بدعوة من منتدى "شهرياد" أقيمت ندوة حول كتاب "التناص وقراءة النص الغائب في شعر خليل حاوي" للدكتورة نادين طربيه حشاش وذلك في بلدية جونية قاعة المحاضرات .

أدارت الندوة بولين خير الله وكانت كلمات لكل من ممثل وزير الثقافة ريمون عريجي الشاعر نعيم تلحوق ، الدكتور نهاد حشيشو والدكتور لؤي زيتوني حيث أشادت كلماتهم بالشاعر الراحل وبكتاب الدكتورة الحشاش .

وبدورها الحشاش ألقت كلمة وقصيدة وشكرت جميع الحضور على تلبيتهم دعوتها .

موقع "الفن" كان حاضراً في هذه الندوة وإلتقى الدكتورة الحشاش في هذا الحوار .

لماذا إخترتِ الشاعر خليل حاوي لتضعي كتاباً عنه ؟
خليل حاوي بحد ذاته يشكل حالة شعرية وثقافية خاصة ، ومن يطّلع على شعره بنظرة يبحث من خلالها على البعد الدلالي فيه، يكتشف الى أي مدى لديه غنى وكم هو مكتنز للثقافات وللتراث الموجود بلاوعي المجتمعات التي عاش فيها أو التي تعرف عليها أي مثل الحضارتين الكنعانية والبابلية أو حتى الإغريقية ، التراث المسيحي وأيضاً القرآني والتوراتي بمعنى أن هذا الرجل متشعّب.


إلى أي مدى كان صعباً أن تضعي هذا الكتاب ، وكم إستغرق من الوقت والجهد ، وما هي المراجع التي إعتمدتِ عليها ؟
في البداية عندما جئت لأعمل على الموضوع خفت لأن النص الشعري مسؤولية ، هناك عاملان أساسيان ، الأول أن تلتزم بالمنهج الذي تعمل فيه والذي هو ، كما قال الدكتور لؤي زيتوني ، سيميائي موضوعاتي ، وأيضاً فيه تحليلي ، والعامل الثاني هو أن تشعر بالشعر وبتوهج القصيدة ، النقد ليس شيئاً صامتاً هو شيء تتفاعل معه بشكل دائم ، فعندما تتفاعل مع النص يصبح بدوره يعطيك .

هناك أيضاً كتب أساسية جداً وجهتني وساعدتني منها قواميس لها علاقة بالأساطير اليونانية والإغريقية كي أستطيع أن أحدد الآلهة أو الرموز الأسطورية التي تم ذكرها ، أيضاً كتاب "الغصن الذهبي" لجبرا إبراهيم جبرا ، وكتاب "الفداء والإنبعاث" للدكتور لؤي زيتوني ، وكتاب "مع خليل حاوي" لـ إيليا حاوي شقيق خليل وهو نوع من السيرة يحكي عن الشاعر الراحل من منظار شقيقه إيليا ، إضافة طبعاً إلى المجموعة الكاملة لـ خليل حاوي ، وهناك "الأرض الخراب" لـ تي إس إيليوت لأن حاوي كان متأثراً جداً به ، وإطلعت على الفكر الجبراني ، وغيرها الكثير .


ما هي النتيجة التي توصلتِ إليها ؟
بشكل شخصي وهي قناعتي وإقتنعت بها بالفعل بشكل أكبر عندما إنتهيت من الدراسة وهي أن لا إستمرارية حقيقية لنا إذا إنقطعنا عن التراث الإنساني ، نحن بحاجة له لنستمد منه بحيث لا نقول "هذه أساطير ماذا تريدون منها ؟" ، لأن هذه الأساطير أنتجها الوعي الإنساني وعندما أنتجها أصبح هناك تراكمات عبر الزمن ، والعقل في حالة تطوّر والإدراكات أيضاً .

ومثلما يقول كارل غوستاف يونغ تلميذ فرويد "نحن نتوارث نماذج لاواعية ومن ضمنها نماذج ثقافية" ، فالفكرة هي أننا بحاجة لتراثنا لنستقي منه ونتعلم منه ولنأخذ رموزه ونعيد إحياءها لنعلم لماذا إستعملوا "بروميثيوس" وما قصة "سيزيف" ولماذا السندباد البحري وماذا تعني شعلة الأولمب ؟ نحن بحاجة لهذه الثقافة لأنه من دونها ليس لنا إطار .


