سام كيال، المخرج اللبناني الذي لمع اسمه في المملكة المتحدة قبل أن يعود إلى وطنه الأم، تمكن حتى اليوم من ترسيخ تواجده على الساحة الفنية وتكريس نجاحاته بعد أن وقّع عشرات الأعمال المصوّرة والإعلانات التلفزيونية.

"الفن" إلتقى كيال أثناء إشرافه على عملية المونتاج الخاصة بفيديو كليب أغنية "يا قدس" للفنان معين شريف وكان هذا الحوار .

عدت إلى لبنان عام 2007، ماذا تغيّر في شخصيتك منذ ذلك الوقت؟
ببساطة، بت أعلم أكثر ما تتطلبه الساحة الفنية سواء في لبنان أو العالم العربي.


أتقصد أنك دخلت زواريب الفن؟
نعم، ولن أنفي الأمر، صرت أعرف هذه الزواريب وخفاياها، وعلى الرغم من أنني أتجنّبها أحياناً لأن البعض منها قاتم وشديد الظلمة إلا أنني أترصّد تفاصيلها لأبقى على بيّنة من كل ما يحدث فيها خصوصاً أن في نهاية البعض منها الكثير من الأضواء.


بعد عودتك من لندن بفترة قصيرة شعرت بالتشاؤم وفكرت بالهجرة مجدداً أما يزال هذا الشعور يغامرك؟
لم أكن متشائماً من الفن بقدر ما كنت أشعر بالحزن على الوضع العام الذي كانت تمرّ به البلاد حينذاك، فقد تزامنت عودتي مع أوضاع أمنية سيئة جداً كان يعيشها لبنان وبالتالي كان من الطبيعي أن أواجه صعوبات كبيرة على صعيد العمل الفني. ومع مرور الوقت تمكنت من إثبات نفسي وبدأ إسمي وعملي ينتشران أكثر فأكثر وتعاملت مع عدد كبير من الفنانين الذي كرّر بعضهم التعامل معي أكثر من مرة.

أيهما أهم بالنسبة إليك: الانتشار أم الاستمرارية؟
العمل الناجح والدؤوب والمدروس بدقّة وإتقان إلى جانب الانتشار الصحيح يؤديان إلى الاستمرارية... لكننا في الحقيقة كمخرجين وفنانين في الوقت نفسه نعاني من غياب عنصر هام، وقد يكون الأهم، ألا وهو شركات الإنتاج الضخمة التي كانت تنتج أعمالاً كبيرة وكثيرة وترفع وزراً مالياً ثقيلاً عن كاهل الفنانين. إن تخفيض تكلفة تصوير الكليبات من قبل الفنانين، كونهم يقومون بالإنتاج لأنفسهم وبالتالي يتكبّدون مبالغ مرتفعة مقابل شراء الأغنية وتسجيلها وتصويرها وبثها عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، قد أثّر سلباً على عملنا لأننا نضطر أحياناً إلى إلغاء استخدام بعض الأفكار الإبداعية والجديدة بسبب تكلفتها الباهظة والتي تفوق إمكانيات بعض الفنانين المادية أو المبالغ المرصودة للعمل.

ماذا تخبرنا عن تعاونك للمرة الأولى مع الفنان معين شريف؟ وما الذي ستقدّمه معه ليشكّل إضافة إلى مسيرتيكما؟
هدفي الأول كان تقديم عمل مختلف لا يشبه أياً من الأعمال التي سبق وأن قدّمها الفنان معين شريف، مع معين شريف العمل مختلف ، ولهذا فقد قرّبنا فكرة الكليب من أجواء الأغنية بطريقة مختلفة ومتجددة وبصورة جديدة وستلمسون الأمر لدى مشاهدتكم العمل. هذا العمل ضخم جداً وهو وطني بالدرجة الأولى ولذلك فقد تمّ التركيز على الرؤيا الكاملة للكليب لتكون هي الأساس وليس على معين شريف بالتحديد وذلك بناءً على طلبه شخصياً.


هل اختارك معين شريف لتصوير "يا قدس" كونكما تتفقان من حيث الأفكار والإيمان بالقضية الفلسطينية؟ وهل هذا التوافق يأتي دوماً لصالح العمل؟
مشروع التعاون ليس جديداً لكنه بات واقعاً مع هذا العمل بالتحديد... لا شك بأن التوافق الفكري يخدم العمل ولكن الأمر يختلف هنا فالإيمان بالقضية الفلسطينية لا يتوقف علينا، معين وأنا، وإنما يجب أن ينسحب على العرب ككل ومهما اختلفت أديانهم وطوائفهم ومعتقداتهم فإنها قضيتنا جميعاً. وبالنسبة إلى هذا العمل، فلن أنكر أن إيماننا بالقضية قد خدمنا إلى أبعد حد إذ عملنا جاهدين على الغوص في التفاصيل حتى الأعماق لإيصال الفكرة والهدف إلى الناس بطريقة واضحة ومختلفة ترضينا وترضي الجمهور.

