لولا نعمة النسيان لكان الإنسان قضى اغلب ايام حياته في البكاء والحزن على اشخاص فقدهم ربما او خسرهم، وعلى ايام راحت من العمر، وعلى ذكرى حب عاش لفترة ومات،
لكن وبفضل هذه النعمة نستمر ونحيا ونتابع، ذكرياتنا تنام فتصحو عند سماعنا مقطوعة موسيقية او اغنية ، تصحو هذه الذكريات المتراقصة على نغمات الحزن والفرح، الضحك والبكاء، السعادة والتعاسة .

21 حزيران يوم ليس بعادي، يوم يجمع في ساعاته ودقائقه ولحظاته الكثير من الفرح، فهو يوم الموسيقى العالمي، هذه اللغة التي توحد الشعوب ، عبرها نمجد الخالق، وعبرها نستعيد مشاهد مرت في حياتنا ، على الرغم من ان كلمة موسيقى هي يونانية الاصل كما يعتقد العلماء الا ان العيد نكهته فرنسية وهو فرنسي الابتكار حيث نجحت فرنسا بتصديره الى العالم، ولبنان واحد من هذه البلدان التي تحتفل به باقامة الحفلات والمهرجانات العامة في كافة المناطق اللبنانية.

ويصادف هذا اليوم أيضاً ذكرى رحيل العبقري عاصي الرحباني، فهو رحل عن عالمنا بتاريخ 21 حزيران من العام 1986، تاركاً وراءه امبراطورية لا تحجبها الشمس بناها مع شقيقه المبدع منصور الرحباني الذي غاب عنّا هو الاخر، حيث شكلا عالمهما الخاص الموقع باسم "الاخوين الرحباني".
عاصي هو توأم الابداع وهو هذا العبقري الذي انطفأ سراجه من 29 عاماً قدم خلالها للفن اجمل الاعمال، فتحول من موظف بلدية الى عبقري عالمي اسمه لا ينطفئ وسيرته لا تموت.

وفي هذا التاريخ يصادف عيد الاب، العيد الحديث الذي يحتفل فيه الناس بتكريم الاب، هذا الرجل الكريم المعطاء الذي يستحق منّا كل تحية وسلام، عيد لانسان افنى حياته وقدم عمره وايامه لعائلته واعطاهم من دون مقابل فكان عيده في اليوم الاول من كل صيف، ربما ليحمينا من حّر الدنيا وظلمها، فكان للاب في عيده يوم من احلى الايام .
ومنّي الى ابي في السماء ارسل احلى الكلام، ربما كلام لا يفيه حقه، فهو رباني على المحبة والخير والاخلاق، وعلى الرضا بقسمتي في الحياة، وهو كان ساعدي القوي في لحظات الضعف، وله مني كل الوفاء.
لكل الآباء نتوجه باحلى الامنيات، ولكل من فقد والده نقول افرح فانت اكتسبت قديساً في السماء.
بين عيد الاب، وذكرى عاصي الرحباني وعيد الموسيقى، القلوب ترقص فرحاً وحزناً كما العصافير تماماً فهي تترنح راقصة مرنمة في كل الاحوال فتظنها تضحك وهي تبكي،او انها تبكي وهي تضحك .