على الرغم من أنه من المبكر الحكم على برنامج "مذيع العرب" الذي عرضت الحلقة الخامسة منه مساء الجمعة، وهي الأولى المباشرة على الهواء وذلك بعيد انتهاء المرحلة الأولى والخاصة باختيار المشتركين، إلا أنه لا بد من القول إن الإنطلاقة جاءت مخيّبة للآمال أو على الأقل لم تكن على قدر التوقعات نظراً لبعض الأخطاء التقنية غير المقبولة أحياناً ولعدم وجود مواهب بارزة لمقدّمين من المفترض أن يحمل أحدهم لقباً هاماً ألا وهو "مذيع العرب".

الأبراشي والزغبي ضيفا الحلقة الأولى

وكان "مذيع العرب"، الذي تتألف لجنة تحكيمه من الممثلة المصرية القديرة ليلى علوي والإعلاميين اللبنانيين طوني خليفة ومنى أبو حمزة ويقدّمه كل من المذيعة المصرية سالي شاهين والممثل السوري قيس الشيخ نجيب ويعرض عبر محطتي الحياة المصرية وأبو ظبي، قد استقبل في أولى حلقات البث المباشر الإعلامي المصري وائل الأبراشي الذي شارك لجنة التحكيم في عملية التصويت للمشتركين وإبداء الرأي والنصيحة لكنه بدا متحيّزاً لأبناء بلده في أكثر من موقف ما أثار حفيظة البعض. في حين حلّت النجمة الذهبية نوال الزغبي ضيفة على الحلقة فتميّزت بأناقتها المعهودة في ثلاث إطلالات مختلفة، حملت إثنتان منها توقيع المصمم العالمي زهير مراد، وأدّت خلالها 3 أغنيات هي "غريبة هالدنيّ"، "ليه مشتقالك"، و"ولا بحبك" التي تعرّضت خلال تأديتها لها على طريقة الـ بلاي باك لموقف غير متوقع إذ توقفت الأغنية فجأة وأعيد بثها من جديد، إلا أن الزغبي وبحكم حنكتها وخبرتها وسرعة بديهتها تدراكت الأمر وتابعت كأن شيئاً لم يكن.

أخطاء بالجملة

وفي الوقت الذي توفّرت في البرنامج عناصر النجاح بمعظمها، سواء من حيث أعضاء لجنة التحكيم الذين يشهد لهم بتمتّعهم بالكفاءة والخبرة والمصداقية وفريق العمل المحترف أو المحطتين العريقتين اللتين تبنّتا هذه "الفورما" المحلية الجديدة، إفتقد "مذيع العرب" أحد أهم أركانه ألا وهو وجود مشتركين واعدين يتمتعون بمقوّمات تبشّر بجيل جديد من المذيعين يبث دماً جديداً في عالم الإعلام، فمن بين 20 مشتركاً لم يشدّ انتباهنا إلا عدد قليل منهم لا يتجاوز حتى أصابع اليد الواحدة وشعرنا لوهلة بأننا أمام ممثلين لا مذيعين!.

ومن جهة أخرى، بدت الأخطاء التقنية مسيطرة ولم يعرف أعضاء اللجنة كيفية وضع العلامات بالشكل الصحيح فأرشدت أبو حمزة زميلتها التي اهتمت بدورها بمساعدة ضيف البرنامج. وبينما كانت علامات اللجنة تثير الجدل بسبب التباين الواضح في عدد منها وحصول بعض المشتركين على علامات تعتبر مرتفعة جداً في هذه المرحلة، تعرّض البعض منهم لمواقف محرجة ومزعجة إذ بعدما أعلن عن فوز أحدهم وتوجهه إلى المكان المخصص للناجحين تمّ استبداله بزميل له، في حين قام مشتركان بتبديل مكانيهما ما أدى إلى تبادلهما النتائج لو لم يستدرك طوني خليفة الأمر ويطلب منهما إلتزام المكان المحدد.

وما لم يره المشاهدون في منازلهم بدا واضحاً وغريباً بالنسبة إلى الحاضرين داخل الستوديو غير المجهّز بطريقة صحيحة، إذ لم يتمّ تدريب المشتركين على كيفية مغادرة المسرح وذلك ببساطة... لأنه لم يكن هناك وسيلة للخروج!. نعم، كان المشتركون الخاسرون يجدون أنفسهم تائهين على المسرح ولذلك فمنهم من كاد يقع ومنهم من كان يلتصق بالكراسي المخصصة للحضور حتى لا تلتقطه الكاميرا إلى حين أن تسنح له الفرصة للمغادرة والتقاط أنفاسه.

