يواصل مهرجان البستان برنامجه المميز والحافل لهذا العام، وكانت المحطة أمس في كنيسة النبي إلياس للروم الأرثوذكس في الرابية ، حيث قدّمت "جوقة جبل لبنان الأرثوذكسية" والمرتل الأول من اليونان "Evangelos Gkikas" امسية تراتيل بيزنطية "ملائكية" اتسمت بالحرفية والابداع.

الموسيقى البيزنطية

البداية كانت مع تعريف مقتضب عن الموسيقى البيزنطية التي هي موسيقى ليتورجية مقدسة تستخدم في الكنائس المسيحية التي تتبع التقليد البيزنطي "الروميّ". سمّيت هذه الموسيقى بالبيزنطية لأنها عرفت عصرها الذهبي في الامبراطورية البيزنطية (330 – 1453)، ولكن لم تكن وليدة حقبة محددة، فهي صقلت وتطورت على مدى ألفي سنة، منذ ان وضع بيتاغورس فلسفته حول تقسيم الأوتار، حتى الاصلاح الأخير الذي جرى في مدينة القسطنطينية عام 1881.

جوقة جبل لبنان و " Evangelos Gkikas"

ان جوقة جبل لبنان الأرثوذكسية (1997) هي من احدى أهم الجوقات الكنسية في لبنان، تمتاز بخبرة أفرادها وبالحرفية العالية التي تقدّم فيها التراتيل والأناشيد الكنسية.

في هذه الأمسية كانت الجوقة مؤلفة من أصوات ذكورية فقط، حيث غاب العنصر النسائي عنها. وعلى الرغم من ذلك كان تنقّل أصوات أفرادها بين الطبقات العالية والمنخفضة سلساً جداً ومتناغماً، كما تخللت الامسية بعض التراتيل المنفردة "Solo" كانت بالفعل رائعة نقلت الحضور إلى أجواء الزمن الكنسي الذي تقال فيه أكان في زمن القيامة أو أسبوع الآلام.

ولا بدّ من الاشارة إلى أن اختيار كنيسة "النبي الياس" كان اختياراً موفقاً بحيث تمتع الحاضرون بالرسومات الكنسية التي تغطي جدران الكنيسة من جهة، وبأصوات افراد الجوقة و " Evangelos Gkikas" من جهة أخرى.

أما عن ثنائية الجوقة و" Evangelos Gkikas " فيمكن القول إن وجود هذا المرتل اليوناني في لبنان فرصة لا تفوّت. يتمتع "Gkikas" بموهبة وبقدرات صوتية "خاطفة" أنعم عليه الله بها. أداؤه المنفرد أمس أضفى نكهة يونانية أصلية على الأمسية ، وحتى في ارتجاله في احدى التراتيل حطّم المرتل اليوناني كل الحواجز والقيود واخذنا إلى عالم الملائكة حيث لا صوت يعلو على انغام التسبيح والترتيل للخالق.

التراتيل البيزنطية

قدّمت خلال الأمسية 13 قطعة موسيقية مرتلة تنوعت بين العربية واليونانية:

"إني أنا مدينتك" : قنداق عيد البشارة باللحن الثامن قدمه "Evangelos Gkikas" باليونانية. يعود تاريخ هذا النشيد إلى عام 626، نشيد انتصارٍ وتسبيحَ شكرٍ لوالدة الإله التي حمت مدينة القسطنطينية من اعتداء البربر. وهذا القنداق يؤدى في آحاد الصوم وفي خدمة مديح والدة الاله. هو لحن تقليدي مأخوذ عن لمبذاريوس (القرن الثامن عشر) وقدّم خلال الأمسية بحسب آذاء ستانيتساس.

"يا نفسي" : قنداق باللحن الثاني، يقال نهار الخميس من الأسبوع الخامس من الصوم في خدمة صلاة النوم الكبرى، وهو من تأليف القديس رومانوس المرنّم الذي ولد في أواخر القرن الخامس في مدينة حمص في سوريا.

"معنا هو الله": قدّم بالعربية. يرتل هذا النشيد باللحن السادس في خدمة صلاة النوم الكبرى خلال الصوم الأربعيني المقدس، وهو يشكل مثالاً على التسابيح الكنسية المستقاة من العهد القديم والتي ما زالت تستعمل في الخدم الليتورجية حتى اليوم.

"ذوقوا وانظروا" :قدّمت باليونانية. ترنيمة الشركة والمناولة باللحن الأول.

"كلمة صالحة" : هو نشد احتفالي باللحن الرابع يقال في أعياد السيدة والدة الإله وهو عبارة عن آيات من المزمور 44.

"لقد نزعوا عني ثيابي": نشيد احتفالي باللحن الرابع قدّمه "Evangelos Gkikas" باليونانية. ويرتّل هذا النشيد مساء الخميس من الأسبوع العظيم خلال خدمة أناجيل الآلام.

"يا يسوع الحياة / نعظمك" : قدّمته الجوقة باللحن الخامس وبالعربية . وهو مأخوذ من خدمة جناز المسيح.

"كامل الأجيال": (عربي/يوناني) من خدمة جناز المسيح وباللحن الثالث.

"اليوم علق على خشبة": من خدمة أناجيل الآلام نهار الخميس من الأسبوع العظيم وهو لحن مرسل.

"اليوم يوم القيامة / إن الملاك": (عربي/يوناني) من خدمة أحد الفصح باللحن الأول.

"سبّحوه / إن مريم المجدلية": (عربي/يوناني) نشيد تسبيحي باللحن الثالث وهو عبارة عن آية من المزمور 150، يتبعه نشيد باليونانية يخبر عن حدث القيامة.

"المسيح قام": (عربي/يوناني).

"TeRiRem": يسمّى هذا النوع من التراتيل "tererismata" او أحياناً "Kratemata" وهي مؤلفات موسيقية حيث لا تستخدم كلمات لغوية للترتيل مع الموسيقى بل مقاطع لفظية كمثل "Te-Ri-Rem" أو "Ne-Ne-Na". يفسرها البعض على انها تشبه ترانيم الملائكة غير المفهومة عند البشر، والتي سمعها الرسول بولس، والبعض الآخر يفسرها على أنها لغة كونية تنطق بها المياه والشمس والقمر والنجوم والنور والظلمة والمطر والرياح والثلج والصقيع والبرق والسّحاب والأرض والجبال والتلال والأنهار وطيور السماء وكل البهائم وبنو البشر، تسبيحاً لله الخالق.