في الوقت الذي تنهمك فيه بعض المهرجانات اللبنانية الدولية بالبحث عن اسماء عالمية لاحياء الحفلات على مسرحها، وفي ظل اتجاه البعض الآخر إلى تجاهل الفنانين الكبار واعتمادهم على أصحاب المواهب والقدرات المحدودة، هناك من اختار، في البقاع اللبناني على الحدود مع الدولة السورية "الملتهبة"، ان يعيد امجاد التاريخ وان يحييه مجدداً.

فبعد سنوات عديدة من التعثر، قررت لجنة مهرجانات بعلبك الدولية ان تعود إلى أحضان معبد "باخوس" وان تقدّم إلى جمهور المهرجان باقة من اجمل الحفلات التي من المتوقع ان تشكل عودة قوية لهذا المهرجان العريق.

محطة مع الطرب الأصيل

استقبل مهرجان بعلبك على مدار السنوات الطويلة التي نظّم فيها، اهم واكبر نجوم الغناء كوديع الصافي والشحرورة صباح والسيدة فيروز وكوكب الشرق ام كلثوم ووردة الجزائرية وغيرهم ...

وبعد غياب 13 عاماً عن الحفلات في لبنان، عادت "مطربة الجيل" السيدة ميادة الحناوي إلى لبنان ،وليس إلى أي مكان فيه، عادت إلى "بعلبك" القلعة الصامدة والشامخة التي ترفض الخنوع او الخضوع.

عادت ميادة الحناوي لتنعش ذاكرتنا بأروع الأغاني التي عشقها العالم العربي والتي تناقلتها الأجيال كأبرز مواد الارث الثقافي الفني العربي، منها "كان ياما كان"، "نعمة النسيان"، "انا بعشقك"، "الشمس"، "هي كده الليالي" ...

ميادة الحناوي صوت اتعبه العمر لكن لم تخنه الذاكرة

اعتلت ميادة الحناوي المسرح فكان في استقبالها جمهور كبير أتى من مختلف المناطق اللبنانية ليسمع "الطرب الأصيل" من صوت شهد له الزمان على انه صوت قد لا يتكرر.

وقفت المطربة السورية وغنت وتمايلت من دون ان تفقد تلك الهيبة والهالة التي كانت تميّز مطربي العصر الذهبي.

كانت تشعر بمسؤولية كبيرة تجاه هذا الحفل. ربما شعرت برهبة الوقوف مجدداً أمام الالاف الذين يصفقون ويغنون معها، الذين يقدرون القيمة الفنية للأرشيف الغنائي الذي قدمته خلال مسيرتها الفنية.

ميادة الحناوي لم تتحدث بالسياسة ولم ترسل أي رسالة خاصة. بل اكتفت بالقول :"أهلا وسهلا بك يا شعب لبنان هذا البلد العظيم. وبهذه المناسبة الجميلة أحب أن أرحب بمعالي الوزيرة ليلى الصلح حمادة وكل المسؤولين المتواجدين وبكل الحضور".

طبعاً تعب السنوات أرخى بظلاله على صوت ميادة لكنه لم يَنل من بريقها ونجوميتها. فوقفت واثقة الخطوة على المسرح ، غنّت وتألقت. وعلى الرغم من مرور السنوات إلا ان صوت ميادة لم تخنه الذاكرة، فكانت تغني باتقان مع الموسيقى والاهم أنها لم تنسَ كلمات أغنياتها.

المايسترو ايلي العليا يتألق وفرقته الموسيقية

فنانة بحجم السيدة ميادة الحناوي بحاجة إلى فرقة موسيقية جيدة ومحترفة لتعزف أجمل الألحان التي نظمها عباقرة الموسيقى في العالم العربي. واختيار المايسترو ايلي العليا وفرقته الموسيقية لهذه المهمة كان صائباً فقد تألقت الفرقة قيادة وعزفاً.

تكريم ميادة الحناوي في مدينة الشمس

كرّم رئيس بلدية بعلبك، باسم اهل المنطقة واللبنانيين، الفنانة الكبيرة ميادة الحناوي، بحضور الوزيرة ليلى الصلح حمادة، محافظ منطقة بعلبك – الهرمل، رئيسة مهرجانات بعلبك الدولية السيدة نايلة دو فريج.

فوضع رئيس البلدية عباءة سوداء صناعة بعلبكية أصيلة على كتفيها وقدم لها أيضاً باقة ورد. وألقى كلمة قال فيها "السيدة ميادة الحناوي وجهت تحية إلى الشعب اللبناني، ونحن بدورنا من خلالها نوجه التحية للشعب السوري الشقيق وللدولة السورية".

كواليس ومتفرقات:

شهد هذا الحفل إقبالاً جماهيرياً كبيراً فغصت المدرجات بعشاق الطرب الأصيل الذين راحوا يرددون مع الحناوي أغنياتها.

كان هذا الحفل مميزاً للمهرجان والمنطقة بحيث شهدت أسواق بعلبك ومطاعمها حركة مميزة في تلك الليلة.

رغم تحضيره وتجهيزه، لم يفتتح الحفل بالنشيد الوطني اللبناني.

انتهى الحفل بشكل مفاجئ على الرغم من أن الحناوي كانت ستغني المزيد خصوصاً بعض الأغاني التي طلبها منها الجمهور.

فور انتهاء الحفل وانتشار الاخبار عن النجاح الساحق الذي حققه، راح البعض يحاول تشويه صورة الفنانة والحفل لأسباب مجهولة ربطها البعض بخلاف الحناوي مع أصالة نصري.