مؤتمر صحفي مرتفع الوتيرة

لم تنتهِ الحلقة الأولى إلا بعدما تجاوزت الساعة الواحدة فجراً بتوقيت لبنان... وبينما لم يصدّق بعض الحضور الإفراج عنهم بعد أكثر من 4 ساعات على جلوسهم في أماكنهم إرتأى عدد من الزملاء الصحافيين مغادرة المكان وعدم متابعة المؤتمر الصحفي الذي انطلق وسط اعتراضات كثيرة نتيجة عدم التحضير لمكان خاص لعقده، وتأخّر النجمة ليلى علوي بسبب تغييرها ملابسها ما أدى إلى بدء طرح الأسئلة قبل وصولها، وكذلك ارتفاع وتيرة المواجهة بين اللجنة التي تولّت عملية الدفاع عن البرنامج والمشتركين والصحافيين الذين طرحوا تساؤلات جدية حول صوابية الاختيارات والنتائج. والحق يُقال إن لجنة التحكيم بدت متجاوبة بشكل كبير ومحترف مع أبناء السلطة الرابعة، وجاء ردّ الإعلامية منى أبو حمزة على من يحاول الاصطياد في المياه العكرة بينها وبين الإعلامي طوني خليفة ، ذكياً إذ أكدت بأنه أستاذها، في حين أبدت اهتماماً واضحاً بالردّ على معظم الأسئلة خصوصاً وأن الأخيرة لم تكن بأغلبها موجهة إلى شخص محدد بل كانت شاملة.

في حين تولّى خليفة عملية الرد على السؤال المتعلّق بغياب المرشحين اللبنانيين عن البرنامج قائلاً إن السبب يعود إلى أن البرنامج يعرض عبر محطتين عربيتين وبالتالي غابت الإعلانات الترويجية الخاصة بكيفية الاشتراك عن لبنان ومن علموا بالأمر وتقدّموا إلى البرنامج لم يتمتعوا للأسف بالمؤهلات المطلوبة وإن البرنامج من المفترض أن يعرض في موسمه الثاني على محطة لبنانية ما سيرفع من فرص المشتركين محلياً، وأكد على ضرورة منح البرنامج الفرصة والدعم للإستمرار كونه صناعة محلية ويعتبر خطوة أولى في هذه النوعية من البرامج، كما أشار إلى أنه لم يكن يعلم شيئاً عن البرنامج إلا منذ فترة قريبة وأنه انضم إليه مؤخراً بعدما تردد إلى مسمعه أن الإعلامي جورج قرداحي سبق وأن اعتذر عن المشاركة.

أما موقع "الفن" فكانت له مداخلة لفت من خلالها إلى مدة البرنامج الطويلة على الهواء ما قد يتسبّب للمشاهد بالملل ويدفعه إلى تغيير المحطة، كما أنه أمر صعب على أعضاء لجنة التحكيم أنفسهم نظراً لاضطرارهم للبقاء في أماكنهم طيلة العرض المباشر. ومن ثم طرحنا سؤالاً على النجمة ليلى علوي حول أن الممثل الحقيقي يعتبر فاشلاً إذا ما شعرنا بأنه يمثل فكيف الحال بالنسبة إلى المشتركين الذين نقلوا إلينا الشعور بأنهم ممثلون وليسوا مذيعين فأجابت بأنها وزميليها في لجنة التحكيم بالاشتراك مع فريق العمل إتفقوا منذ البداية على حسن الاختيار من دون التحيّز لجنسية أو خلافها والجمهور سيحاسبهم على ذلك كون الفائز سيحصل على عقد لمدة 5 سنوات لتقديم برنامج.

مشاهدات:

يبدو أن عرض البرنامج عبر محطتين إحداهما خليجية والأخرى مصرية أدى إلى تضارب المصالح والأولويات، فبعد تلقي الصحافيين لدعوتين مختلفتين تتضمنان موعدين متناقضين للمؤتمر الصحفي بدت السيطرة واضحة لمحطة الحياة التي أعطت الأولوية لمدعويها من الصحافة المصرية في حين اكتفت قناة أبو ظبي بجلب ممثلين عن وسائلها الإعلامية، كما تمّ عرض الحلقة وعقد المؤتمر في توقيت يناسب المصريين في حين يعتبر متأخراً سواء في لبنان أو الخليج.

على الرغم من جمالية ديكور الستوديو إلا أنه لا يتمتع بمقومات السلامة العامة فحيث كنا نجلس مثلاً لا يوجد مخرج طوارئ وبالتالي فإن اندلاع أي حريق صغير، لا سمح الله، قد يتسبّب بكارثة، كما أن سوء تقسيم الممرات أدى إلى سقوط عدد من الحاضرين أرضاً، كما نجا أكثر من زميل من الخطر نتيجة انزلاق قدمه.

بدت إطلالات المشتركين واختياراتهم للملابس غير مدروسة ما يحتّم على القائمين على البرنامج ضرورة الاستعانة بخبراء في الموضة وتنسيق الملابس.

وفي الختام، يبقى أن نقول إن "مذيع العرب" لم يجتز الاختبار الأول المباشر بجدارة وإنما تخطاه بصعوبة فائقة من خلال تدارك نجوم لجنة تحكيمه وضيفيه المخضرمين للأحداث المفاجئة والهفوات المتعددة وبمجهود يُحسب لفريق العمل الذي يتألف من نخبة من صنّاع العمل التلفزيوني في لبنان وعلى رأسهم المخرج المبدع باسم كريستو.