ما هي الصعوبات التي واجهتموها لدى تصويركم في مخيم للفلسطينيين في صور؟
سأقول شهادة حق: إن المواطنين الفلسطينيين الموجودون في مخيم الراشدية إهتمّوا بنا وكرّمونا واستقبلونا بكرم الضيافة وبترحاب شديد، كما قدّموا لنا يد العون... ولكن الصعوبات كانت في تحرّكاتنا على الأرض وتنقّلاتنا إذ أن عملية التصوير تمّت ضمن مساحة لا تتجاوز الكيلومتر الواحد وتحتضن حوالى 40 ألف نسمة فتجمهر عدد كبير منهم حولنا من فرط محبتهم طبعاً.


ولكن ألم يخدمكم هذا الكم من الناس في تصوير المشاهد التي تحتاج إلى أعداد بشرية كثيرة؟
لا، لأن المشاركين معنا كانوا أمام الكاميرا وقد تمّ اختيارهم سلفاً أما من أتحدث عنهم فهم المئات من الذين تجمهروا خلف الكاميرا وأحاطوا بنا.

هل ثمة حادثة معينة تذكرها تمّت خلال عملية التصوير؟
أثناء تصوير أحد المشاهد التي يقوم خلالها معين والشعب الفلسطيني بقطع "السياج" الحديدي في صورة رمزية لكيفية العودة إلى القدس كان من المفترض أن يقوم بعض الأشخاص بضرب السياج بالعصي وتقطيعه بمقصات خاصة تمهيداً لعملية المرور إلا أن المفاجأة كانت بقيام عدد من النسوة بالهجوم والبدء بمحاولة تقطيع السياج بأيديهن ما أدى إلى إصابتهن بخدوش وجروح بعضها عميقة وهذا دليل على مدى إيمانهن بالقضية واندفاعهن لإزالة العوائق التي تحول بينهن وبين أراضيهن ولم يكن الأمر تمثيلاً أبداً خاصة وأن موقع التصوير قريب جداً من الحدود اللبنانية الفلسطينية.


كيف وجدت التعامل مع معين شريف؟ وهل أبدى انزعاجاً من الازدحام البشري حوله؟
كان على طبيعته وبساطته المعهودة ولم يحاول الانزواء عن الموجودين أو إبداء الامتعاض من الزحمة بل على العكس بدا كأنه واحد منهم.

قمت مؤخراً بتصوير كليب للفنان مارك عبد النور وتستعد لتصوير مجموعة من الأعمال خلال شهر رمضان وما بعده. لماذا يكرر معظم الفنانين تعاملهم معك أكثر من مرة؟ بصراحة هل للصداقة دور في الأمر؟
الصداقة هنا ليست الأساس بل يأتي الأمر من منطلق الراحة التي يشعر بها الفنان أثناء التصوير والنتيجة التي يحصل عليها بعد ذلك. لا شك بأن هناك البعض ممن يفضّل التعامل مع مخرج واحد يقدّم له عملاً مرضياً وناجحاً في حين يعمد البعض الآخر إلى التعاون مع مخرجين آخرين بهدف التغيير والتنويع قبل معاودة التعامل معي مجدداً.

ما سرّ زياراتك المتكررة إلى لندن على الرغم من انتقال مركز إقامتك منها إلى لبنان؟
لقد عشت فيها أكثر من 15 عاماً وحصلت على شهاداتي منها واعتبرها بلدي الثاني لذا فكلما سنحت لي الفرصة للسفر أتوجه إليها بهدف الحصول على الراحة والهدوء ومتابعة المؤتمرات والندوات الخاصة بكل ما يتعلّق بميدان عملي.


ماذا أضافت لك شركة Concept 2 Screens التي افتتحتها منذ فترة؟
لقد أمّنت لي ولفريق عملي هوية وأساساً نرتكز إليه في توسيع دائرة عملنا فكما تعلمين إن الأمر لا يقتصر على تصوير الفيديو كليبات وإنما ثمة مشاريع تلفزيونية كبيرة وضخمة يتم التحضير لها ضمن نطاق الشركة.



ما هو جديدك؟
أقوم بالتحضير لتصوير كليبات لكل من النجوم محمد اسكندر، ملحم زين، ألين خلف، مروان الشامي، وابراهيم سعيد.


هل من كلمة أخيرة؟
شكراً لك ولأسرة موقع "الفن" وأتوجه بالمعايدة لكم ولجميع القرّاء بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا جميعاً باليمن والبركات. وسأخصّكم بخبر تحضيري لعمل تلفزيوني ضخم يجمع حشداً من أبرز النجوم وسيشكّل نوعاً من المفاجأة وسأزودّكم بتفاصيله في الوقت المناسب.