شمعة جديدة تنطفئ ليصبح العالم أكثر حزناً، هو الممثل المصري نور الشريف النجم الذي اخترق قلوبنا من دون إستئذان، وسيبقى يطل علينا من فينة الى اخرى بأعماله وأرشيفه ليبلسم جراحنا من جراء غيابه عن جمهور الذي أحبه وأخلص له.

اسمه الحقيقي محمد جابر محمد عبد الله، أما هوايته الأم فكانت كرة القدم، حيث احترفها، ولعب لأكبر أنديتها المصرية وهو فريق الزمالك، لكن موهبته الفنية وحبه للتمثيل سرقاه وهو في أوج عطائه الرياضي، حيث اتجه للتمثيل بعد تعرفه على الفنان أسعد أردش الذي ساعده ليجسد دوراً صغيراً في مسرحية "الشوارع الخلفية".

ثم اختاره المخرج كمال عيد ليمثل في مسرحية روميو وجولييت. وأثناء بروفات المسرحية تعرف على الممثل المصري عادل امام الذي قدمه بدوره للمخرج حسن الإمام ليظهر في فيلم "قصر الشوق" ويحصل عن دوره على شهاده تقدير كانت أول جائزة يحصل عليها في حياته الفنية.

لم تقف أحلام الشريف عند الموهبة، بل أثقلها بالعلم والقواعد المنهجية حيث تابع مشوراه العلمي الى أن حصل على دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية بتقدير "امتياز" وكان الأول على دفعته عام 1967.

بدأ نجم الشريف يكبر، ليصبح هدفاً لكل شركات الإنتاج المصرية وغير المصرية، فشارك في المئات من الأعمال السينمائية، وتنقل بحرا وجوا بين لبنان مصر وأوروبا وبدأ يجسد بالشخصيات التي أوكلت إليه التي لم تكن مصرية فقط، حيث جسد شخصية الرسام الكاريكتوري الفلسطيني ناجي العلي، وشخصيات عربية وتاريجية في مسلسلات كهارون الرشيد، وعمر بن عبد العزيز وغيرهما.

نال الشريف خلال مشواره الفني العديد من الجوائز والأوسمة حيث حصل على جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم "ليلة ساخنة"، وجائزة مهرجان "نيودلهي" عن فيلم "سواق الأتوبيس"، كما حصل على أربع جوائز عن فيلم "يا رب توبة"، وجائزتين عن فيلم "الشيطان يعظ"، وثلاث جوائز عن فيلم "قطة على نار" من جمعية كتاب ونقاد السينما وجمعية الفيلم.

أما علاقته ببلد كلبنان فلم تكن عابرة، حيث جسد العديد من الأدوار في أعماله على أرض لبنان، كما شارك مكرماً في العديد من المهرجانات اللبنانية الكبيرة كحفل الموريكس دور الذي كرمه في العام 2001 عن فيلمه مع بوسي "حبيبي دائما"، وعام 2010 حيث كان مكرماً من بين الشخصيات الأهم في العالم العربي، كذلك اجتمع مع اسماء لبنانية كبيرة وغزل معها علاقات قوية، كالأديبة والمؤرخة مي المر التي وصفها بالإمرأة العظيمة، واتفقا على مشروع ثنائي يجمعهما الا أن الأمور لم تصل الى النهاية السعيدة حينها.

بعيداً عن الفن يُضرب بالراحل نور الشريف وزوجته بوسي الأمثال بمحبتها وإخلاصهما لبعضهما على الرغم من انفصالهما عن بعضهما بعد 30 سنة من العيش سوياً، لكن الشريف كما بوسي ظل في كل حواراته يؤكد مدى محبته لها، ومدى اخلاصه لعشرتهما الطويلة، فظهرا سوياً بالعديد من المناسبات وكأنهما أسعد زوجين في العالم، كما كانت بوسي خير سند له في رحلته العلاجية التي تعرض لها قبل سنوات قليلة من وفاته، الى أن عادا عن انفصالهما قبل زواج ابنتهما سارة.

لم يسلم نور الشريف من الشائعات على الرغم من كل الإحترام الذي كان يتمتع به بالتعامل مع الآخرين، ومن تلك الشائعات ما وصلت الى المحاكم حيث صدرت احكام برأت الشريف منها، لكن قبل ذلك كان جمهوره مقتنعاً بأخلاق ذلك النجم الذي رحل عن عالمنا اليوم ليبقى ضيفاً علينا بأعماله التي أحببناها وتابعناها، ولا شك بأن دموعنا ستخوننا عندما نشاهدها كل مرة.

من ابرز أعمال الراحل السينمائية كانت: دمي ودموعي وابتسامتي، السكرية، أشرف خاطئة، السلم الخلفي، الرغبة والضياع، كلمة شرف، الخوف، زواج بالاكراه، ليلة البيبي دول، مسجون ترانزيت، عمارة يعقوبيان، دم الغزال، نسور المجد وغيرها..

ومن المسلسلات: مارد الجبل، ثمن الخوف،الحرافيش، ملحمة عاشور الناجي، هارون الرشيد، عمر بن عبد العزيز، لن أعيش في جلباب أبي، عائلة الحاج متولي، العطار والسبع بنات، رجل الأقدار (عمرو بن العاص)، عيش أيامك، حضرة المتهم أبي، الدالي، متخافوش، الرحايا، خلف الله.. وغيرها.