمرها بعقلها وروحها لكونها في أولى تجاربها المسرحية الغنائية، غنت أمام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ومن أشعاره.

وقالت :"حضور سيدي صاحب السمو شرف لي وفخر عظيم، ولا يوازيه قيمة أخرى أو شرف آخر".

وعن العرض، قالت :"بصراحة المسرح صعب وقاس جداً، فما بالك إذا كان غنائياً وأظهر فيه لأول مرة؟؟.. برغم ذلك استطعت من خلال تعاون المخرج والزملاء والقائمين على العمل أن أتغلب على هذه الناحية، وظهرت بالمستوى الذي يتطلبه عرض تاريخي ومؤثر كالفارس".

أما السيدة منى المري، المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي فعبرت عن جملة من الأمور الخاصة بالعرض المسرحي، كيفية قيام هذه الملحمة الشعرية.

وقالت :"الملحمة مستوحاة من أشعار سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله ورعاه، وفيها ترسيخ لمكانة دبي كوجهة رائدة للإبداع، ونقطة انطلاق للثقافة العالمية نحو مختلف دول العالم".

وتابعت: "المسرحية رسالة حب ومحبة من دبي لكل الجنسيات الحاضرة في دبي، ولدينا في دبي أكثر من 200 جنسية، وبالتالي فإننا ومن خلال المعاني الإنسانية الرفيعة النابعة من ثقافتنا العربية وأصالتنا الإسلامية السمحة، نوجه خطابا إلى العالم من خلال الجنسيات الممثلة هنا في دبي".

وختمت: "كانت الاستعدادات مكثفة وجدية وعلى قدم وساق للوصول إلى عرض يخلد في التاريخ، لا أن يكون عرضا مرحليا ينساه الناس بعد فترة، فالمعروض فيه يؤسس لغد مشرق، ولا يحاكي اليوم وحسب، وكل هذا مختلف عن سواه من العروض السابقة في تاريخ المسرح".

يشار إلى أنه تم توخي ترجمة العرض للغة الإنكليزية، كي يسهل تفاعل كل جنسيات العالم الموجودة في دبي، مع العرض، وهذه تحصل لأول مرة على مستوى العرض الغنائي في المسرح على مستوى العالم العربي كله.

ويعتبر التعاون هذا، الثالث بين دبي والرحابنة، وذلك بعد الإبداع الأول في العام 2001 في مسرحية "أبو الطيب المتنبي" والتعاون الثاني في مسرحية زنوبيا في العام 2007.

ويستمر العرض بشكل يومي في براند دبي "قاعة الشيخ راشد" في مركز التجارة العالمي في دبي، وحتى التاسع من الشهر الحالي.