كيف سنشجع الناس على الأبحاث في وقت لم يعودوا يقرأونبزمن الإنترنت والحروب والإرهاب ؟
مشكلتنا في الأساس هي أننا لا ندرك مسؤولية بناء مجتمع ، من يريد أن يقصف مجتمعاً يقصف الطبقة المثقفة التي فيه ، يقصف الأم ، ويقصف أيضاً النماذج التي فيه ، فحين لا يعود لديك أم ونموذج ومعيار معين عندها أنت تتشرد ، نحن الآن مشردون ، هويتنا ضائعة ، لدينا ضياع وغربة بحالنا بجسمنا وبيئتنا .

لنعرف كيف نبني علينا أن نحدد أولوياتنا كحضارة وذلك ليس فقط أني لبناني وهو عراقي وغيري سوري أو مصري ، نحن عرب بطريقة أو بأخرى ، أنا لبنانية ولدي أيضاً صفة عربية ، فمن واجبنا أن نحيي هذه اللغة العربية مع الصغار ونحاول أن نعلمهم في المدارس وأن يكون هناك مكتبة صغيرة في المنازل لكل ولد وتكبر معه ، نفهمهم أن الثقافة غير الإختصاص الذي هو شيء أنت بارع فيه ولكنه محدود ، في حين أن الثقافة هي التي تعطيك الطابع المميز وتفتح لك الآفاق وذهنك على أبعاد أخرى ، فحن واجبنا أن نبدأ من الصغار ونطلع ، نبدأ من النساء ، من الأمهات ، هذه مسؤوليتنا .


أخبريني عن تجاربك الإذاعية ، ماذا أضفت للإذاعة وماذا أضافت لك ؟
عندما قدمت برنامج "ورد وأكثر" عبر صوت لبنان – الضبية ، نال أصداء قوية جداً لأنه لم يعد أحد يسمع شعراً وموسيقى ، كنت أختار الأغنيات وأختار التيم "العيون والغرام والفراق..." ، فالناس كانوا يفرحون ويتواصلون معي عبر صفحتي على موقع التواصل ، وظنوا بداية أني أحداً كبيراً بالسن ، وعندما رأوني أول مرة أصبحوا يشيرون إلي بدهشة ويقولون "هذه ورد وأكثر" بمعنى كم أنا صغيرة بالسن ، فالفكرة هي أنه لدينا عطش للرقة والعطف والحنان هذا ما نأخذه نحن من الأغنية ، ولكن الناس لا يدركون أن الأغنية أصلها قصيدة والقصيدة لحنت ، فأنت تريد شاعراً في البداية وهو يرى العالم من منظاره الخاص وليس من منظار أحد آخر .
البرنامج الثاني كان "بيئتنا حياتنا" عبر صوت لبنان – الأشرفية مع نقيب الممثلين جان قسيس والممثلة وفاء طربيه ، عرض علي أن أشارك في البرنامج لأن صوتي إذاعي ووافقت خصوصاً أنه مع أسماء كبيرة ، فعندما بدأنا بالبرنامج كنت أظن أنه برنامج عادي وأني أبيع صوتي ، ولكني عدت وتورطت بالمعلومات الثقافية التي فيه والتي هي بكم كبير عن البيئة وصرت أتشوّق لأعرف الحلقة التالية ، قدمنا 30 حلقة وكان برعاية بنك Med، كان برنامجاً ناجحاً جداً والناس أحبوه كثيراً ، تحدثنا خلاله عن الإنحباس الحراري ، المطر الحمضي والحيوانات التي تنقرض ، وخطر إنقراض الموز وكيف يبحثون الآن عن بدائل بيولوجية يركبونها .


لديك ديوان "همسات" وكتاب "التناص وقراءة النص الغائب في شعر خليل حاوي"، ما هو الكتاب الثالث الذي تحضرينه ، وهل يمكننا أن نعتبر أن انتاجك قليل ؟
لا إنتاجي ليس قليلاً ، لا يمكنني أن أقوم بكل هذه الأشياء في نفس الوقت فأنا أم ومعلمة ، وأجريت دراسات عليا وكنت أحضّر أمسيات شعرية وثقافية ، الآن سأركز على الدراسات النقدية والبحثية أكثر ، بدأت حديثاً بدراسة لقصيدة "نوم الأيام" للشاعر نعيم تلحوق من ديوان "أظنه وحدي" ستنشر في مجلة محكّمة وبعدها في مواقع إلكترونية وبمجلات ، كما لدي ديوان "لأن الشمس أنثى" هو جاهز يتطلب طباعة ، وديوان "المرأوية السيابية في أنشودة المطر" لدى الشاعر بدر شاكر السيّاب .