يكفي التحرك بضع خطوات في بهو قصر الفنون بساحة دار الأوبرا بالقاهرة، وتأمل بضعة أعمال في التصوير والنحت لتشكيليين مصريين من أجيال مختلفة لإثارة الدهشة.

فعلى يمين الداخل إلى (المعرض العام)، يقف الفنان رمزي مصطفى البالغ 89 عاماً، بجوار لوحته التي يعطي فيها ستة رجال ظهورهم للمشاهد مع لوحة أخرى أكثر تركيبا وفيها يصور تفاصيل صغيرة عبارة عن أحذية مختلفة المقاسات والألوان، أما لوحة جاذبية سري (90 عاما)، فأقل تركيباً وتشمل تفاصيل منزلية بألوان مبهجة.

ويكسر سمير فؤاد البالغ 71 عاماً، التوقع في لوحته "حصان طروادة" حيث لا يختبئ أحد في تجويف الحصان كما جاء في الأسطورة الإغريقية وإنما يمتطيه فارس ويفاجأ بلوحة "ممنوع الدخول"، وأضاف فؤاد إلى لوحته التشكيلية لوحة تضم عشرة اسطر جاء فيها أن عوليس بطل ملحمة الأوديسة حاول "بكل ما تعلمه من فنون القتال مراوغة نظام التحذير والالتفاف حوله ولكن محاولاته باءت بالفشل، وهكذا سلمت المدينة من هلاك محتوم".

وبدوره قدم السيد عبده سليم تمثال "الكاتب المصري" وهو رمز فرعوني شهير للكاتب الذي يتربع ويمسك لفافة من ورق البردي في حجره ولكنه هنا يرفع يديه عن ركبتيه إلى مستوى الصدر ويمسك تفاحة بكلتا اليدين.

وفي استلهام لأحد مشاهد الزراعة في مصر القديمة يصور أحمد عبد الكريم البالغ 61 عاماً، مشهد الحصاد فيبدو العمل كأنه مزج بين جدارية قديمة ولوحة تصويرية كتب عليها "ازرع قمحك يا مصري".

والمعرض العام الذي افتتحه مساء يوم الأحد وزير الثقافة المصري عبد الواحد النبوي يعطي صورة بانورامية للحركة التشكيلية بمختلف تياراتها وأجيالها في عموم البلاد ويعد محصلة أو حصاداً لعام كامل.

ويشارك في الدورة السابعة والثلاثين للمعرض 235 تشكيلياً في مجالات منها التصوير والجرافيك والخزف والتجهيز في الفراغ والتصوير الضوئي والرسم والخط العربي والكمبيوتر جرافيك وفنون النسيج.

وقال حمدي أبو المعاطي رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة إن لجنة الفرز والاختيار بذلت جهداً كبيراً وفق معايير وضوابط صارمة في سبيل الوصول إلى عرض قوي يليق بالحركة التشكيلية في مصر.

وأضاف في دليل المعرض أن هذا الحدث يضم تجارب إبداعية متنوعة ويقدم "صورة واقعية وصادقة للمشهد التشكيلي المصري، بما يليق بمسيرة حملت منذ بداياتها وعلى مدار أكثر من 100 عام لواء الريادة والتجديد بجرأة ووعي"، حيث تأسست مدرسة الفنون الجميلة في مايو أيار 1908 وبعد عامين أصبحت إدارتها تحت إشراف الجامعة الأهلية التي تأسست أيضا عام 1908.

وقال المنسق العام للمعرض محمد طلعت في الدليل نفسه إن الحركة الفنية المصرية تأثرت بتغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية "فبعد ثورتين كان الفن المصري المعاصر في قلب تحديات كبرى على جميع مستوياته" في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية الحاشدة في شهري يناير/كانون الثاني 2011 ويونيو/حزيران 2013 وما ترتب عليهما من إنهاء حكمي الرئيسين السابقين حسني مبارك ومحمد مرسي.

وأضاف أن الدورة الحالية للمعرض "استثنائية لا تحتفي بالجمال المباشر بمفهومه الكلاسيكي التقليدي، نتمنى عرضاً صادماً صادقاً محركاً لوعي جديد باعثاً للأفكار والاستنباط"، ويستمر المعرض شهراً.